حفتر يستغل اتفاق تركيا وحكومة السرّاج لاستدراج دعم حلفائه الإقليميين

03 ديسمبر 2019
حكومة الوفاق تنجح بتوثيق علاقتها بتركيا (الأناضول)
+ الخط -
فيما نجحت حكومة الوفاق الليبية في توثيق علاقتها بتركيا عبر توقيع مذكرة تفاهم ترعى مصالح الأخيرة في مياه البحر المتوسط وتستفيد منها الحكومة في حصولها على الدعم العسكري والسياسي اللازم، لجأ حفتر إلى حلفائه لطلب الدعم السياسي والمالي لحربه التي ستدخل يوم غد، الرابع من ديسمبر، شهرها التاسع دون أن يتمكن من إحراز أي تقدم جديد.

ووصل رئيس مجلس النواب المنعقد بطبرق، عقيلة صالح، أمس الاثنين، إلى السعودية، في زيارة مفاجئة، التقى خلالها العاهل السعودي، سلمان عبد العزيز، لـ"بحث عدة موضوعات وقضايا ذات اهتمام مشترك بين البلدين"، بحسب المكتب الإعلامي لصالح. لكن قناة ليبيا الأحرار نقلت عن مصادرها أن صالح جاء للسعودية باستدعاء من الأخيرة "بشكل عاجل لتبلغه بتفاصيل خطة لسحب الاعتراف العربي والأفريقي والإسلامي بالمجلس الرئاسي ورئيسه فايز السراج"، موضحة أن الملك السعودي "أبلغ صالح أن خطتهم تقوم على سحب برلمان طبرق الاعتراف بالسراج، ثم مطالبة الجامعة العربية والاتحاد الأفريقي ومنظمة التعاون الإسلامي بعدم الاعتراف به".
وأكد مصدر برلماني في طبرق لـ"العربي الجديد"، أن حفتر أراد، من خلال صالح، استغلال مواقف الدول المعارضة للاتفاق التركي مع حكومة الوفاق لصالح الحصول على دعم مالي لقواته التي تعاني أزمة مالية بسبب تزايد مطالب المقاتلين المرتزقة لمستحقاتهم المالية ومرتبات مقاتليهم المحليين، خصوصا بعد أن حجزت السلطات المالطية، الشهر الماضي، شحنة من العملة الليبية طُبعت في روسيا لصالح حفتر وكانت في طريقها لبنغازي.


وكان صالح قد وجه، أمس الاثنين، خطابين إلى الأمم المتحدة والجامعة العربية طالبهما بــ"سحب اعتماد حكومة الوفاق، واعتماد مجلس النواب وما ينبثق عنه باعتباره الجسم الشرعي الوحيد"، على خلفية توقيع الحكومة مذكرة التفاهم مع الجانب التركي، معتبرا أن المذكرتين تهددان مستقبل ليبيا.
وخاطب حفتر أيضا مجلس الأمن ودول حوض المتوسط بالتدخل لمواجهة ما وصفه بـ"الأطماع التركية"، معتبرا أن تركيا "تسعى لتوسيع نفوذها في المنطقة".
واتهم حفتر، في بيان نشره الموقع الرسمي لقيادة قواته، تركيا بأنها "أصبحت طرفا رئيسا في تهديد مصالح الشعب الليبي ومعرقلا لقيام الدولة عبر تدخلاتها بإمداد المجموعات المسلحة التابعة للوفاق بالسلاح وتماديها مؤخرا بتوقيع مذكرتي التفاهم الأمنية والبحرية"، مشيرا إلى أن الحكومة في طرابلس "غير مخولة بتوقيع هذه الاتفاقيات".
ولم يتفاعل مجلس الأمن  مع خطابي صالح وحفتر، واكتفى بالإعراب عن قلق أعضائه العميق إزاء التصعيد الأخير للعنف في ليبيا، مشددا على جميع الأطراف على وجه الاستعجال بوقف تصعيد الوضع والالتزام بوقف إطلاق النار.
وأكد المجلس، في بيان له ليلة أمس الاثنين، على دعمه الكامل لقيادة الممثل الخاص للأمم المتحدة للأمين العام غسان سلامة والجهود التي يبذلها لحل النزاع في ليبيا، كما طالب البيان كافة الأطراف بالامتثال التام لحظر الأسلحة، تماشياً مع القرار 1970 (2011)، داعيا  جميع الدول الأعضاء إلى عدم التدخل في النزاع أو اتخاذ تدابير من شأنها أن تفاقم الصراع.

من جهته، أعرب المبعوث الأممي إلى ليبيا، غسان سلامة، عن مخاوفه من تداعيات مذكرتي التفاهم الموقعتين، لافتا إلى أن الاتهامات التي أثارها الاتفاق تهدد اجتماعا كان من المقرر أن ينعقد في 10 ديسمبر/كانون الأول الحالي ببرلين بشأن ليبيا. 
وقال سلامة في حديث لوكالة "بلومبيرغ" الأميركية إن "اليونان ومصر غاضبتان بشكل خاص، لكن الوساطة المستمرة يمكن أن تساعد في حل الخلافات"، مضيفا "إذا حدث العكس فسوف أكون بالتأكيد أكثر خوفًا من حضور الجميع إلى برلين، إذ سيكون من الصعب جدًا تحصين القمة المقررة في  مطلع يناير/كانون الثاني".​

صمت حكومة الوفاق إزاء معارضة اتفاقها مع تركيا 

وفيما لم تعلن حكومة طرابلس عن أي موقف من التأجيج الإقليمي ضد اتفاقها مع تركيا، حتى بعد تهديدها من قبل اليونان بطرد سفيرها إذا لم تعلن عن تفاصيل مذكرة التفاهم البحرية، يعتبر دبلوماسي ليبي رفيع أن صمتها "قصور دبلوماسي وسياسي كبير قد يساعد في إنجاح مساعي سحب الاعتراف العربي منها".
ولفت دبلوماسي ليبي "العربي الجديد" إلى أن "الحكومة تركز حاليا على التأهب لخوض معركة جديدة ضد قوات حفتر التي تستعد هي الأخرى لجولة جديدة"، مشيرا إلى أن الحكومة تبدو غير مكترثة بما يحدث حولها من اعتراض على تحالفها من تركيا كون الخطوة جاءت بضوء أخضر من واشنطن.

من ناحية أخرى، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، صباح اليوم الثلاثاء، إنّ "الاتفاق التركي مع ليبيا حق سيادي لتركيا وليبيا"، وأنّه "لن تتم مناقشة ذلك مع أحد".

جاء ذلك في مؤتمر صحافي عقده أردوغان قبيل توجهه إلى العاصمة البريطانية لندن، لحضور قمة زعماء دول حلف شمال الأطلسي "الناتو"، بحسب ما أوردته "الأناضول". وكان أردوغان، قد وقّع، الأربعاء الماضي، في العاصمة التركية أنقرة، مع رئيس المجلس الرئاسي لحكومة "الوفاق" الليبية فايز السراج، مذكرتي تفاهم؛ الأولى حول التعاون الأمني والعسكري بين البلدين، والثانية حول تحديد مناطق النفوذ البحرية.