ميركل تدعو للالتزام بالاتفاق النووي... وروحاني: إيران لن ترضخ للمؤامرات

16 مايو 2018
ميركل: الاتفاق ليس مثالياً... وإيران تفي بالتزاماتها (ميشيل تانتوسي/Getty)
+ الخط -

بينما أكدت الدول الأوروبية أنّها ستقدّم ضمانات لإيران، بشأن البقاء في الاتفاق النووي، بعد انسحاب واشنطن، اعترفت ألمانيا بأنّ الاتفاق "ليس مثالياً"، لكنّها شددت على ضرورة الاستمرار به، في حين واصلت طهران رفع سقف تصريحاتها، وأكدت أنّها لن "ترضخ للمؤامرات".

وقالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، اليوم الأربعاء، إنّ أفضل طريقة للتعامل مع المخاوف الدولية إزاء دور إيران في المنطقة، وبرنامجها للصواريخ الباليستية، هي البقاء في إطار الاتفاق النووي مع طهران، حتى بعد انسحاب الولايات المتحدة منه.

وتابعت، أمام نواب في المجلس الأدنى من البرلمان الألماني، وفق ما ذكرت "رويترز"، أنّ "السؤال هو هل الأفضل إجراء محادثات بإنهاء اتفاق أم بالبقاء فيه... نقول يمكن الحديث بشكل أفضل في حالة البقاء فيه".

وتعهدت القوى الأوروبية هذا الأسبوع، بالإبقاء على الاتفاق المبرم عام 2015، دون الولايات المتحدة، وذلك بمحاولة الحفاظ على تدفق النفط الإيراني، والاستثمار مع طهران، لكنّها أقرّت بأنّها ستسعى جاهدة لتقديم الضمانات التي تطلبها طهران.

ورفع الاتفاق بين إيران والقوى العالمية الست، معظم العقوبات الدولية على إيران عام 2016، مقابل التزام طهران بالحد من برنامجها النووي الذي يخضع لرقابة مشددة من وكالة الطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة.

وقالت ميركل "إنّ هذا الاتفاق بعيد كل البعد عن كونه مثالياً، لكن إيران، ووفقاً لكل ما تعرفه السلطات النووية الدولية، تفي بالتزاماتها المنصوص عليها في الاتفاق".

وقرر الرئيس الأميركي دونالد ترامب، هذا الشهر، الانسحاب من الاتفاق الذي وصفه بأنّه "أسوأ اتفاق على الإطلاق"، وأعاد فرض العقوبات على إيران.

وقالت ميركل للنواب "رغم كل الخلافات بيننا هذه الأيام، لا تزال العلاقات عبر الأطلسي مهمة. لكن هذه العلاقات ينبغي أن تصمد أمام الاختلاف في الرأي".


روحاني: إيران لن ترضخ

وفي طهران، قال الرئيس الإيراني حسن روحاني، إنّ "إيران لم ولن تستسلم لمؤامرات الآخرين وخاصة تلك الأميركية".

وأضاف روحاني، خلال اجتماع الهيئة الحكومية، اليوم الأربعاء، أنّ "أمام الاتفاق النووي فرصاً للحوار، لكن البعض يعتقدون أنّ أسلوب العقوبات والتهديد وحتى التلويح بالحرب، قد يؤدي لرضوخ الإيرانيين، إلا أنّ صمودهم أكد أنّ هذه الأساليب لن تؤدي لنتيجة".

وتابع أنّ "المفاوضات النووية كانت تهدف للحصول على حق الإيرانيين في امتلاك برنامج نووي سلمي ولإلغاء العقوبات، وكان من الممكن تحقيق ذلك لو بنسبة 80%، لكن الدول الغربية، وخاصة أميركا، ظلت تتعامل بعدائية مع إيران، ورغم كل ذلك حققت إيران إنجازات لم تكن ستحصل عليها دون الاتفاق".

واعتبر الرئيس الإيراني، أنّ "انسحاب أميركا خطوة تخريبية أحادية الجانب"، قائلاً إنّ واشنطن "هي الطرف الذي يجب أن يتحمل المسؤولية واللوم والضغط الدولي"، داعياً مؤسسات صنع القرار في إيران للانسجام وتخفيف حدة الانتقادات لمواجهة أميركا.

وأضاف أنّ "كثراً باتوا يقفون إلى جانب إيران، باستثناء اسرائيل ودول صغيرة رجعية في المنطقة"، معتبراً أنّ "أميركا أصبحت تجلس على كرسي الاتهام، بعد أن أجمع الأغلبية على التزام إيران بتعهداتها".

وجدد التأكيد أنّه "بحال وصلت مباحثات إيران مع الأطراف الباقية في الاتفاق لنتيجة تضمن مصالحها، فستبقى في الاتفاق النووي، بل إنّ ذلك سيكون أفضل دون وجود واشنطن" التي وصفها بـ"الطرف المزعج". وقال إنّ "ترامب كان يتوقع انسحاب إيران فور خروجه منه، بما يعيد فرض العقوبات الأممية عليها، لكنّه أخطأ الحسابات".


