نشاط متزايد لـ"داعش" شرقي سورية والترقب سيد الموقف جنوباً

13 يونيو 2018
احتدام معارك البوكمال (فرانس برس)
+ الخط -



يحتدم الصراع في الشرق السوري بين قوات النظام ومليشيات إيرانية من جهة، وتنظيم "داعش" من جهة أخرى، بالتزامن مع معارك يخوضها الأخير مع قوات مدعومة من التحالف الدولي، فيما يسود الترقب الموقف في الجنوب السوري وسط مؤشرات على نية النظام تحريك الجبهات العسكرية هناك.

في هذا السياق، جدّد تنظيم "داعش" استهدافه لمواقع قوات النظام وحلفائها في بادية دير الزور، فقد أكد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن "التنظيم نفّذ هجوماً مباغتاً على مواقع قوات النظام وحلفائها من الجنسيات السورية وغير السورية، وذلك على محاور بالقرب من المحطة الثانية (ت. 2)، عند الحدود الإدارية بين ريف حمص الشرقي وريف دير الزور". وأشار إلى أن "اشتباكات تدور بين الطرفين بوتيرة متفاوتة العنف، يصاحبها قصف واستهدافات متبادلة، ما أسفر عن مزيد من القتلى بين طرفي القتال".

وفي سياق متصل، أكدت مصادر محلية أن القتال "لا يزال متواصلاً بوتيرة متفاوتة في مدينة البوكمال، الواقعة في القطاع الشرقي من ريف دير الزور، بين قوات النظام والمليشيات الإيرانية من جانب، وعناصر تنظيم داعش من جانب آخر، على محاور في غرب وشمال غربي مدينة البوكمال"، مشيرة إلى "فشل قوات النظام في استعادة السيطرة على ما خسرته من مواقع في الجهة الغربية والشمالية الغربية من مدينة البوكمال، على الرغم من التعزيزات التي كانت قوات النظام قد استقدمتها مع حلفائها إلى المنطقة".

وكان التنظيم قد شنّ، أخيراً، من قواعده في منطقة "ت.2" في البادية هجوماً على قرى واقعة غرب مدينة البوكمال، فسيطر على قرى واسعة ضمن مسافة تقدر بنحو 20 كيلومتراً، أبرزها غبرة، والرمادي، والبقعان، والجلاء، والحسرات، والصالحية، فاتحاً بذلك قناة اتصال مع مناطقه شمال الفرات من خلال النهر نفسه. وكانت قوات النظام قد سيطرت، في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، على مدينة البوكمال الواقعة على الحدود السورية العراقية، والتي كانت من أبرز معاقل التنظيم في شرقي سورية على مدى سنوات.



وبالتزامن مع معارك "داعش" مع قوات النظام جنوب نهر الفرات، تستمر الاشتباكات بوتيرة عنيفة بين "قوات سورية الديمقراطية" (قسد)، المدعومة من التحالف الدولي، من جهة، وعناصر "داعش" من جهة أخرى، في شمال نهر الفرات، حيث لا يزال التنظيم يحتفظ بوجود مهم في ريف دير الزور الشرقي وجانب من ريف الحسكة الجنوبي. وشن طيران التحالف الدولي غارات على المواقع التي تخضع لـ"داعش" جنوبي الحسكة. وتحولت بلدة هجين إلى المعقل الأخير لتنظيم "داعش" في الشرق السوري، حيث تحاول "قوات سورية الديمقراطية" اقتحامها، إلا أن محاولاتها باءت بالفشل رغم القصف الجوي المتواصل.

في هذا السياق، عاد التراشق الإعلامي مجدداً بين روسيا والولايات المتحدة، حول الوضع في شرقي سورية، فأعلنت وزارة الدفاع الروسية أخيراً، أن "المجموعات المسلحة السورية تعدّ لتمثيل هجوم كيميائي جديد في حقل الجفرة النفطي بدير الزور، شمال شرق البلاد، بمساعدة عسكرية من قوات العمليات الخاصة الأميركية".

وأكد المتحدّث باسم الوزارة، إيغور كوناشينكوف، أنّه "وبحسب المعلومات المؤكدة عبر 3 قنوات مستقلة في سورية، فإن مسلّحي الجيش الحرّ أدخلوا أنابيب تحتوي على غاز الكلور إلى حقل الجفرة لتمثيل هجوم كيميائي وتصويره، واستخدام الصور لتبرير قصف جويّ للتحالف الدوليّ بقيادة الولايات المتحدة على أهداف حكومية سورية، وتبرير هجوم المسلحين".

وكانت موسكو قد اتهمت "دولة إقليمية بدعم نشاط تنظيم داعش الإرهابي أخيراً"، إذ اعتبرت قاعدة حميميم الروسية أن هذا الدعم يعتبر "أمراً مهماً"، مشيرة إلى أنه "يجب تحميل تلك الدولة مسؤولية أفعال التنظيم التخريبية الأخيرة". وأعلنت، في منشور لها على صفحتها على "فيسبوك"، أنه "لن يتم الإفصاح عن اسم الدولة في الوقت الراهن، حفاظاً على التوازن الدولي في المنطقة".



على صعيد آخر، لا يزال الترقب والتوتر سيدي الموقف في الجنوب السوري بعد فشل مساع لحسم مصيره من قبل أطراف إقليمية ودولية وسط مؤشرات على نية النظام شن هجوم واسع النطاق على قوات المعارضة السورية. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، أمس الثلاثاء، إن "طائرات مسيرة تابعة للفصائل العاملة في درعا، التابعة للمعارضة السورية، ألقت مناشير على مناطق سيطرة قوات النظام في مدينة درعا، دعت فيها عناصر قوات النظام للانشقاق"، مؤكدة أنها "تقاتل لأجل أن يكون الوطن للجميع".

وكانت مصادر إعلامية تابعة للنظام قد أكدت، يوم الأحد، أن "محافظة درعا شهدت خلال الأيام القليلة الماضية سلسلة اجتماعات هدفها التحضير لإجراءات احترازية استعداداً للعمل العسكري المتوقع"، لافتة إلى أنه "جرت تسمية بعض المعابر الإنسانية وأُعطيت أرقام من دون أن تحدد المناطق التي ستعمل بها"، موضحة أن "هذه المعابر ستتولى إخراج المدنيين، كما جرت العادة في المعابر الإنسانية التي أنشأتها قوات النظام في معركة الغوطة الشرقية".

وادّعت المصادر أن "الاستعدادات باتت شبه جاهزة تماماً من ناحية العناصر التي ستقف على المعابر، وعناصر الدفاع المدني والإسعاف والصحة التي ستتولى استقبال الخارجين، إضافة إلى التحضير لأماكن كي يقيم الأهالي فيها"، مشيرة إلى أن "هذه الإجراءات هي احترازية وتحضيرية خدمية لأي عمل عسكري متوقع".

وكان من المقرر عقد اجتماع ثلاثي (روسي، أميركي وأردني) في العاصمة الأردنية عمّان على المستوى الوزاري، لوضع خارطة طريق جديدة تنهي الجدل الحاصل حول مصير المنطقة الجنوبية في سورية، إلا أنه لم يعقد بعد، ما يؤكد وجود تباين رؤى بين أطراف الصراع في سورية. ولكن المعارضة السورية تؤكد أنها أخذت "تطمينات واضحة" من الجانب الأميركي مفادها أن واشنطن لن تسمح باندلاع معارك في الجنوب السوري، وأنه "سيكون لهم (الأميركيون) رد حاسم" في حال بدأت قوات النظام هذه المعارك.



المساهمون