انقلاب حفتر النفطي: تواطؤ دولي وحكومة ومجلس رئاسي جديدان

12 سبتمبر 2016
حفتر جهز لحملته العسكرية منذ أسبوع (عبدالله دوما/فرانس برس)
+ الخط -
لا يزال الغموض يسيطر على المشهد في الهلال النفطي الليبي، بعد سيطرة القوات التابعة للواء خليفة حفتر، على منطقة الهلال الغني بالنفط، في عملية عسكرية خاطفة لم تتضح معالمها حتى الآن. وعلى الرغم من تصريحات المتحدث باسم حرس المنشآت النفطية التابع للمجلس الرئاسي، علي الحاسي، التي أفادت بوجود مقاومة مسلحة لـ"غزو" حفتر، إلا أن الموقف بات واضحاً بإحكام سيطرة قوات الأخير على كامل منطقة الهلال النفطي.

وكانت وكالة "فرانس برس" قد نقلت عن المتحدث باسم إحدى الكتائب في قوات حفتر، صباح اليوم، قوله إنّ "قواتنا المسلحة تمكنت من إحكام سيطرتها على ميناء الزويتينة وتأمينه بالكامل"، فيما نقلت وكالة أنباء "وال" عن مصدر عسكري في قوات حفتر إن "القوات المسلحة تتمركز بالميناء، وقامت بتأمينه بالكامل بعد طرد المليشيات الخارجة عن القانون منه".

وبحسب مصدر خاص لـ"العربي الجديد"، كان حفتر يجهز لحملته العسكرية، منذ أسبوع، باقتراب بعض الوحدات العسكرية التابعة له من حقل الزويتينة القريب من أجدابيا (شرق)، إضافةً إلى تحرك وحدات أخرى يقودها القيادي في النظام السابق، محمد بن نائل، من جنوب ليبيا باتجاه زلة ومرادة جنوب الهلال، وتحديداً جنوب السدرة ورأس الأنوف.

وقال المصدر إن "ساعة الصفر كانت محددة، منذ أيام، لتكون يوم إجازة عيد الأضحى إذ يتناقص عدد مقاتلي حرس المنشآت". وكشف المصدر عن أن "مبعوثي حفتر وبرلمان طبرق إلى تونس، خلال الأيام الماضية، كانوا يماطلون لكسب الوقت حتى تنفيذ هذه العملية العسكرية، ومن ثم يحصلون على أوراق على الأرض لتحسين شروطهم التفاوضية".

وأضاف أن "فرنسا لم تتخل عن حفتر كما يشاع، فهي من لعبت دوراً كبيراً في إقناع الدول الكبرى المهتمة بليبيا، لا سيما إيطاليا والولايات المتحدة في الحفاظ على حفتر كورقة رابحة"، مضيفاً أن "المجتمع الدولي قرر إعادة استئناف تصدير النفط برعاية فرنسا التي تمتلك شركاتها النفطية الحصة الأكبر في ليبيا، والتي كانت تراهن على حفتر منذ البداية".

وأكد المصدر أنه "لا يمكن تفسير سقوط أهم منطقة ليبية تحت سيطرة أي قوة بهذه السهولة التي رأيناها دون موافقة دولية، وهو ما تم أخيراً، من خلال اجتماع القيادات العسكرية الليبية في تونس، والتي طلب فيها المبعوث الأميركي، جونان وينر، من قيادات مصراتة (غرب)، ومن العضو الممثل لحرس المنشآت النفطية بالمجلس الرئاسي، فتحي المجبري، رفع غطائهم عن قائد الحرس، إبراهيم الجضران. والغاية الأميركية من وراء هذا الطلب تتمثل بإضعاف الرجل القوي في مصراتة تمهيداً لضرب الهلال النفطي ولإضعاف المجلس الرئاسي وإجباره بالتالي على تقديم تنازلات، إذ شكلت مصراتة، بفعل دور الجضران فيها، سنداً أساسياً في دعم "الرئاسي" على المستويات العسكرية والسياسية والمالية.

في هذا السياق، قال المصدر إن "القرار الدولي لا يمكنه إلا مراعاة فرنسا لكونها الطرف الذي يتحكم بقرار تصدير النفط بواسطة قوات حفتر". وعلى الصعيد الداخلي أكد أن "كواليس اجتماعات القاهرة وتونس والجزائر كشفت عن رغبة دولية حقيقة في دفع كل الأطراف الليبية إلى تليين مواقفها". وأشار في هذا الصدد، إلى أن "الصلح الذي تم القبول به بين مصراتة وتاورغاء وقبائل الشرق، وقبول الأخيرة بتقديم تنازلات والتخلي عن دعمها لحفتر، كلها عوامل تعكس ضغوطاً دولية كبيرة تمارس على كل الأطراف من أجل القبول بقيادة المجلس الرئاسي للمرحلة المقبلة في ليبيا".

واعتبر المصدر، أن رسم ملامح الوضع المقبل لم يعد خاضعاً لإرادة الليبيين، لكن الجميع أصبح في موقف ضعيف وليس له خيار إلا القبول بحكومة المجلس الرئاسي، والاكتفاء بتمثيل معين فيها"، وفق المصدر الذي لفت إلى أن جميع الأطراف أبلغت بوجوب تنفيذ الاتفاق السياسي. وخلص المصدر إلى القول إن "المجتمع الدولي لن يتخلى عن المجلس الرئاسي الذي فرضه من خلال الأمم المتحدة، لكنه يجري مراجعة بشأن وضع هذا المجلس، بعدما تبين أن القوى العسكرية الموالية لحفتر، والتي تسيطر على مواقع حيوية وحساسة، يجب احتواؤها ضمن حكومة وفاق جديدة، ولذلك كان الطلب الدولي واضحاً من فائز السراج وبرلمان طبرق بتأجيل الإعلان عن حكومة جديدة" إلى أن يتم ترتيب الوضع مع حفتر.

المساهمون