رفض واسع داخل الجيش المصري لسيناريوهات التنازل عن سيناء

03 ديسمبر 2017
السيسي يدرك صعوبة تمرير "صفقة القرن" (عبد الرحيم خطيب/الأناضول)
+ الخط -
بدأت تظهر انعكاسات الحديث المتكرّر عن خطة تبادل الأراضي في إطار "صفقة القرن" المتعلقة بتسوية القضية الفلسطينية، داخل الجيش المصري وبعض الجهات السيادية في مصر. وأثارت الدعوات لتهجير أهالي سيناء التي خرجت بشكل مكثّف جداً في بعض وسائل الإعلام ومن بعض النواب، عقب الهجوم الإرهابي على مسجد الروضة، في بئر العبد، حفيظة عدد من قيادات الجيش المصري.

وما أحدث ضجة أكبر هو حديث وزيرة المساواة الاجتماعية الإسرائيلية جيلا جملئيل، عن "عدم إمكانية إقامة دولة فلسطينية إلا في سيناء"، خصوصاً أن ردّ الفعل المصري الرسمي لم يكن على القدر المطلوب من الحزم في مواجهة هذه الدعوات والمخطط الإسرائيلي. وانتابت قيادات كبيرة في الجيش المصري حالة من الغضب، من جراء ما اعتبروه "ميوعة مصرية غير مفهومة" للرد على مخطط تبادل الأراضي والتنازل عن أجزاء من سيناء لصالح تسوية القضية الفلسطينية، وفق ما ذكرته مصادر قريبة من المؤسسة العسكرية.

وأضافت المصادر لـ "العربي الجديد" أن "الجيش المصري لا يقبل بالتنازل عن شبر واحد من الأراضي المصرية لصالح تسوية القضية الفلسطينية على حساب السيادة المصرية، وهذا موقف لا علاقة له بالنظام السياسي الذي يترأسه عبد الفتاح السيسي".

وحول موافقة الجيش على تنازل السيسي عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، أوضحت المصادر أن "الجيش لم يكن موافقاً على هذه الخطوة، لكن صمته ارتبط بتطمينات من قادة الجيش بأن مسألة الجزيرتين صفقة سياسية اقتصادية، والنظام السعودي في نهاية المطاف، بأي حال من الأحوال، لا يمكنه الاستغناء عن الجيش المصري، وبالتالي فإنها فعلياً ستكون تحت سيطرة مصر في أي لحظة"، مشيرةً إلى أن المجلس العسكري لم يكن موافقاً على مسألة التنازل عن الجزيرتين، ولكن السيسي قال لهم "إن ثمّة تنسيقاً كبيراً مع السعودية حيال الأمر، ولا داعي للقلق، والنفوذ المصري في البحر الأحمر كما هو ولم يطرأ عليه تغيير".


واعتبرت المصادر أنّ التنازل عن أجزاء من سيناء لصالح تسوية القضية الفلسطينية هو اتفاق، في حال حصل، "يخدم إسرائيل، وهي العدو الأول للجيش المصري، بغض النظر عن التفاهمات السياسية، والرفض هنا على مستوى الصف الثاني والثالث في الجيش". وأكدت أن قيادات في الجيش "حذّرت من مغبة السير خلف إسرائيل وأميركا في مسألة التنازل عن أجزاء من سيناء، وهو أمر لن يوافق عليه الجيش المصري ولا الشعب المصري، وسيكون أزمة كبيرة جداً في الداخل، بالشكل الذي يمكن أن يهدد استقرار الدولة لا النظام".

وأشارت المصادر إلى أن "هذا الرفض كان لدى أجهزة سيادية في الدولة أيضاً" التي حذرت بشدة هي الأخرى من أي تفكير في التنازل عن أجزاء من سيناء، ورأت أن أحاديث بعض الإعلاميين عقب مجزرة مسجد الروضة عن وجود مخطط إسرائيلي لتهجير أهالي المنطقة "ربما تعبير واضح وصريح من جهات في الدولة عن رفض أي حديث عن التنازل عن شبر واحد من سيناء"، لافتةً إلى أن هناك رفضاً أيضاً لما يتردّد بين الحين والآخر، حيال مسألة إقامة منطقة حرة على الحدود بين قطاع غزة وسيناء، تخدم سكان القطاع، في ظل صعوبة الأوضاع هناك. وشددت على أن "هناك رفضاً أيضاً لهذا الأمر، باعتباره تنفيذاً لمخطط إسرائيل أيضاً، لأنه مع الوقت سيكون أمراً واقعاً، ولكن ليس بصورة رسمية".


وقالت المصادر إن السيسي يدرك تماماً صعوبة تمرير "صفقة القرن" بالصورة التي ترغب فيها أميركا وإسرائيل، من خلال تبادل الأراضي، "ولكن لا يرفض بشكل قطعي، وهذا مصدر التخوّف".

ونشرت قناة "بي بي سي" وثائق قالت إنها بريطانية وصفتها بـ"السرية"، بموافقة مصر خلال عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك على التنازل عن أجزاء من سيناء لصالح إقامة دولة فلسطينية.

وما كان من مبارك إلّا الخروج ببيان، ينفي فيه الموافقة، وقال إنه "لا صحة إطلاقاً لأي مزاعم عن قبول مصر أو قبولي لتوطين فلسطينيين بمصر، وتحديداً الموجودين منهم في لبنان في ذلك الوقت (1982). فقد كانت هناك مساعٍ من بعض الأطراف لإقناعي بتوطين بعض الفلسطينيين الموجودين في لبنان في ذلك الوقت بمصر، وهو ما رفضته رفضاً قاطعاً".

وأكد مبارك "رفضت كل المحاولات والمساعي اللاحقة لتوطين فلسطينيين في مصر، أو مجرد التفكير في ما طُرح عليّ من قبل إسرائيل، تحديداً عام 2010، لتوطين فلسطينيين في جزء من أراضي سيناء، من خلال مقترح لتبادل أراضٍ كان قد ذكره لي رئيس الوزراء الإسرائيلي، في ذلك الوقت، وقد أكدت له على الفور في هذا اللقاء عدم استعدادي حتى للاستماع لأي طروحات في هذا الإطار مجدداً".

المساهمون