القمة الأميركية-الكويتية اليوم: مسعى لانتزاع دعم من ترامب للوساطة

07 سبتمبر 2017
أمير الكويت وترامب في الرياض، مايو 2017(مانديل نغان/فرانس برس)
+ الخط -
تكتسب زيارة أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح إلى واشنطن، واللقاء المقرر اليوم الخميس مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب في البيت الأبيض وعدد من المسؤولين الأميركيين، أهمية تفوق ما رافق الاجتماعات السابقة للأمير مع الرؤساء الأميركيين، على اعتبار أن المسؤول الخليجي بات صاحب صفة الوسيط في الأزمة الناتجة عن حصار قطر، وفي مقابله يجلس ترامب، الذي يعتبر كثيرون أن موقفه المنحاز لدول حصار قطر، هو سبب رئيسي في عرقلة الوساطة حتى الآن، وبالتالي في استمرار حصار الدوحة. وبات الانقسام في الموقف الأميركي من الأزمة الخليجية واضحاً بين معسكرين: الأول يضم وزيري الخارجية ريكس تيلرسون والدفاع جيمس ماتيس المؤيدين للحوار ولوقف الحصار ضد قطر، والثاني يمثّله موقف ترامب المنحاز لرواية دول الحصار، وهو ما يعيق أي ضغط على دول الحصار لوقف حملتها.

وكان ترامب قد دعا في شهر فبراير/شباط الماضي، أمير الكويت الذي يتمتع بثقل دبلوماسي في المنطقة، إلى زيارته وبحث عدد من الملفات المشتركة، أبرزها الحرب على الإرهاب وتعزيز العلاقات الكويتية الأميركية اقتصادياً وسياسياً، بالإضافة إلى دفع عملية السلام في القضية الفلسطينية. لكن التطورات الجديدة في منطقة الخليج في ما يخص أزمة حصار قطر، ستلقي بظلالها على لقاء أمير الكويت بترامب، بالإضافة إلى ما وصفته مصادر حكومية بمناقشة "مأساة الشعب اليمني".

وقال السفير الكويتي في الولايات المتحدة الشيخ سالم الصباح، في بيان نقلته وكالة الأنباء الكويتية، "إن هذه الزيارة تُعتبر السادسة لأمير الكويت إلى الولايات المتحدة بشكل رسمي، وهي تأتي لاستكمال المشاورات الكويتية الأميركية الدائمة بين البلدين، وعلى رأسها المشاورات في ما يخص الحرب على الإرهاب، لكن التوقيت يحتم عليها أن تناقش مواضيع أكبر من ذلك في ظل أزمات الخليج واليمن وسورية".

وتوصف القمة الكويتية الأميركية المقررة اليوم بأنها الأكبر في تاريخ البلدين، إذ إن غالب أعضاء مجلس الوزراء الكويتي ومن بينهم وزراء المالية والتجارة والخارجية والداخلية بالإضافة إلى مسؤولي التعليم ومسؤولي هيئات الإحصاء والتخطيط والنفط، يرافقون أمير الكويت لعقد قمة اقتصادية في الغرفة الاقتصادية الأميركية في واشنطن، بالإضافة إلى اتفاقيات تجارية بين رجال الأعمال الكويتيين والأميركيين.

وقال السفير الأميركي في الكويت لورانس سيلفرمان لتلفزيون الكويت الرسمي: هناك مواضيع محددة كانت تستهدفها القمة، أهمها الحرب على الإرهاب والسلام في القضية الفلسطينية والملف التعليمي بين البلدين حيث يوجد هناك أكثر من 15 ألف طالب كويتي في أميركا، لكن هناك أموراً استجدت ولا بد من مراجعتها في المنطقة.

وبحسب مصادر دبلوماسية في الخارجية الكويتية، فإن اجتماعاً يُسمى "الحوار الاستراتيجي" سيُعقد يوم الجمعة بين وزير الخارجية الكويتي الشيخ صباح الخالد الصباح، ونظيره الأميركي ريكس تيلرسون، سيبحث أدوار الكويت في المنطقة في ما يخص ملف أزمة حصار قطر وإعادة إعمار العراق والحرب في اليمن. وقالت المصادر إن "الحوار الاستراتيجي" بين البلدين بدأ منذ مدة طويلة بين الخارجية الكويتية والأميركية وقبل مجيء إدارة ترامب للحكم، وهو ما يؤكد متانة العلاقات بين الكويت والمؤسسات الأميركية وتثبيت دور الكويت كوسيط إقليمي مهم.


