من هو صلاح قوش المتهم بتدبير تمرد الخرطوم؟

14 يناير 2020
قوش تآمر مع الإمارات لإسقاط البشير (أشرف شاذلي/فرانس برس)
+ الخط -

عاد اسم مدير المخابرات السابق، صلاح قوش، إلى الظهور على واجهة الأحداث في السودان، بعدما اتهمه نائب رئيس المجلس السيادي السوداني، محمد حمدان دقلو حميدتي، بالوقوف وراء "تمرد" عناصر داخل مقرّات تابعة لجهاز المخابرات الوطني، اليوم الثلاثاء، وتبادل إطلاق النار بينها وبين القوات المسلحة النظامية.


ووصف دقلو في مؤتمر صحافي في جوبا، بشأن توضيح الحقائق، بأن ما حدث مخطط للفتنة مدروس يقف وراءه قوش عبر ضباط في الخدمة والمعاش ضمن مخطط الزحف الأخضر.
ولم يستبعد وقوف أيادٍ خارجية خلف المخطط، لكنه قال "نحن لا نتهم الدولة الموجود بها صلاح قوش"، وهرب قوش منذ إطاحة نظام عمر البشير إلى مصر التي ظل مقيماً فيها طوال الأشهر الماضية.
وقوش، واسمه الكامل صلاح عبد الله محمد صالح، درس الهندسة، وعمل مع جهاز المخابرات منذ انقلاب عام 1989، الذي وصل بالبشير إلى السلطة، وفق الإعلام السوداني.
وترأس قوش جهاز الأمن والمخابرات الوطني من عام 2004 وحتى عام 2009 حيث غادره بعد إعفائه من منصبه بقرار من البشير، وفي فبراير 2018 أعاده البشير مرة أخرى للموقع حتى استقالته في إبريل/ نيسان الماضي، بعد يومين على إطاحة المجلس العسكري للبشير، وتسلمه السلطة إثر أشهر من الاحتجاجات الشعبية التي عمت البلاد.

وخلال ولايته الأولى كرئيس لجهاز المخابرات التي استمرت حتى عام 2009، نسب إليه الفضل في بناء الجهاز ليصبح إحدى أهم الأدوات الأمنية النافذة في نظام البشير.
وعلى مر السنوات، أشرف الجهاز على ملاحقات استهدفت المعارضين للحكومة والإعلام.
ولاحقاً سُجن قوش بعد اتهامه بالتخطيط لانقلاب ضد البشير، لكن لم يتم إيجاد أدلة تدينه، فعفا عنه البشير وأعاد تعيينه مجددا على رأس جهاز المخابرات.
وتتهم واشنطن قوش بممارسة التعذيب، وأصدرت قراراً بحظر دخوله إلى الولايات المتحدة، وأعلنت خارجيتها أنها "تملك معلومات موثوقاً فيها حول تورط صلاح قوش بممارسة التعذيب خلال فترة عمله رئيساً لجهاز المخابرات".
وحضّت منظمة "العفو" الدولية المجلس العسكري السوداني في وقت سابق على التحقيق في الاشتباه بارتكاب قوش انتهاكات، خلال المداهمات الدامية ضد المتظاهرين، في الأسابيع الأخيرة من حكم البشير.
وتدبير الأحداث في الكواليس ليس خفياً على قوش، فقد لعب دوراً رئيسياً، حسب ما أوردته وكالة "رويترز" في تحقيق سابق، في إطاحة نظام البشير، فقد زار الأخير في العاشر من إبريل/ نيسان الماضي في قصره لطمأنته أن الاحتجاجات الشعبية لا تشكل خطراً على حكمه.
وأبلغ قوش البشير آنذاك أن اعتصام المحتجين خارج مقر وزارة الدفاع القريب من القصر سيتم احتواؤه أو سحقه، ليدخل البشير فراشه لينام مرتاح البال. وعندما استيقظ بعد أربع ساعات أدرك أن قوش خانه، بعدما اختفى حراس القصر وحل محلهم جنود من الجيش النظامي، لينتهي حكمه الذي استمر 30 عاماً.
وروت مصادر لـ"رويترز" كيف أن قوش، حينما كان رئيس جهاز الأمن والمخابرات، اتصل بمسجونين سياسيين وجماعات معارضة سعياً للحصول على تأييدهم في الأسابيع التي سبقت عزل البشير. وقالت المصادر إن قوش أجرى في الأيام التي سبقت الانقلاب مكالمة واحدة على الأقل مع مسؤولين في المخابرات الإماراتية لإخطارهم مسبقاً بالحدث المرتقب.
وخلف الكواليس كانت مؤامرة عزل البشير تتبلور. فقد روى أحد قياديي المعارضة ممن كان ضمن السجناء السياسيين في سجن كوبر في الخرطوم كيف ظهر رئيس المخابرات قوش فجأة في السجن في أوائل شهر يناير/ كانون الثاني 2019 والتقى بثمانٍ من شخصيات المعارضة.
وأبلغ قوش السجناء أنه جاء من أبوظبي بوعد من الإمارات لتقديم الوقود ومساعدات اقتصادية أخرى. وطلب من السجناء تأييد خطة عامة من أجل نظام سياسي جديد في السودان. وأكد مصدر وثيق الصلة بقوش هذا الحوار. وعاد قوش إلى السجن بعد عشرة أيام. وفي تلك المرة زار 26 زنزانة يشغلها سجناء سياسيون.


واستقال قوش من منصبه في المجلس العسكري الانتقالي في 13 إبريل/ نيسان، وكان رئيس جهاز الأمن والمخابرات قد تعرض لانتقادات حادة من المحتجين كما تعرض لضغوط هائلة للتنحي عن منصبه.