صحف إسرائيلية: وقف مسيرات غزة مؤشر على رغبة "حماس" بالهدنة

27 ديسمبر 2019
وقف مسيرات العودة إلى مارس(مجدي فتحي/Getty)
+ الخط -
اعتبرت ثلاث صحف إسرائيلية، اليوم الجمعة، أنّ إعلان الهيئة الوطنية العليا في قطاع غزة، وقف مسيرات العودة عند السياج الحدودي، "مؤشر فعلي" على اتجاه حركة "حماس" الفلسطينية نحو التهدئة التي تتيح للحركة إعادة الإعمار وتثبيت سلطتها في القطاع، لتجنب "قلاقل داخلية"، وفق التعبير الذي استخدمه محلل الشؤون العسكرية في صحيفة "يسرائيل هيوم" يوآف ليمور.

وعلّقت صحيفة "هآرتس" على خبر وقف المسيرات، حتى مارس/آذار المقبل، قائلةً إنّ "حركة حماس تخبطت في الأشهر الأخيرة في مسألة مواصلة المسيرات الأسبوعية أو وقفها، وذلك بفعل الثمن الباهظ الذي جبته هذه التظاهرات الأسبوعية وسقوط آلاف الجرحى، وما يسببه ذلك من عبء على جهاز الصحة الفلسطيني في القطاع"، حسب تعبيرها. واعتبرت الصحيفة أن "قرار وقف المظاهرات يؤشر على استمرار الاتصالات ومحاولات جس النبض بين حماس وإسرائيل حول إمكانية هدنة طويلة الأمد في القطاع".

وأشارت الصحيفة، في السياق، إلى موقف رئيس أركان جيش الاحتلال الجنرال أفيف كوخافي، الذي يؤيد التوصل إلى تهدئة طويلة الأمد، مقابل وقف المسيرات الأسبوعية، ومنح تسهيلات لقطاع غزة، بما في ذلك إدخال آلاف العمال الفلسطينيين من القطاع للعمل في إسرائيل، بالرغم من معارضة جهاز "الشاباك" الإسرائيلي، الذي يبدي معارضة تتعلق بما يقول إنّها مخاوف من استغلال "حماس" لهؤلاء العمال لتنفيذ عمليات داخل الحدود الإسرائيلية.

في المقابل، فإنّ المستوى السياسي في إسرائيل، ولا سيما رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، يعمل وفق اعتبارات تتعلق بالمعركة الانتخابية، وخوفه من الظهور بمظهر الضعيف مقابل حركة "حماس" عشية الانتخابات المقررة في الثاني من مارس/ آذار المقبل.

من جهته، أشار موقع "معاريف" إلى أنّ وزير الأمن نفتالي بينت، يميل هو الآخر لقبول موقف الجيش الذي يسعى لتهدئة مع "حماس" للتفرغ لمواجهة الخطر الإيراني في سورية والعراق.

وكان رئيس أركان جيش الاحتلال أفيف كوخافي، قد أشار، في خطاب له قبل يومين، في هرتسليا، إلى "المخاطر الإيرانية"، مهدداً بمواصلة إسرائيل نشاطها لمنع التموضع الإيراني في الجبهة الشمالية، في إشارة لسورية ولبنان والعراق أيضاً.

ولفت كوخافي، في خطابه، إلى أنّ إسرائيل ترصد لدى "حماس" توجهاً نحو التوصل إلى هدنة طويلة الأمد.


وبحسب يوآف ليمور في صحيفة "يسرائيل هيوم"، فإنّ قرار "حماس" بهذا الشأن، "هو قرار استراتيجي، ويأتي في لحظة تقاطع مصالح مع إسرائيل التي لا ترغب بمواجهة في القطاع، وفتح جبهات في الشمال في سورية ولبنان وحتى العراق".

وبحسب ليمور، فإنّه يبدو أنّ "حماس معنية الآن بأن تؤشر لإسرائيل بأن نواياها جادة، ولذلك اتخذت هذه الخطوة الاستثنائية. ولم تكن هذه الرسالة الأولى أو الوحيدة التي وصلت من غزة، فقد امتنعت حماس بشكل منهجي، في الأشهر الأخيرة، عن إطلاق الصواريخ باتجاه إسرائيل، وحتى خلال الأيام المتوترة التي أعقبت اغتيال القائد العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في غزة بهاء أبو العطا، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي".

وأضاف "منذ ذلك الوقت ألغت حماس غالبية التظاهرات عند السياج الحدودي تحسباً من إلهاب المشاعر وفقدان السيطرة في حال وقوع إصابات وجرحى، وبالتالي الوصول إلى حالة تصعيد غير مرغوب بها من قبل الحركة".

مع ذلك، لم يسقط ليمور من حساباته، أن يكون القرار نابعا أيضاً من الأحوال الجوية الماطرة ومن أن يفضل كثيرون في القطاع البقاء في البيوت.

غير أنّه أشار، من جهة ثانية، إلى أنّ "حركة حماس تريد تهدئة، حتى تتمكن من إعادة إعمار القطاع، وهي تخشى من استمرار الوضع الراهن خاصة في ظل البطالة المرتفعة وأزمة البنى التحتية في القطاع وتداعيات ذلك السلبية على الحركة لجهة تعزيز قوة معارضيها".


بدوره، أبرز المراسل العسكري لصحيفة "يديعوت أحرونوت" يوسي يهوشواع، في تقرير، موقف الجيش الذي "يدفع بكل قوة باتجاه منح تسهيلات لقطاع غزة، مقابل المعارضة التي يبديها جهاز الشاباك"، معتبراً أنّ الخلاف بين موقف الجيش و"الشاباك"، هو ما يؤخر عملياً التوصل إلى تسوية، أو تهدئة تؤيدها غالبية قادة الجيش، والذين يعتبرون أنّ هناك فرصة سانحة للتوصل إليها، ومن شأن عدم استغلالها أن يؤدي إلى نتيجة عكسية تتمثل بانفجار الأوضاع.

وكالبقية، اعتبر يهوشواع أنّ قرار وقف المسيرات عند السياج الحدودي، يتفق مع ما ذهب إليه رئيس أركان جيش الاحتلال، في خطابه، من أن هناك رغبة قوية لدى "حماس" بعدم تصعيد الوضع في القطاع والاتجاه نحو التهدئة.

ويرى يهوشواع، أنّه مقابل الحذر الذي يبديه جهاز المخابرات العامة "الشاباك"، ورفضه لإدخال عمال فلسطينيين من القطاع للعمل داخل إسرائيل، فإن قادة الجيش، يرون فرصة الآن للتوصل لتهدئة، بفعل اغتيال بهاء أبو العطا.

وينقل يهوشواع أنّ كوخافي وصف عملية اغتيال أبو العطا بأنها "خطوة ذات أهمية استراتيجية لا تكتيكية فحسب"، هدفت لإخراج الطرف الذي سعى إلى إشعال مواجهة عسكرية خلافاً لموقف "حماس" المعني بالتوصل إلى تهدئة.