نتائج جولة ظريف

وتأتي هذه المواقف، غداة مغادرة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، بروكسل، متوجهاً إلى طهران، بعد أن أنهى الجولة الأولى من حواره مع الدول الأوروبية، حول الضمانات المطلوبة للبقاء في الاتفاق النووي.

وقال قبيل مغادرته، إنّ "هذه الجولة مجرد بداية، لكنّها أسفرت عن التأكيد على ضرورة التركيز على الاتفاق وحسب، وكيف يمكن لأوروبا أن تتخذ خطواتها سريعاً، وخلال الأسبوع القادم، لتضمن تحقق مصالح إيران في الاتفاق".

وفي تصريحات صحافية، اليوم الأربعاء، أعلن ظريف عن عقد جلسات مكثفة على مستوى الخبراء، اعتباراً من الأسبوع القادم، لتحصل طهران على الطمأنات الأوروبية المطلوبة، مؤكداً إجماع كل الأطراف على ضرورة الحفاظ على الاتفاق، وعدم ارتباط تطبيقه بأي ملف آخر.

وأشار ظريف، إلى بعض العناوين التي طرحت خلال اجتماعه مع نظرائه الأوروبيين في بروكسل بحضور منسقة الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي فيدريكا موغريني، وقال إنّ "شرط تطبيق التعهدات في قطاع النقل أحدها".

وفي تعليقه على العقوبات التي فرضتها الخزانة الأميركية، أمس الثلاثاء، بعد إدراج اسم محافظ البنك المركزي ولي الله سيف، على لائحة الحظر، ذكر ظريف أنّ "سبب هذه العقوبات مرتبط بغضب الولايات المتحدة من التطورات الحاصلة، ومن المتوقع اتخاذ اجراءات مماثلة لذات السبب".

ولفت وزير الخارجية الإيراني، إلى أنّ "الدول الأوروبية شريك لأميركا، ولا تنتظر طهران تحقق سيناريو تخيلي، لكن قرار ترامب بالانسحاب وضع الاتحاد الأوروبي في موقف لتحديد كيفية تحقيق مصالحه"، حسب وصفه.

ورأى أنّه "ليس من الضروري أن تكسب واشنطن دائماً، ففي بعض الأحيان حصلت اختلافات وحقق الأوروبيون مرادهم"، وأضاف "هذا العالم ليس لأميركا، ولم تعد كل القرارات بيدها، لكن واشنطن تحبذ أن يبقى العالم على هذه القناعة".


أما علي أكبر ولايتي كبير مستشاري الزعيم الأعلى الإيراني علي خامنئي، فقال، اليوم الأربعاء، إنّه يشك في أن تكون المحادثات مع الدول الأوروبية، لإنقاذ الاتفاق النووي بعد انسحاب الولايات المتحدة منه، "مثمرة".

ونقلت وكالة "فارس" للأنباء، عن ولايتي قوله "أشك في أن تكون المحادثات مع الأوروبيين مثمرة. آمل أن نرى نتائج طيبة... علينا أن نصبح معتمدين كلياً على أنفسنا".


إدانة العقوبات

واليوم الأربعاء، أصدر المتحدث باسم الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي، بياناً اعتبر فيه أنّ هذه العقوبات الأميركية، أمس الثلاثاء، "تهدف لتعويض فشل واشنطن في الاتفاق النووي".

وأعلنت وزارة الخزانة الأميركية، أمس الثلاثاء، أنّها فرضت مجموعة من العقوبات الاقتصادية الجديدة على مؤسسات وشخصيات إيرانية.

ووفق بيان الخزانة الذي نشرته وكالة "رويترز"، فإنّ العقوبات جزء من "الحملة القوية" لإدارة ترامب ضد الحرس الثوري ووكلائه، وفي إطار الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي الإيراني.

وتابع قاسمي، أنّ "الموقف الدولي الرافض لانسحابها (واشنطن) أظهر فشلها وعجزها"، كما رأى أنّ التوقيت المتزامن وحوار إيران مع أطراف الاتفاق النووي، يؤشر لوجود مساع للتأثير على هؤلاء وعلى بقية أطراف المجتمع الدولي".

ووصف قاسمي القرار بأنّه "في غير مكانه"، و"يأتي استكمالاً للسياسات العدائية وغير الناضجة للحكومة الأميركية إزاء طهران".


تهديدات متزايدة

من جهته رأى رحيم صفوي مستشار المرشد الإيراني للشؤون العسكرية، أنّ "التهديدات المحدقة بإيران أبعد من المنطقة، فإيران لا تشعر بالتهديدات من الدول الجارة وحدها، لكن القوى الكبرى من قبيل أميركا والصهاينة هم التهديد الحقيقي".

وقال صفوي، اليوم الأربعاء، بحسب ما ذكرت وكالة "فارس"، إنّ "الاستراتيجية العسكرية لأميركا باتت على قناعة بأنّ أي حرب قادمة لن تكون من قبيل التي دخلت بها في العراق وأفغانستان، واذا حصل ذلك ستكون حرباً قصيرة وشديدة وستستخدم فيها تقنيات معقدة"، متوعداً في المقابل بأنّ "القوات المسلحة الإيرانية هي عامل قوة للبلاد".