روحاني وماكرون يبحثان تداعيات اغتيال سليماني... والخارجية الإيرانية تستدعي السفير البريطاني

07 يناير 2020
روحاني لماكرون: واشنطن ارتكبت خطأ استراتيجياً (لودوفيك مارين/فرانس برس)
+ الخط -

في ذروة التوتر المتصاعد في المنطقة، ووسط مخاوف متزايدة من احتمال مواجهة عسكرية بين طهران وواشنطن، تلقى الرئيس الإيراني حسن روحاني، مساء اليوم الثلاثاء، اتصالاً هاتفياً من نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، في إطار جهود لأطراف إقليمية ودولية ترمي لنزع فتيل التوتر بين طهران وواشنطن على ضوء تهديداتهما المتبادلة. 

وبحث الجانبان خلال الاتصال التطورات الأخيرة على خلفية اغتيال الجنرال الإيراني قاسم سليماني، "قائد فيلق القدس"، من قبل الولايات المتحدة فجر الجمعة الماضي في بغداد، والاتفاق النووي، والمرحلة الخامسة من خفض طهران تعهداتها النووية.

وقال روحاني لنظيره الفرنسي إن واشنطن ارتكبت "خطأ استراتيجياً كبيراً" باغتيالها سليماني، داعياً جميع الدول "المحبة للسلام والراغبة في الأمن المستدام إلى اتخاذ موقف حازم تجاه هذه الجريمة الإرهابية".

وأكد أن "أهداف أميركا من هذا التصرف الإرهابي لن تتحقق"، مشيراً إلى أن "له نتيجة عكسية"، مع التأكيد أنه بعد ذلك "شهدنا وحدة وانسجاماً بين الشعب الإيراني أكثر من أي وقت مضى، والمزيد من التقارب والوحدة بين الشعبين الإيراني والعراقي".

وكشف روحاني أن الجنرال سليماني "زار بغداد بدعوة من الحكومة العراقية وللقاء رئيس وزرائها"، معتبراً اغتياله "انتهاكاً للسيادة العراقية وإهانة للحكومة والشعب العراقيين، وجريمة لا تغتفر بحق الشعب الإيراني".

وحمّل الرئيس الإيراني الإدارة الأميركية "مسؤولية عواقب الاغتيال وتداعياته"، قائلاً: "فليعلم الأميركيون أن مصالحهم ومنافعهم في كافة أنحاء المنطقة تواجه ظروفاً خطيرة، ولا يمكنهم الانفلات من تبعات هذه الجريمة".

وأكد روحاني أن أمن المنطقة "يتحقق فقط من قبل دولها، وأن لا أحد يربح من التصعيد، وعدم استقرار المنطقة من شأنه أن يشكل خطراً للعالم برمته"، مضيفاً أن بلاده "لا تسعى أبداً إلى الحرب والفوضى في المنطقة"، إلا أنه شدد في الوقت ذاته على أنها "لن تتردد في الدفاع عن حقوقها وسيادتها".

وعن تطورات الاتفاق النووي، أكد الرئيس الإيراني أن طهران خلال الشهور الـ20 الماضية بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق "التزمت بتعهداتها"، قائلاً إن المراحل الخمس في تقليص التعهدات "جاءت في إطار الاتفاق النووي"، ومشيراً إلى أنه "بالمقابل لم ينفذ الطرف الآخر تعهداته، وهذا ما أخلّ بالتوازن فيه".

إلا أنه في الوقت ذاته، قال إن الخطوات التي اتخذتها بلاده لخفض تعهداتها "قابلة للعودة عنها إذا ما وفت بقية الأطراف بالتزاماتها"، ليرمي بذلك الكرة في الملعب الأوروبي.

في المقابل، خاطب الرئيس الفرنسي، خلال المكالمة الهاتفية، وفقاً لموقع الرئاسة الإيرانية، نظيره الإيراني قائلاً: "أدرك أنني أتحدث معك في ظروف مريرة ومحزنة"، مضيفاً أن "جميعنا قلقون من السلام والاستقرار في المنطقة، والأحداث التي وقعت من شأنها أن تزيد من التوتر والتشنجات، بحيث لا يمكن تداركه".