ومن المتوقع أن يناقش الشيخ صباح الأحمد الصباح مع ترامب في قمة البيت الأبيض، أزمة حصار قطر وتهديداتها التي تصل إلى حد تفكك منظومة مجلس التعاون الخليجي والتي ناضلت الكويت مدة طويلة لأجل إبقائها متماسكة. وسيحاول أمير الكويت الحصول على تأييد ترامب الكامل وغير المشروط للوساطة وإقناعه باستغلال نفوذه بالضغط على كافة أطراف الأزمة للاستجابة للوساطة التي تحاول دول الحصار التملص منها وعقد القمة الخليجية الثامنة والثلاثين المقررة في الكويت. واضطر أمير الكويت إلى التريث في إعلان موعد القمة الخليجية في ظل إصرار دول الحصار على عدم الجلوس إلى طاولة الحوار مع قطر إلا بتقديم تنازلات من الأخيرة مقابل رفض الدوحة تقديم أي تنازل. واقترحت بعض الأطراف الخليجية الداعمة للحصار عقد قمتين منفصلتين في وقت واحد وبمكان متقارب، لكن دوائر صناعة القرار في الخارجية الكويتية رفضت هذا المقترح، وأكدت أنها الخطوة الأولى لتفتيت منظومة مجلس التعاون الخليجي.

وعلى الرغم من الزيارات المتكررة لوزراء خارجية الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي إلى المنطقة، فإن الحلول في أزمة حصار قطر لم تتقدم خطوة واحدة، لكن زيارة الأمير لواشنطن قد تغيّر بعضاً من التفاصيل، خصوصاً أنه يتمتع بسمعة جيدة لدى دوائر صناعة القرار الأميركية، إذ عمل طوال 40 عاماً كوزير للخارجية وممثل للوفد الكويتي في الأمم المتحدة بالإضافة إلى علاقاته الشخصية الواسعة مع كبار رجال الخارجية والبنتاغون. ويُنظر له في الولايات المتحدة على أنه الرجل الذي يمكن التفاهم معه في مجلس التعاون الخليجي الذي يعاني صراعات عنيفة بين أعضائه، نظراً لمحاولات هيمنة دولة واحدة على القرار السياسي الداخلي والخارجي لبقية الدول.

وقال الأكاديمي والباحث السياسي عبدالرحمن المطيري، لـ"العربي الجديد"، إن زيارة الأمير إلى الولايات المتحدة تأتي في ظل تحديات كبيرة تمر بها منطقة الخليج، وهي الأكبر من حيث الحجم اقتصادياً وسياسياً وأمنياً. وأضاف: "الكل في منطقة الخليج يعلم أن كلمة السر والحل في هذه الأزمة التي تمر بها المنطقة هي بيد أمير الكويت الذي يتمتع بحنكة ودهاء في التعامل مع ملفات الوساطة الشبيهة بهذه الأزمة، إذ سبق له أن قام بدور الوسيط في أزمات متعاقبة بين دول مجلس التعاون، وهو ما سيقوم به في هذه الأزمة"، متوقعاً أن "يغطي بحث حل أزمة الخليج على بقية الملفات الاعتيادية التي تُناقش دوماً بين الكويت وواشنطن".

وتتمتع الكويت بعلاقات متينة مع واشنطن، إذ تستضيف عدداً من القواعد الأميركية عقب مشاركة القوات الأميركية في استعادة الأراضي الكويتية من الاحتلال العراقي للبلاد عام 1991، بالإضافة إلى مساهمة كويتية في الحرب على العراق عام 2003 وانطلاق الطائرات الأميركية من المطارات العسكرية الكويتية لقصف مواقع تنظيم "داعش". كما يستثمر الصندوق الاستثماري الكويتي، وهو الذراع الاقتصادي للحكومة الكويتية، مئات المليارات في الولايات المتحدة.