ولهذه الغاية ضغط أكثر من طرف على خط إجراء لقاء بين رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري ورئيس التيار الوطني الحر الوزير المستقيل جبران باسيل، بوصف اللقاء بينهما قادراً على الخروج من حالة المراوحة وتسريع التوافق بين الكتل على الحكومة المقبلة.
ونجحت فعلياً هذه الضغوط في إقناع الطرفين بالجلوس على طاولة واحدة بعد اتصالات بينهما تبعتها زيارة باسيل إلى بيت الوسط للقاء الحريري، واستمر اللقاء بينهما 3 ساعات تخلله غداء، على الرغم من أن العلاقة بينهما منذ انطلاقة الانتفاضة الأخيرة متوترة.
وعلم "العربي الجديد"، وفق مصادر اطلعت على مضمون اللقاء، أن الزيارة استهلت بتقييم تخلله عتب متبادل للمرحلة الماضية منذ انفجار الشارع بوجه الطبقة السياسية، وتخلله أيضاً تقييم للمرحلة وما يمكن فعله.
وخلال اللقاء، كرر الحريري موقفه الداعي إلى تأليف حكومة تكنوقراط لا تضم أي وجوه سياسية، خصوصاً أن الشارع بدا حاسماً في توجيه نقده الأحزاب والتيارات المشاركة في الحكم، وسط مخاوف من أن تكون ردة فعل الشارع سلبية في حال ضمت الحكومة أسماء مستفزة، فيما كرر باسيل طرحه الداعي إلى تأليف حكومة تكنوسياسية تضم بعض الأسماء الممثلة الأحزاب الرئيسية تماهياً مع وجود الحريري الذي يمثل المستقبل على رأس الحكومة، فيما تكون الأسماء الأخرى غير سياسية ومن الوجوه التكنوقراطية.
وعلى الرغم من أن أياً من الطرحين لم يلقَ قبول الطرف الآخر، فإن مصادر متابعة أكدت أن طرح باسيل هو الأقرب إلى أن يبصر النور، خصوصاً وأنه يحوز على تأييد الثنائية الشيعية (حركة أمل وحزب الله)، على أن تكون الساعات المقبلة مخصصة للتوافق على هذا الطرح وإبلاغ الحريري لباسيل موافقته أو عدمها.
وعلى هامش شكل الحكومة، يبدو أن عقبة جديدة ستبصر النور؛ وهي الخلاف حول الأسماء المستقلة التي ستنضم إلى الحكومة وآلية اختيارها، خصوصاً أن البعض يطرح فكرة اختيار شخصيات سياسية مستقلة على أن تكون مقربة من بعض الأحزاب والتيارات، على أن يتكفل كل تيار أو حزب باختيار مجموعة من الأسماء لحقائب معينة، وهو ما ينفي صيغة الاستقلالية عنهم، على الرغم من التداول في بعض الأسماء التي من الممكن أن ترضي الشارع المحتج وتكون ناشطة سياسياً.
أساليب احتجاج جديدة
وبرزت اليوم مجموعة أفكار جديدة في صفوف الحراك للضغط على السلطة، بينها فتح الطرقات واللجوء إلى إغلاق مؤسسات الدولة، وهو ما ظهر عبر إغلاق البوابة الرئيسية لمؤسسة الكهرباء في مدينة صيدا، إضافة إلى إجبار مصارف على الإقفال في عدد من المناطق. لكن هذا الطرح يواجه انقساماً في صفوف المحتجين، بين من يرى أن اتخاذ هكذا خطوة سيعطي مبرراً للسلطة لاستخدام القمع، كما أن هذه المؤسسات عادية وليست لديها سلطة فعلية، وأن الأفضل هو محاصرة رئاسة الوزراء ومقار الوزارات، فيما يرى آخرون أن ما يؤلم النظام الحاكم هو الشلل المالي ممثلاً بمصرف لبنان والبنوك الخاصة والشلل الاقتصادي ممثلاً بحركة الأسواق.
هذا الموقف عبّر عنه بعض المتظاهرين لـ"العربي الجديد"، وقال أحدهم خلال وجوده عند جسر الرينغ، وسط بيروت، الذي لا تزال القوى الأمنية عاجزة عن في فتحه، إلا في ما ندر: "يجب أن نتحرك في كل المناطق لإغلاق شركة الكهرباء والمصارف، ولا يجب أن نبقى في مكان واحد"، مضيفاً أن "نقاشاً يدور حول هذا الطرح للوصول إلى اتفاق".
أما عن مماطلة السلطة في الدعوة لاستشارات نيابية لتكليف شخصية بتشكيل حكومة جديدة، لفت متظاهر في بيروت، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى "أننا كنا نتوقع المماطلة وهي لعبة قديمة، لكن الفرق الآن أن هناك ضغطاً شعبياً"، مضيفاً "لا تهمني الوجوه التي ستُشكل منها الحكومة، ولكن ما نريده هو وضع قانون انتخابات جديد وإجراء انتخابات برلمانية".
وقال متظاهر آخر على جسر الرينغ، إن "السلطة غير شرعية وعليها أن ترحل ويعود الحكم إلى الشعب، إلى أشخاص اختصاصيين، لأن الناس لم تعد تتحمل الوضع القائم". وفي السياق، رأى متظاهر رابع أن "المماطلة طبيعية لأنهم يعملون لمصالحهم لا للوطن"، مضيفاً أن "الطريق ستبقى مغلقة حتى يقوموا بعملهم بتشكيل حكومة اختصاصيين تعمل لصالح البلد".