ها هو رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو يعلن نيته نهب الأرض، فضلاً عن قوله "سنوقع اتفاقيات سلام تاريخية مع دول عربية"، وهذه ليست فقاعات انتخابية. فتهويد القدس، وضم الأغوار ومناطق "ج" (بتصنيفات أوسلو) جارٍ، فيما البعض منشغل بمكانته الذاتية الضيقة على حساب جوهر القضية المتعلقة بإنهاء الاحتلال والتحرر الوطني. ومؤسف أيضاً الرهان على أوهام بين "ليكود نتنياهو" و"أزرق أبيض بني غانتس". لا فرق أصلاً بين يسار صهيوني ويمين صهيوني. وعليه، فلا الانتخابات الإسرائيلية، ولا الفلسطينية، ولا ألغاز خلافة الرئيس محمود عباس، ستؤسس لحالة جديدة، ما دمنا أمام حروب بيانات متكررة، كسياسة مستهلكة في مواجهة الاحتلال منذ 20 سنة، وهي تزرع إحباطاً بين الفلسطينيين.
يجب رد القضية إلى جوهرها؛ كمسألة تحرّر من الاستعمار، وخلق اصطفافات وتحالفات دولية ضاغطة، شعبية ومؤسساتية ورسمية، وفضح مشاريع التطبيع مع بعض الأنظمة، ومنح الشعب الفلسطيني حقه في القول الفصل، بدلاً من هدر طاقاته. يجب على الأقل صبّ الجهود نحو عمل دولي يضع الاحتلال بمصاف دولة الفصل العنصري في جنوب أفريقيا سابقاً. فمقاومة الاحتلال لا تقوم على "حسن النيات"، ولا ببيانات مناشدة المجتمع الدولي، خصوصاً أمام محاولات تصفية قضية وجود شعب كامل.
الاحتلال، في ألف باء الاستعمار، يستغل غياب استراتيجية قواسم مشتركة لمواجهته، وليس منطقياً ولا عقلانياً الإصرار على تجريب المجرب، أو استعارة ذات الأدوات المؤدية لنتائج ترسخ الاحتلال من دون تدفيعه ثمنا بالمقاومة لفرض تراجعه. وإذا كان البعض يخجل من القول إن الاحتلال لا يرحل سوى بالمقاومة، أو مصارحة شعبه بأنه غير قادر، فتلك مصيبة.