فصائل سورية معارضة تتجه إلى ديرالزور لتحريرها من "داعش"

05 اغسطس 2017
أثناء تقديم مساعدات لنازحي الرقة في الطبقة(دليل سليمان/فرانس برس)
+ الخط -
تتسارع الأحداث في سورية على وقع عملية إعادة ترتيب المشهد العام في ظل توافقات أميركية - روسية، لا تخلو في بعض جوانبها من الغموض وعدم وضوح الرؤية. ومن ضمن هذه التوافقات ما أصبح قاعدة أساسية للتعاطي في الملف السوري، وهو دفع واشنطن فصائل المعارضة المسلحة إلى توجيه البندقية باتجاه تنظيمي "داعش" و"النصرة" حصراً وتحييد النظام عن معاركها، بعدما بدأت مناطق "داعش" تنحسر تدريجياً، خاصةً بعد حصاره في الرقة التي تحاول "قوات سورية الديمقراطية" السيطرة عليها. وتطبيقاً لتلك القاعدة، بدأت أنظار الأطراف المتصارعة تتحول إلى دير الزور، آخر المعاقل الكبرى للتنظيم في سورية. وهناك، يرتبط الهجوم العسكري بالواقع الجغرافي لسيطرة التنظيم، إذ تتقدّم قوات النظام السوري بدعم روسي وإيراني باتجاه مناطق "داعش" من محور جنوب الرقة، في حين يسارع "التحالف الدولي" بقيادة الولايات المتحدة، للبدء بقضم دير الزور، عبر دعم فصائل سورية معارضة لتشكيل قوة عسكرية ضاربة تنطلق عملياتها من بلدة الشدادي، جنوب الحسكة بنحو 60 كيلومتراً، والواقعة على الحدود الإدارية لريف دير الزور.

وأصبح من الواضح حتى الآن، أن "التحالف الدولي" والأميركيين سيعتمدون في معركتهم في دير الزور على "جيش مغاوير الثورة"، المتمركز في منطقة التنف في البادية الشامية السورية على الحدود السورية - العراقية - الأردنية، كنواة لجيش وطني يضم العديد من الفصائل والمقاتلين من أبناء المنطقة. وهذا التطور يظهر بوضوح أن الاتفاقات الأميركية - الروسية في الجنوب السوري كرست وقف قتال المعارضة السورية ضد قوات النظام، للتفرغ لمحاربة "داعش".

وفي هذا السياق، قال قائد "جيش مغاوير الثورة"، مهند الطلاع، في تسجيل صوتي حصلت عليه "العربي الجديد"، إن "الهيئة السياسية لجيش مغاوير الثورة، أجرت مفاوضات مع الأميركيين من أجل مشروع وطني، تكون فيه مغاوير الثورة نواته في الشدادي"، على أن يكون لهذا المشروع تأييد من الشعب ومن القوى الموجودة على الأرض والشخصيات الاعتبارية، لا سيما من أبناء الفرات، بحسب طلب الأميركيين. وبيّن أن الهيئة السياسية هي برئاسة رياض حجاب، وشخص آخر ملقب بأبو يارا، من دون الكشف عن هويته. وأوضح أن "جيش مغاوير الثورة عقب انتشاره في الشدادي، سيكون نواة لجيش وطني، وهذه الجهة ستكون الوحيدة المخولة بدخول دير الزور وتحريرها من داعش"، وفق تأكيده. وأضاف أن "الفكرة ببساطة تتمثل في أن مغاوير الثورة رفضت منذ البداية العمل مع قوات سورية الديمقراطية". وقال "لا نزال مستمرين في موقفنا، وحالياً نضغط على الأميركيين من أجل تشكيل جيش في الشدادي، وهو جيش وطني نواته المغاوير، ومن المتاح أن يتغير اسمه فيكون مثلا جيش التحرير الوطني"، وفق تعبيره.



من جانبه، قال مصدر مسؤول في "جيش مغاوير الثورة"، طلب عدم الكشف عن هويته، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "الهيئة السياسية في مغاوير الثورة برئاسة رياض حجاب، توصلت يوم الخميس، بعد اجتماعات مطولة مع الأميركيين في العاصمة الأردنية عمان، إلى اتفاق حول مشروع وطني متكامل يصلح لجميع الأراضي السورية، في حين ستكون دير الزور نموذجاً لتطبيقه". وأضاف أن "الشدادي ستكون قاعدة بناء هذا المشروع، إذ ستتم دعوة الجميع ليكونوا شركاء بهذا المشروع، فصائل وأفراداً وعسكريين". وتابع أنه "سيعاد تشكيل قيادة عسكرية جامعة لتقود عملية تطهير دير الزور من تنظيم داعش، تحت أي اسم يتوافق عليه المشاركون، وإن كان مغاوير الثورة النواة إلا أنه ليس طامحاً للزعامة"، على حد تأكيده. وذكر أنه "لن يكون هناك أي تنسيق مباشر مع قوات سورية الديمقراطية أو غيرها"، مشيراً إلى أن "التنسيق سيكون فقط مع الأميركيين والتحالف الدولي"، ولافتاً إلى أنهم في الوقت ذاته "لا يبحثون عن التصادم مع أي قوى أو جهة غير داعش، إذ يعتبر تطهير دير الزور من هؤلاء أولوية لإعادة الأهالي إلى أراضيهم وبيوتهم".

