وشغل مرزوق منصب وزير تكنولوجيا المعلومات والاتصال في كل من حكومة حمادي الجبالي وحكومة علي العريض، ووزير الطاقة والمناجم في حكومة الحبيب الصيد، وهو أيضا مرشح التيار الديمقراطي. ولكن كيف تغيّر مرزوق بالفخفاخ؟ وما هي العوامل التي رجّحت كفة الثاني ليحظى بتكليف رئاسة الحكومة بدل مرزوق؟
وبالعودة إلى تدوينة لمرزوق نفسه عبر صفحته الرسمية "فيسبوك"، كشف هذا الأخير أنه كان أول المرشحين عند رئيس الجمهورية، وأنه الآن يطوي صفحة التكليف برئاسة الحكومة متمنياً للفخفاخ التوفيق في مهمته.
Facebook Post |
وتؤكد هذه التدوينة ما ذهب إليه العديد من المتابعين للشأن السياسي، والتي أشارت إلى أن مرزوق كان المرشح الأوفر حظاً برئاسة الحكومة إلى حين تغييره بإلياس الفخفاخ المحسوب على الخط الثوري، والذي رفع شعار "أمل وعمل" في أول لقاء له برئيس الجمهورية، معبراً عن مناصرته لأهداف الثورة.
ويبدو أن لقاء رئيس الجمهورية، ورئيس مجلس نواب الشعب راشد الغنوشي، والأمين العام لاتحاد الشغل نور الدين الطبوبي، سويعات قبل الإعلان عن المرشح لرئاسة الحكومة، حددت خيار سعيد النهائي.
ولم يكن خافياً حجم الضغوط التي مارستها الأحزاب وأصحاب القرار للدفع نحو اختيار أحد مرشحيها، وهو ما تؤكده تدوينة للقيادي في حركة النهضة، عبد اللطيف المكي، الذي حذّر بدوره من "اللوبيات وأصدقائهم الجدد الذين يحاولون الضغط على رئيس الجمهورية لتغيير اختياره للشخصية التي ستُكلف برئاسة الحكومة".
Facebook Post |
وعبّر المكي عن ثقته في رئيس الجمهورية، قائلاً "لا أتصور أن الرئيس سينساق وراء هذه الضغوط"، مؤكداً أنّ "اختيار سعيد للمرشح لرئاسة الحكومة القادمة سيكون له تأثير مهم على المستقبل".
وأضاف "طبيعي أن يكون سعيد مرجحاً في الاختيار، لأنه رئيس ترشح بواجهة سياسية، ومضمون، ومن أجل ذلك انتخبه كثير من التونسيين، وهو ليس مجرد حاسب لعدد الأغلبية البرلمانية"، مؤكداً أنّ "المهمة جسيمة، لكن لن يخيب من يتبع المبادئ بما فيه مصلحة الوطن".
Facebook Post |
وأوضح المكي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّ "اختيار الفخفاخ في المنطق إيجابي، فهو من السياسيين الذين برزوا بعد الثورة، كما أنه شخصية مؤمنة بالثورة وبترسيخ الحرية والعدالة الاجتماعية، وأيضاً بإرساء العدالة بين الجهات، وبالتالي فهو اختيار إيجابي لسعيد".
وأشار في السياق، إلى أنّ العديد من الأطراف تدخلت للضغط على رئيس الجمهورية وترجيح كفة بعض المرشحين، لافتاً إلى "تدخّل جهات أجنبية للدفع نحو الاختيار ضمن المنطقة السلبية، ولكن الجيد أن الرئيس اختار ما يمكن أن ينسجم مع روح الدستور ومع روح المضامين السياسية والثقافية".
وعن منجي مرزوق، بيّن المكي أنّ "مرزوق والفخفاخ في الاتجاه ذاته تقريباً"، مستدركاً "لكن هناك تفاصيل رجحت كفة أحدهما على الآخر، وربما تكمن بعض التفاصيل في بعض التوجهات السياسية وشخصية كليهما والخبرة في المجال الاقتصادي، وهي التي دفعت إلى اختيار أحدهما دون الآخر".
وأوضح أن "مرزوق يتمتع بخبرة في مجال الاتصالات والاقتصاد الرقمي، وتكمن كفاءة الفخفاخ في المجال المالي، ويمكنه أن يدعم ذلك بفريق متعدد الاختصاصات من الكفاءات والخبرات للنجاح".
وفي الشأن، رجّح القيادي في حركة "النهضة"، أنّ "مخاض المشاورات في عمومه سيكون معقولاً في قادم الأيام، أي من دون تعثرات كبرى، ولكنه لن يكون سهلاً.
من جهته، أفاد المحلل السياسي ماجد البرهومي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، بأن "عدداً من المعطيات أدت إلى اختيار الفخفاخ"، موضحاً أن "الموجة الثورية لشخصية سعيد هي التي رجحت اختيار الفخفاخ، ولم يتم اختيار مرزوق أو حكيم بن حمودة أو فاضل عبد الكافي".
وأضاف أنّ "العلاقة الاستثنائية بين سعيد ويوسف الشاهد وراء هذا الاختيار أيضاً، خاصة أن حزب تحيا تونس رجح كفّة الفخفاخ وتم دعمه بشدة".
وذكر أنّ "إلياس الفخفاخ تقلّد سابقاً وزارة المالية، وله تجربة في الحكم مع الترويكا، ورغم أنها فاشلة إلا أنها دفعت باتجاه اختياره، لأن الوجهة العامة للحكومة القادمة اقتصادية، خاصة في ظل الوضع الكارثي الذي تعيشه البلاد".
وأشار إلى أنّ "منجي مرزوق المستقل مدعوم من حركة النهضة، وقد تكون الحركة خشيت الفشل، وبالتالي خوفها من تحمّل المسؤولية ربما جعلها تقبل بالفخفاخ، لأنه محسوب على التكتل وهو حزب تقدمي علماني".
وأضاف البرهومي أنه "على مستوى الخارج، فإن حركة النهضة ترى أن اختيار الفخفاخ سيكون أفضل، لأنه شخصية علمانية، وبالتالي ستتم المحافظة على صورة مثالية للتعايش بين الإسلام السياسي والعلمانية، وهو مثال براق يجذب ويسوّق لمثال ناجح تحتاج إليه حركة النهضة، رغم أنه لم يكن خيارها، ولكنه مطلوب للفترة المقبلة".