محاولات ولد الشيخ لتحريك مسار السلام اليمني: فرص ضعيفة

30 مارس 2017
الانقلابيون عرقلوا مهام ولد الشيخ بالفترة الأخيرة(محمد هويس/فرانس برس)
+ الخط -

بعد أن دخلت الحرب اليمنية عامها الثالث، تبدو الجهود السياسية التي ترعاها الأمم المتحدة عبر مبعوثها، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، في أضعف حالاتها، على الأقل بالمقارنة بما كانت عليه قبل عام، حيث كانت المنظمة الأممية تستعد لإطلاق أطول جولة مشاورات، والإشراف على وقف إطلاق النار، خلافاً لما هو حاصل اليوم. 

وفي أحدث التطورات، كشف المبعوث الأممي عن أبرز مضامين إحاطة قدمها لجلسة مغلقة عقدها مجلس الأمن الدولي، الأربعاء الماضي، حيث وضع الأعضاء أمام مستجدات الجهود الأممية لاستئناف المفاوضات، والوضع الإنساني المتفاقم، مؤكداً أن "الحل السلمي هو الطريق الوحيد لمنع تفاقم الوضع المأساوي"، معتبراً أن "مزيداً من التصعيد العسكري والمعاناة الإنسانية، لن يساهم في التقريب بين طرفي الصراع"

وفي بيانه الصحافي الذي أصدره فجر الخميس، لتلخيص ما قدمه خلال الجلسة، كان واضحاً أن المبعوث الأممي لا يحمل أي جديد من شأنه أن يمثل مؤشراً على عودة قريبة للأطراف اليمنية إلى طاولة المفاوضات، بقدر ما كان الجديد في حديثه هو المطالبة الصريحة لأعضاء مجلس الأمن باستخدام كل ثقلهم الدبلوماسي، للضغط على الأطراف المعنية، لتقديم التنازلات اللازمة للتوصل إلى اتفاق نهائي، يحد من سقوط المزيد من الأرواح، مؤكداً أنه "يجب يُمنح السلام فرصة أخرى"، فيما يشبه اعترافاً ضمنياً بضياع الفرص السابقة. 


وجاءت الإحاطة الأخيرة للمبعوث الأممي بعد أكثر من جولة قام بها في المنطقة خلال الشهرين الماضيين، كان طابع الجمود مرافقاً لهاً، ما عكس تراجعاً كبيراً على صعيد الجهود الأممية للسلام على اليمن، على ضوء التغيرات الدولية، وأبرزها مجيء إدارة أميركية جديدة، صعّدت من تدخلاتها العسكرية في الملف اليمني، على حساب الضغوط الدبلوماسية التي كانت إدارة الرئيس السابق، باراك أوباما، تمارسها في الأشهر الأخيرة قبل الرحيل. 

وكشفت مصادر سياسية يمنية قريبة من جماعة أنصار الله (الحوثيين) وحزب المؤتمر، الذي يترأسه المخلوع علي عبدالله صالح، لـ"العربي الجديد"، أن الطرفين رفضا، أكثر من مرة، خلال الشهرين الماضيين، التعاون مع المبعوث الأممي، بعد أن شنا حملة إعلامية ضده، وصلت إلى رسالة رسمية وجهها رئيس ما يسمى بـ"المجلس السياسي الأعلى"، الذي يمثل واجهة السلطة العليا للانقلابيين، صالح الصماد، إلى الأمم المتحدة، تطالبها بتغيير مبعوثها إلى اليمن، وهو الطلب الذي رفضته الأخيرة. 

ووفقاً للمصادر، فقد أثر موقف الانقلابيين على مسار الجهود التي ترعاها الأمم المتحدة، خصوصاً أنه جاء بعد أن رفضت الحكومة الشرعية مقترح الأمم المتحدة المعروف بـ"خارطة الطريق" المقترحة كخطة لحل سلمي في البلاد. وقد فاقم الأزمة بين الحوثيين والجانب الأممي، فشل الأخيرة بإلزام الحكومة الشرعية بدفع مرتبات الموظفين الحكوميين بمختلف المحافظات (بما فيها الواقعة تحت سيطرة الانقلابيين)، حيث أقرت الحكومة الشرعية، في سبتمبر/أيلول 2016، نقل المصرف المركزي من صنعاء إلى عدن، وحصلت على ضوء دولي أخضر، وغير مباشر، مقابل تعهدات بصرف رواتب الموظفين، فيما يواجه الحوثيون وحلفاؤهم أزمة كبيرة مع الموظفين في مناطق سيطرتهم، والذين لم يتسلموا رواتبهم أكثر من نصف عام. 



ومنذ أكتوبر/تشرين الأول العام الماضي، تتمحور جهود الأمم المتحدة، التي تتولى الإشراف على مسار السلام في البلاد منذ عامين، حول مقترحات أمنية وسياسية، تتطلب في الشق الأمني قيام الحوثيين بسحب مليشياتهم من العاصمة صنعاء ومدن أخرى، وتسليم الأسلحة الثقيلة.

وفي الشق السياسي، تتطلب تنازلات من الحكومة الشرعية، وتتضمن الاتفاق على تشكيل حكومة انتقالية تشارك فيها مختلف الأطراف.

وترفض الحكومة القبول بالخطة، فيما يتهرب الانقلابيون من مناقشة الجانب الأمني، وفقاً لبيان المبعوث الأممي عقب الجلسة التي عُقدت في مجلس الأمن الأربعاء الماضي، حيث قال ولد الشيخ إن على الحكومة قبول الدخول في مفاوضات على أساس الإطار المقدم، وإنّ على الحوثيين وحزب المؤتمر التوقف عن رفض المناقشات الجادة بشأن الترتيبات الأمنية. 

يذكر أن الأمم المتحدة، ومنذ تعيين إسماعيل ولد الشيخ أحمد مبعوثاً لها إلى اليمن، في إبريل/نيسان 2015، تتولى رعاية مسار الجهود السياسية والدبلوماسية، وأشرفت على ثلاث جولات من المفاوضات بين الحكومة الشرعية والانقلابيين، بالإضافة إلى أكثر من هدنة هشة بوقف إطلاق النار، ومع ذلك لم تسفر مختلف الجهود الأممية عن الوصول إلى حل، بل تراجع حظها إلى حد كبير. 

وفي هذا السياق، يبدو واضحاً أن جهود المبعوث الأممي، وبالتزامن مع إكمال عامين على بدء عمليات التحالف العربي بقيادة السعودية، ليست أفضل حالاً مما كانت عليه العام الماضي على الأقل.

في مارس/آذار2016، أعلنت الأمم المتحدة عن اتفاق لوقف إطلاق النار يدخل حيز التنفيذ في العاشر من إبريل/نيسان، بالتزامن مع تحضيرات إطلاق أطول جولة مفاوضات في الكويت، كان المشاركون فيها يتعهدون بأنهم لن يعودوا إلا بسلام، وانتهت دون الوصول إلى اتفاق، بل باتت مختلف المحطات التي شهدتها العملية السياسية لاحقاً أقل حظاً بالمقارنة بما سبقها. 





المساهمون