ضعوط لمنح الحشد الشعبي غطاءً تشريعياً للقتال في سورية

05 مارس 2017
تغضّ الحكومة الطرف عن قتال "الحشد" في سورية (Getty)
+ الخط -
لم تكتف مليشيات "الحشد الشعبي" بسكوت الحكومة العراقية عنها وغض النظر تجاه قتالها في سورية إلى جانب النظام السوري، وتسهيل تحركها من وإلى العراق براً وجواً، بل تسعى للحصول على غطاء رسمي برلماني يمنحها صفة الشرعية كقوة تقاتل "الإرهاب" داخل وخارج البلاد بشكل معلن على الرغم من كل التحفّظات، مستفيدة من نفوذها الكبير داخل السلطتين التنفيذية والتشريعية في البلاد.
وما إن أعلن رئيس الحكومة حيدر العبادي أخيراً عن تنفيذ الطيران العراقي ضربات استهدفت تنظيم "الدولة الإسلاميّة" (داعش) في سورية، وحديثه عن أنّ الإرهاب هو واحد في كل البلدان، حتى بدأ قادة "التحالف الوطني" الحاكم في البلاد، ومنهم قادة "الحشد"، بالتحرّك داخل البرلمان لتشريع قانون يمنح هذه المليشيات الغطاء الرسمي والشرعي في القتال خارج البلاد وتحديداً في سورية، وسط تحذيرات مراقبين من مغبة زج العراق في صراع إقليمي وبشكل رسمي، ما قد يكلّف العراق الكثير ويجعل من الجبهات مفتوحة على بعضها البعض.
وقال أحد أعضاء البرلمان، لـ"العربي الجديد"، إنّ "نواباً من التحالف الوطني بدأوا بالتحشيد داخل البرلمان لتشريع قانون يمنح صفة الشرعية لقتال الحشد الشعبي خارج العراق، وضرب التنظيمات الإرهابية التي تستهدف البلاد، والتي تنطلق من دول الجوار"، موضحاً أنّ "هؤلاء النواب يتحدثون عن بطولات الحشد وإمساكه الحدود العراقية-السورية، وقطع طريق داعش باتجاه سورية، وأنّه من غير المعقول أن يمسك الحدود ويرى بعينه تهديدات إرهابية داخل الأراضي السورية من الممكن أن تضر بالعراق ولا يتم التحرك ضدّها".
وأضاف أنهم "سيجمعون تواقيع لطرح هذا المشروع على البرلمان، معتبرين أنه بما أنّ تنظيم داعش هو العدو المشترك في العراق وغيره، فإنّ التحرّك على هذه الجبهات سيكون للحفاظ على أمن العراق، وضماناً لأمن الحدود العراقية-السورية، وتأمين الموصل بشكل كامل من عودة داعش إليها". وأشار إلى أنّ "هذا التوجه يحظى بتأييد أغلب نواب التحالف الوطني، بينما ستُمارس الضغوط المعروفة على الكتل الأخرى بغية عدم الاعتراض عليه، ليتم جدولته ضمن جدول أعمال الجلسات البرلمانية المقبلة والتصويت عليه".
وتقول الحكومة العراقية إنّ الفصائل التي تقاتل خارج العراق لم تحصل على موافقة حكومية، ولم تطلب ذلك أساساً من الحكومة، مؤكدة أنّها (الحكومة) لا تمتلك الحق بمنع أي جهة من القتال خارج العراق وفقاً للدستور والقانون العراقي.


من جهتها أكدت مليشيا "النجباء"، وهي أحد فصائل "الحشد"، "القدرة الكاملة للحشد لمطاردة داعش والقضاء عليه في أي مكان". وقال المتحدّث باسم المليشيا، هاشم الموسوي، في تصريح صحافي، "إنّنا نمتلك القدرة الكاملة على مطاردة داعش في أي مكان وتحقيق الانتصار عليه"، مؤكداً أنّ "بقاء مناطق آمنة لداعش في الرقة وغيرها من المناطق يضع العراق بدائرة الخطر، ولا يمكن أن يكون بمأمن منه". وشدّد على "أنّنا نرى ضرورة ملحّة للقضاء على داعش في كل شبر من العراق وسورية، لضمان عدم عودته من جديد إلى العراق بأي شكل من الأشكال"، مشيراً إلى "وجود طروحات عدة يتم تداولها لإنهاء وجود داعش في العراق والمنطقة، وأنّ استئصال فكر داعش هو أمر صعب كونه متجذراً في مناطق عديدة من العالم".
بينما قال النائب عن مليشيا "العصائب" حسن سالم، وهي إحدى مليشيات "الحشد"، إنّ "الحشد سيعمل على إيضاح مخاوفه من وجود زمر داعش داخل الأراضي السورية، إلى رئيس الحكومة حيدر العبادي، وإقناعه باتخاذ قرار حاسم بهذا الشأن". وقال سالم، في تصريح صحافي، إنّ "الحشد الشعبي أصبح جزءاً من المنظومة الأمنية العراقية، وهو يتحرّك بأمر مباشر من العبادي، وبالتالي فإن أي قرار يُتخذ بشأن مطاردة داعش في سورية من قبل العبادي سيكون قراراً رسمياً"، مشيراً إلى أن "رؤيتنا تنطوي على ضرورة ملاحقة داعش داخل الأراضي السورية واستغلال حالة الضعف والانكسار الموجودة لدى التنظيم للقضاء عليه بشكل نهائي". وأضاف، أنّ "جهدنا الحالي يركز على تحرير الساحل الأيمن للموصل، وتطهير كل شبر من العراق من داعش، ومن ثم التحرك نحو الجبهات الأخرى".
ورأى الخبير السياسي، جاسم العيثاوي، أنّ "المشروع متوقع طرحه على البرلمان، وسيُطرح بعد انتهاء معارك الموصل، وستعمل كتل التحالف الوطني جهدها على تمريره". وقال العيثاوي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنّ "التحالف في حال لم يستطع الحصول على تأييد الكتل الأخرى بشأن القانون، فإنه سيلجأ إلى التصويت عليه بالأغلبية على المشروع"، لافتاً إلى أن "أطراف التحالف الوطني الذين يملكون 165 نائباً استطاعوا تمرير قانون الحشد، وقد يمرّرون هذا المشروع بالأغلبية، بينما لا تستطيع الكتل المعارضة تغيير شيء، خصوصاً أنّ تلك الكتل اعترضت على تمرير قانون الحشد لكنّها لم تستطع تغيير شيء".
وحذر من "خطورة تمرير هذا القانون، والذي سيكون له تأثيرات سلبية سياسياً وأمنياً على العراق، من خلال تردّي علاقاته في محيطه العربي، فضلاً عن أنّ فتح الجبهات على بعض سيجعل العراق في دوامة خطر التنظيمات الإرهابية"، مؤكداً أنّ "تحركات المليشيات حالياً وقتالها في سورية من دون غطاء شرعي أسهل بكثير من تحركها بموافقات رسمية".
يشار إلى أنّ فصائل مليشيات "الحشد الشعبي" مستمرّة في القتال في سورية إلى جانب النظام، وهي تتنقّل عبر مطار بغداد ومطار النجف بشكل مستمر، في وقت تزعم فيه الحكومة عدم علمها بذلك.