تونس: الجدل حول عودة المقاتلين من بؤر التوتر مستمر

03 مارس 2017
عودة المقاتلين تؤرق التونسيين (محمد أمين بنعزيزة/ الأناضول)
+ الخط -

اعتبر خبراء ونواب تونسيون أن المخاطر التي تشكلها عودة المقاتلين التونسيين من بؤر التوتر لا تزال قائمة، وأهمها تهديد الاستقرار في تونس، وهو الموضوع الذي يثير انقساما واختلافا في وجهات النظر، على الرغم من وعي التونسيين العام لخطر عودة هؤلاء المقاتلين.


ورغم تأكيدات رئيس الحكومة التونسية، يوسف الشاهد، أخيرا أن الأوضاع الأمنية في تونس في تحسن ملحوظ، وأنه لا يوجد أي قانون توبة أو تسامح مع الإرهابيين العائدين من بؤر التوتر، إلا أنّ العديد من السياسيين يعتبرون أنّ تونس غير مهيأة للتعامل مع هذا الملف الشائك.

وفي حين أعلن مجلس نواب الشعب أخيراً عن تشكيل لجنة التحقيق في تسفير الشباب الى بؤر التوتر، والتي ستعمل على كشف هذه الشبكات، إلا أنّ البعض اعتبر أن إرساء هذه اللجنة جاء متأخرا، وأنها وكغيرها من اللجان لن توصل إلى كشف أي حقائق تذكر حول هذا الموضوع.

وفي هذا السياق، قال النائب عن حركة النهضة، أسامة الصغير، لـ"العربي الجديد"، إنّ الانقسام حول هذا الموضوع يعود إلى عدة أسباب، ومنها التجاذبات السياسية، فالبعض يحاول أن يصدر أحكاماً عوضاً عن الأجهزة القضائية لأسباب انتخابية، ولاستقطاب بعض الأطراف بحجة محاربة الإرهاب، دون تقديم أي مقترح جدي حول الموضوع.

وأشار إلى أنّ حركة النهضة كعضو في الائتلاف الحكومي، تتعامل بجدية مع ملف عودة المقاتلين التونسيين من بؤر التوتر، وتتابع كل التطورات في الساحة سواء كان ذلك مع الأطراف المعنية أم بحسب المستجدات الحاصلة في تونس، معتبراً أن هناك عدة جهود من حركة النهضة أو نوابها لمتابعة الملف وممارسة نوع من الرقابة.

وحول لجنة التحقيق في تسفير الشباب، أكد الصغير بوصفه عضوا في هذه اللجنة، أنّ وظيفتها لن تتعارض مع أي جهاز قضائي، وأنه لا يجب إطلاق الأحكام المسبقة عليها، قبل أن تنطلق في العمل، داعيا إلى إعطائها الوقت المناسب لتتمكن من أداء مهامها، وخاصة أنها تتكوّن من جميع الانتماءات والحساسيات السياسية.



واعتبر النائب عن حركة الشعب، زهير المغزاوي، أن الخطر يبقى قائماً، وأن عودة هؤلاء المقاتلين لا يجب أن تحجب العديد من الحقائق، مبيناً أن هناك محاولات من بعض الأطراف الدولية للضغط على تونس، لإجبارها على قبول عودة هؤلاء المقاتلين، خاصة في ظل تغير العديد من المعطيات الإقليمية، مبينا أن هذا الأمر قد يفسر بعض التصريحات الرسمية المتضاربة حول هذا الموضوع.

وقال المغزاوي، لـ"العربي الجديد"، إنه يجب التعامل مع هذا الموضوع بالذات باعتباره ذا أهمية قصوى، لأن الملف يهم الأمن القومي، وخاصة أن في عودة المقاتلين تهديد للاستقرار في تونس. وبيّن أن تصريح رئيس الحكومة حول عدم وجود قانون توبة، وأنه لا تسامح مع العائدين، لا يعني انتهاء الجدل حول هذا الملف، مشيرا إلى أنه طالما أن البعض منهم قد يعود إلى تونس، فإن المخاطر تبقى قائمة واليقظة مطلوبة.

وأكد رئيس المركز التونسي لدراسات الأمن الشامل، العميد مختار بن نصر، لـ"العربي الجديد"، أنّ تسييس هذا الملف، ومحاولة بعض الأطراف إبداء رأيها في الموضوع، أو اتهام طرف أو جهة ما بالضلوع في تسفير الشباب أو محاولة السماح لهم بالعودة، جعل هذا الموضوع محل انقسامات وتجاذبات كبرى، مبينا أن عودة المقاتلين التونسيين تبقى من الملفات الشائكة والصعبة في تونس.

كما لفت إلى أن الأجهزة الأمنية والقوانين الحالية، كقانون مكافحة الإرهاب في تونس، هي التي ستمكن من حسن التعامل مع هذه العودة ومع الظاهرة الإرهابية بصفة عامة، مبيناً أن هؤلاء المقاتلين لن يعودوا في شكل مجموعات أو عبر مسالك قانونية، وإنما في الخفاء.

وأفاد بن نصر بأنّ البعض يحاول استعمال هذا الملف كورقة ضغط ولإعطاء صورة سلبية عن تونس، والتشكيك في قدراتها في التعامل مع مثل هذه القضايا، في الوقت الذي تحاول فيه بعض البلدان الاستفادة من التجربة التونسية، مؤكداً أن تونس بإمكانها مراقبة العائدين من بؤر التوتر ومتابعتهم.

واعتبر أنّه بغض النظر عن أعداد هؤلاء الإرهابيين، وتضارب الأرقام المقدمة حولهم، فإن ما يلفت الانتباه أن الطرح عادة ما يكون سياسياً وبعيداً عن الدراسات العلمية والأكاديمية، وهو ما يفسر هذا الانقسام الكبير، كلما طرح ملف عودة المقاتلين التونسيين من بؤر التوتر.