وأعرب ماكرون عن "أسفه" للأحداث الأخيرة، مؤكداً "التزام فرنسا الدائم بتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة"، ليعلن عن استعداد باريس لـ"المساعدة في خفض التصعيد".

كذلك أشار ماكرون إلى "أهمية الاتفاق النووي"، مؤكداً أن فرنسا "ستواصل جهودها للحفاظ على هذا الاتفاق الدولي المهم"، داعياً إيران إلى "أن تتحرك أيضاً في هذا الاتجاه".

وكانت الحكومة الإيرانية قد أعلنت، الأحد، المرحلة الخامسة و"النهائية" من تقليص تعهداتها النووية، عشية انتهاء مهلة الـ60 يوماً الرابعة، التي كانت طهران قد منحتها سابقاً للأطراف الأوروبية للوفاء بتعهداتها الاقتصادية، لدعم موقفها في مواجهة العقوبات الأميركية.

وأكدت الحكومة الإيرانية، في بيانٍ، أنها خلال هذه المرحلة، ستوقف الالتزام بالقيد الوارد في الاتفاق النووي حول عدد أجهزة الطرد المركزي الـ5060، المسموح باستخدامها وفق الاتفاق. وكانت طهران تستخدم قبل التوقيع على الاتفاق النووي عام 2015 نحو 19 ألف جهاز للطرد المركزي.

بالإضافة إلى ذلك، شدّدت الحكومة الإيرانية على أنه بهذه الخطوة تكون قد كسرت القيود كافة التي فرضت على برنامجها النووي "في المجال العملياتي"، أي في مجالات كمية تخصيب اليورانيوم ومستوى التخصيب وإنتاج اليورانيوم المخصب والتطوير والبحث النووي. وأشارت إلى أن البرنامج النووي الإيراني سيتقدم "وفقاً لاحتياجات البلاد الفنية"، ما يعني أن الاتفاق النووي الذي فرض قيوداً صارمة على هذا البرنامج لم يعد له دورٌ في رسم ملامحه ومستقبله.


يشار إلى أنّ المراحل الأربع السابقة من تقليص تعهداتها النووية قد طاولت رفع القيود عن إنتاج اليورانيوم منخفض التخصيب بنسبة 3.76% وإنتاج المياه الثقيلة، ورفع نسبة تخصيب اليورانيوم إلى 4.5%، أي أكثر من 3.67% المنصوص عليها في الاتفاق النووي، ورفع جميع القيود الزمنية الواردة في الاتفاق بشأن إجراء البحث والتطوير حول أجهزة الطرد المركزي، وتشغيل أجهزة متطورة جديدة، وتفعيل منشأة "فوردو" النووية.

ويأتي اتصال ماكرون بروحاني في وقت يعقد فيه وزراء خارجية فرنسا وألمانيا وإيطاليا وبريطانيا اجتماعاً في بروكسل، اليوم الثلاثاء، لبحث الملف الإيراني، وكذلك الوضع في ليبيا، حسب ما أفادت مصادر أوروبية وكالة "فرانس برس".                

​استدعاء السفير البريطاني

وعلى صعيد متصل بالتوترات الجارية، أعلنت الخارجية الإيرانية، في بيان، أنها استدعت، مساء الثلاثاء، السفير البريطاني لدى طهران روب ماكير، احتجاجاً على "التصريحات  المرفوضة" لرئيس الوزراء بوريس جونسون، ووزيري الخارجية والدفاع البريطانيين حول اغتيال الجنرال سليماني، وأبو مهدي المهندس نائب رئيس "الحشد الشعبي".

وأعلنت الخارجية الإيرانية عن إدانتها "القاطعة" لهذه التصريحات، الداعمة لعملية الاغتيال، معربة عن "احتجاج إيران الشديد" على هذه المواقف.

وأكدت الخارجية الإيرانية وفق بيانها للسفير البريطاني أن هذه التصريحات "تمثل مسايرة للإجراء الإرهابي الأميركي"، مشيرة إلى أنه "لا يمكن تبريرها، وهي مرفوضة"، معتبرة أن بريطانيا "بهذه المواقف تصبح شريكاً في الجريمة".