لبنان والانتخابات البلدية: تحضيرات قائمة ومخاوف مستمرة من التأجيل

28 ابريل 2016
اتصالات سياسية بين معظم الأطراف بهدف التوصل لتوافقات(فرانس برس)
+ الخط -
تنشغل الدوائر السياسية بملف الانتخابات البلدية في لبنان، المفترض أن تنطلق في الثامن من مايو/أيار المقبل، وسط موجة من الاتصالات السياسية التي تقوم بها معظم الأطراف بهدف التوصل إلى توافقات سياسية وتجنيب البلدات معارك انتخابية. 

ويبدو بارزاً التواصل القائم بين "القوات اللبنانية" و"التيار الوطني الحر" على الساحة المسيحية، والتفاهم بين "حزب الله" و"حركة أمل" على الساحة الشيعية، في حين يعدّ "تيار المستقبل" للقاءات في المناطق المحسوبة على الطائفة السنية بهدف الخروج من الاستحقاق البلدي بأقلّ المعارك الممكنة.

وعلى مستوى المتابعة الدولية لهذا الاستحقاق الانتخابي، اعتبرت ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في لبنان، سيغريد كاغ، أنّ "تاريخ الثامن من مايو/أيار جزء مهم من الحياة الديموقراطية في لبنان".

وأشارت، بعد لقائها وزير الداخلية، نهاد المشنوق، إلى "ثقتها وإعجابها بالطريقة القيادية التي يدير بها المشنوق الانتخابات البلدية"، ولو أنّ المشنوق كوزير للداخلية أعلن دعمه لمرشّح "تيار المستقبل" لرئاسة بلدية بيروت، وهو ما يتنافى مع وظيفته في وزارة الداخلية التي من مسؤولياتها تأمين إجراء الانتخابات والحيلولة دون التدخلات السياسية، والمحافظة على حقوق الناخبين وحظوظ المرشّحين.


وتحظى الانتخابات البلدية في لبنان بدعم وتأييد جهات دولية وغربية عدة، أبرزها الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، الذي زار بيروت الشهر الماضي، إضافة إلى الرئيس الفرنسي، فرنسوا هولاند، الذي زار لبنان قبل أسبوعين، إضافة إلى مسؤولين سياسيين واقتصاديين عدة عقدوا لقاءات في بيروت في الفترة الماضية، على اعتبار أنّ أي استحقاق انتخاب هو دليل عافية الدولة اللبنانية والمحافظة على الديموقراطية والحياة السياسية فيها، وقدرة المؤسسات الرسمية على تنظيم هذه الاستحقاقات، على الرغم من الأجواء السياسية والأمنية الصعبة.

وفي ما يخص تفاصيل تنظيم العملية الانتخابية، ذكرت مصادر سياسية، لـ"العربي الجديد"، أنّ "موظفي وزارة التربية لم يتلقّوا بعد أي طلب من وزارة الداخلية للمساهمة في تنظيم الاستحقاق"، على اعتبار أنّ موظفي التربية والمعلّمين يرأسون أقلام الاقتراع والمراقبة خلال كل الاستحقاقات الانتخابية في لبنان. 

وبحسب المصادر نفسها، كانت تجري العادة بأن يُبلّغ الموظفون باستدعاءات وزارة الداخلية لهم بهذا الخصوص قبل أسبوعين على الأقل من موعد الانتخابات، وهو ما لم يحصل بعد على بعد عشرة أيام من موعد إجراء الانتخابات في بيروت ومحافظتي البقاع وبعلبك-الهرمل، المقرر عقدها في الثامن من مايو/أيار المقبل، ما يطرح علامات استفهام كثيرة حول جدية إجراء الانتخابات البلدية في موعدها، مع العلم أنّ أجواء سياسية لا تزال تتحدث عن إمكانية التأجيل على أعتاب الموعد المحدّد.

وفي الإطار نفسه، أصدرت الجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الانتخابات (لادي) تقريرها الأول حول "مراقبة الانتخابات البلدية والاختيارية في فترة الحملات الانتخابية"، مشيرة إلى استمرار "أجواء سيناريوهات وتحليلات وتأويلات تلمح إلى أن الانتخابات البلدية لن تجرى وأنّ الاستحقاق لن يستكمل"، واعتبرت "لادي" أنّ هذه السيناريوهات توحي من جهة بأنّ "التأجيل سيحصل – خاصة أنه سبق وحصل – وتوحي للسلطة السياسية أنه لا بأس إن حصل، وفي الحالتين فإن هذا هو تشويه لأبسط مبادئ الديمقراطية".

ورصدت "لادي" مجموعة من المخالفات المرتكبة، والتي تمس بالمبادئ العامة لديموقراطية الانتخابات، أبرزها دعم وزير الداخلية لمرشح "تيار المستقبل" لبلدية بيروت، جمال عيتاني، "وفي ذلك مخالفة واضحة لمبدأ الحياد والمساواة بين جميع المتنافسين".

كما المخالفات التي أوردتها الجمعية عن عدم التزام مجلس الوزراء بتعيين أعضاء هيئة الإشراف على الانتخاب، والتي لها مهمات أساسية منها الإشراف على الإنفاق والإعلان الانتخابيين، كما رصدت استخدام المرافق العامة والأماكن الدينية لغايات انتخابية، مثلاً كإطلاق "حزب الله" لماكينته الانتخابية من حسينيات، أو إطلاق مواقف سياسية وانتخابية من مرشح المستقبل في بيروت، جمال عيتاني، من مقرّ الكنيسة في العاصمة، بالإضافة إلى استقبال مفتي صيدا (جنوبي لبنان) سليم سوسان لرئيس بلدية صيدا المرشح محمد السعودي، في دار الإفتاء وتقديمه الدعم له، إضافة إلى مخالفات أخرى.

ثالثاً، وفي ما يخص الإعلان الانتخابي، أشار تقرير "لادي" إلى "انتشار واسع لصور عشوائية للمرشحين في كل المناطق اللبنانية"، وهو ما يتعارض مع المادة 70 من القانون الانتخابي الذي يشير إلى وجوب أنّ "تعين السلطة المحلية المختصة، بإشراف السلطة الإدارية في كل مدينة أو بلدة".

ومن المؤاخذات التي وردت في التقرير لجوء بلديات وأطراف إلى استخدام نفوذها السياسي أو سلطتها البلدية للقيام بمشاريع وتنفيذ أشغال في المرحلة التي تسبق العملية الانتخابية، في إطار محاولة كسب رضا الناخبين، وهو ما يتعارض مع مواد في قانون الانتخابات، كما سجل الكثير من الشكاوى من قبل مواطنين حول وجود رشاوى انتخابية وإنفاق انتخابي، واستخدام الأموال العامة لأغراض انتخابية.

المساهمون