وأكد المصدر نفسه أن "المشروع الوطني المطروح اليوم، سينشئ جيشاً وطنياً يحفظ أمن دير الزور ويحمي حدود سورية من جهة العراق وثرواتها، وهو وحده المخول بحمل السلاح في المحافظة، كما سيكون ضامناً لوجود إدارة محلية منتخبة للمحافظة، تعمل على إدارة شؤونها الاقتصادية والخدمية والاجتماعية وغيرها من القطاعات". ولفت إلى أن موقف "جيش مغاوير الثورة" هو "ضد مشروع الفيدراليات، وأن ثروات دير الزور ملك لجميع السوريين، كما حال ثروات باقي المحافظات، فلا تفرقة بين السوريين لانتماءاتهم الجغرافية أو العرقية أو الطائفية"، على حد تعبيره.

وأوضح المسؤول في "جيش مغاوير الثورة"، أنه "لا يوجد أي نقل للقوات المتواجدة في التنف إلى الشدادي، أو تسليم قاعدة التنف لأي جهة روسية كانت أو غيرها، بل ستستقبل الشدادي فصائل ومقاتلين يتواجدون في الشمال السوري والدول المجاورة"، وفق قوله. ونفى "وجود أي توجه لنقل قوات من المنطقة الجنوبية أو البادية"، مؤكداً أن "هناك رفضاً لتفريغ الجبهات" كي لا تتحول، بحسب تعبيره، إلى "صيد سهل للنظام ومليشياته". كما أكد في المقابل، أنه "لن تكون في التشكيل الجديد أي فصائل إسلامية، فلا مكان لمثلها في دير الزور". وذكر أن "بقاء قاعدة التنف وفصائل المعارضة، ومنها جيش مغاوير الثورة، هو مطلب عربي خليجي، لضمان عدم التمدد الإيراني في المنطقة"، على حد تأكيده.

وفي ما يتعلق بمناطق عمليات القوات التي ستنطلق من الشدادي، قال المصدر نفسه إن "محافظة دير الزور بشكل كامل هي منطقة عمليات عسكرية، خاصةً ريف المحافظة الموازي للحدود السورية - العراقية، التي تعتبر منطقة أساسية لتواجد تنظيم داعش، وهي منطقة عرضها من حدود مطار دير الزور إلى الحدود في البوكمال نحو 130 كيلومتراً". ولفت إلى أن "ما تبقى من مناطق النظام في مدينة دير الزور، والتي تضم المطار العسكري ونحو 3 أحياء، سوف تترك للمرحلة الثانية".

ولفت المصدر إلى أن "التشكيل العسكري الذي سيولد في الشدادي، سيكون من ثوابته عدم التدخل في الشؤون المدنية، واحترام كل الإثنيات والأقليات، إضافة إلى احترام القانون الدولي، في ظل دولة موحدة تحت علم واحد، ذات سيادة".

وذكرت مصادر معارضة في دمشق، طلبت عدم كشف هويتها، أن هناك تطورات عدة حصلت وتحصل في سورية، تؤكد أن هناك تحولات في إدارة الأزمة السورية. وعددت المصادر عدة خطوات، أبرزها "ما تم أخيراً من إعلان الاتفاق الأميركي - الروسي حول منطقة تخفيف التصعيد في القنيطرة ودرعا والسويداء، جنوب سورية، ووقف برنامج دعم وتدريب وكالة الاستخبارات الأميركية لفصائل المعارضة". كما توقفت عند "الحديث عن العمل على دمج أكثر من 50 فصيلاً معارضاً مسلحاً في فصيل واحد قد توكل إليه مهمات حماية الأمن الداخلي وحماية الحدود والمعابر، بالتزامن مع إنشاء إدارة محلية للمنطقة". وأشارت المصادر أيضاً إلى محافظة "التحالف الدولي" على قاعدة التنف بدائرة قطرها 50 كيلومتراً يمنع دخولها من أي طرف آخر، وإلى عدم وقف دعم فصائل معارضة، مثل أسود الشرقية وقوات الشهيد أحمد عبدو، فضلاً عن اتفاقات الغوطة وريف حمص الشمالي. وخلصت مصادر المعارضة إلى أن كل هذه التطورات "تعطي مؤشرات قوية عن توجه جديد في إدارة الأزمة السورية، يعتمد على وقف القتال بين النظام والمعارضة، وتوحيد الجهود لحرب داعش، على أن تقام إدارات محلية في مناطق المعارضة تخفف من آثار الحرب وعودة اللاجئين أقله من الدول المجاورة لسورية، وتساعد في الولوج إلى مرحلة الانتقال السياسي". ولفتت إلى أنه "من المتوقع أن يكون هناك نوع من تقاسم دير الزور، حيث يتقدم الروس عبر القوات النظامية إلى مدينة دير الزور، في حين تسيطر المعارضة على ريف دير الزور الشرقي والجنوبي والغربي، امتداداً للبادية الشامية ومنطقة التنف، ما يحرم الإيرانيين من فتح طريق بري لهم على الأراضي العراقية ويحول بالتالي دون ربط إيران عبر العراق بسورية ولبنان"، وفق المصادر. ويشار إلى أن وزارة الدفاع الأميركية هي المسؤولة عن دعم الفصائل المسلحة في سورية حالياً، من "جيش مغاوير الثورة" إلى "قوات سورية الديمقراطية"، كما أن البنتاغون يشترط استمرار الدعم لهذه الفصائل بحصر القتال ضد تنظيم "داعش"، وعدم مقاتلة نظام بشار الأسد.