معركة الموصل: قلق على المدنيين ومطالب بإشراك قوات أميركية

07 مايو 2017
جنديان عراقيان في معارك الموصل (أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -

مع استئناف القوات العراقية تقدمها نحو مركز مدينة الموصل القديمة، وما أثاره التحرّك العسكري من مخاوف على مصير المدنيين المحاصرين داخلها، قوبلت الخطة العراقية الجديدة بانتقادات شديدة من قبل مسؤولين عن المحافظة، الذين عدّوا السعي لإطباق الحصار على تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) داخل المدينة "خطأً عسكرياً فادحاً"، ما يستدعي تداركاً عاجلاً من خلال فتح منفذ للتنظيم ينسحب منه حفاظاً على حياة المدنيين.
ووسط التعقيدات الميدانية التي ترافق تقدّم القوات العراقية، لا تبدو هناك ثقة واضحة بقدرة هذه القوات على تحقيق هدفها بالتوازي مع الحفاظ على المدنيين، الأمر الذي دفع مسؤولين إلى المطالبة بإشراك قوات أميركية في خطة اختراق المدينة، على اعتبار أنّ لها الخبرة الأكبر في هذا المجال، بينما حذّر آخرون من المساومات السياسية التي تجرى على حساب المدنيين.

في هذا السياق، أفادت النائبة عن الموصل، نورة البجّاري، لـ"العربي الجديد"، بأنّ "الخطة التي أقدمت عليها القوات العراقية ومليشيا الحشد الشعبي من خلال فرض حصار كامل على تنظيم داعش داخل المدينة، قد يكون لها الأثر السلبي على حياة المدنيين، وهي بمثابة انتحار للتنظيم الذي يحاصر المدنيين داخل المدينة"، مطالبة بـ"تغيير هذه الخطة، وضرورة فتح منفذ لانسحاب التنظيم وخروجه من المدينة، ومن ثم تتم ملاحقته خارجها".

وشدّدت على "ضرورة أن يتم إشراك قوات التحالف الدولي في اقتحام المدينة، لأنّ لديها الخبرة والقدرة الكبيرة في هذا المجال"، مؤكدة أنّ "أي خطوة تصب بصالح حماية المدنيين والحفاظ على حياتهم يجب الأخذ بها، لأنّ حياة المدنيين يجب أن تكون الهدف الرئيس في هذه المعركة".

ورفضت قيادات التحالف الوطني الحاكم في البلاد وقيادات "الحشد الشعبي"، أي مشاركة لقوات أميركية في معركة الموصل أو أي معركة أخرى، على اعتبار أنّ ذلك لا يتطابق مع "سيادة العراق"، الأمر الذي انعكس سلباً على سير المعارك في الموصل وتسبب بحصار على المدنيين.

بدوره، حذّر النائب عن ائتلاف الوطنية، سالم العيساوي، من "المساومات السياسية على حساب أرواح المدنيين"، وقال في تصريح متلفز، إنّ "قوات التحالف مطالبة بالقدوم وإنقاذ البلد من طغمة داعش". ودعا القوات الأميركية والتحالف وكل من يستطيع مساعدة العراق على التخلص من "داعش"، إلى "القدوم لمساعدة القوات العراقية، وإعادة تشكيلها ومساعدتها لأجل السيطرة على الموصل"، مؤكداً أنه "نريد قوات أميركية تشارك في المعارك، فأهلنا في الموصل يُذبحون وفتك بهم داعش ولا نستطيع إخراج المدنيين من المدينة. الأمر يتطلّب مساعدة قوات التحالف لخلاصهم، من خلال توفير الغطاء الجوي والقوات البرية والمستشارين العسكريين".
وطالب العيساوي بـ"ترك هذه المزايدات السياسية الرافضة لمشاركة القوات الأميركية"، مبيّناً أنّ "تلك المزايدات تتم على حساب أرواح أهلنا ووحدة بلدنا وشعبنا. فجهات سياسية تتحكّم في القرار العسكري في العراق، ما أثّر سلباً على نتائج المعارك".



وانتقد الخبير الأمني، عبد الواحد الفلاحي، في حديثٍ مع "العربي الجديد"، ما وصفه بـ"تحكّم القيادات السياسية بالخطة الأمنية"، مؤكداً "حاجة العراق لمجلس عسكري يقود سير معاركه بمعزل عن السياسة والسياسيين الذين لا يعرفون سوى مصالحهم الشخصية".

وأكد أنّ "الثمن الكبير الذي دفعه العراق من أرضه ودمائه هو بسبب تحكّم السياسيين بالقرار العسكري والخطط العسكرية في البلاد"، موضحاً أنّ "القادة السياسيين بمن فيهم رئيس الوزراء وقادة الأحزاب المهيمنة على الحكم في البلاد، تعمل اليوم بالتعاون مع القيادات العسكرية على بلورة الرؤية العسكرية والخطط العسكرية للبلاد، وأنّ الرأي الأقوى هو للقادة السياسيين". وشدّد على أنّ "هذا التوجه السلبي هو مؤشر خطير على تسييس المعارك وتسييرها وفقاً للأجندات السياسية والحزبية، وقد جاءت النتائج في الموصل والأنبار وصلاح الدين وغيرها واضحة، تصب بمصلحة جهات سياسية، ودفع ثمنها المدنيون من دمائهم".

ودعا إلى "ضرورة فصل ملف السياسة عن الأمن، وأن يكون هناك مجلس عسكري عراقي يتكون من قيادات عسكرية ذات خبرة في هذا المجال، وأن تكون بعيدة عن التحزب والتوجه السياسي، وتكون هي الجهة المسؤولة عن وضع الخطط العسكرية وتطبيقها وفقاً لرؤية عسكرية بحتة".

ميدانياً، توغّلت القوات العراقية في أحياء جديدة في الموصل، ورافق تقدّمها قصف بالمدفعية والهاونات. وفي هذا الصدد، أشار قائد الشرطة الاتحادية، الفريق رائد شاكر جودت، في بيان صحافي، إلى أنّ "قوات الرد السريع التابعة للشرطة الاتحادية والفرقة الآلية، توغلت نحو 500 متر في محور الهرمات، شمال غربي الموصل، وسيطرت على عدد من المباني فيها"، مضيفاً أنها "اقتحمت صناعة وادي عكاب".

وأكدت مصادر عسكرية متطابقة لـ"العربي الجديد"، أنّ "الاشتباكات العسكرية القوية التي تخوضها القوات العراقية مع داعش في المناطق التي توغلت فيها، خلال تقدمها، أجبرتها على استخدام الأسلحة الثقيلة وقصف أهداف داعش"، مبينة أنّ "القوات حريصة كل الحرص على الحفاظ على حياة المدنيين، لكن بدون شك هناك خسائر في صفوفهم بسبب القصف، والذي لا يمكن تلافيه". ولفتت إلى أن "القيادات العسكرية رأت أنّه لا يمكن تأخير المعركة أكثر، لأنّ كل يوم تأخير يدفع ثمنه المدنيون المحاصرون داخل المدينة، ما دفع للتحرّك العسكري للانتهاء من هذا الملف".


المساهمون