ووفقاً لمسؤول في وزارة الداخلية العراقية، فإن العمليات الإرهابية لـ"داعش"، طاولت بنحو 90 في المائة منها، مدنيين، بينهم نساء وأطفال وكبار سن أخذهم عناصر التنظيم غدراً، ووقعت غالبيتها ليلاً، مؤكداً أن هناك قرى وبلدات نائية يحتاج سكانها فعلاً إلى التسليح، للدفاع عن أنفسهم، خاصة في بادية الموصل وغرب الأنبار وجنوب كركوك.
وأضاف المسؤول في حديث لـ"العربي الجديد"، أن اعتداءات عناصر "داعش" تتم بالعادة خلال الليل، وتستهدف قبائلَ وأسراً ساعدت الجيش العراقي في تحرير مناطقها، ويعتبرهم التنظيم الإرهابي أعداءً، أو كما يسميهم "مرتدون عن الإسلام"، لأنهم رفضوه.
وأكد المصدر أن هجمات التنظيم تسببت بمقتل وإصابة نحو 40 عراقياً، بينهم نساء وأطفال من أبناء تلك المناطق، وكان آخرها اقتحام منزل شيخ قبلي قرب الموصل، وقتله مع أفراد عائلته.
وتعد الاستعانة بكلاب الحراسة، والمناوبات الليلية بين أفراد العشائر أو العائلات في مناطق شمال وغرب العراق، وتشغيل مصابيح الإنارة العالية، والتي تكبد الأهالي مبالغ كبيرة بسبب حاجتهم لتشغيل المولدات الكهربائية التي تعمل على البنزين، أبرز وسائل الحماية من اعتداءات إرهابيي "داعش".
وفي هذا الخصوص، يقول الشيخ حميد نايف السعدان، والذي يسكن قرب بلدة البعاج غربي الموصل، والقريبة من الحدود السورية، إن أهالي البلدة لا يملكون سوى بعض الأسلحة الخفيفة، وذخيرة بكميات غير كافية.
ويضيف السعدان، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن هجمات "داعش" عادت لتستهدفهم مجدداً، وأنه يتقاسم مناوبة ليلية مع أخيه وأبنائه، حيث يتولى اثنان منهم المراقبة من سطح المنزل كل ثلاث ساعات، وذلك حتى طلوع الفجر، موضحاً أن هجمات داعش تحصل جميعها غدراً، وخلال ساعات الليل، إذ أن التنظيم يستقوي على البسطاء، ويحرق منازلهم وحقولاً زراعية انتقاماً من السكان. وقال إن هذه العمليات الانتقامية تثبت أن هذا التنظيم لا مكان له في العراق، وأن بقاياه "سينقرضون إلى غير رجعة"، على حد قوله.
وطالب الشيخ السعدان القوات العراقية بمدهم بـ"عتاد وسلاح خفيف ومتوسط للدفاع عن أنفسهم وتأمين قراهم بسبب تأخر استجابة هذه القوات لنداءات الاستغاثة، حيث أن هجوم داعش لا يستمر لأكثر من 10 دقائق يقومون خلاله بالقتل والمغادرة بطرق يصعب تقفي أثرهم، فيما تصل القوات العراقية عادة بعد انتهاء الهجوم".
ورغم إعلان السلطات العراقية عن مشروعٍ لتسليح أكثر من 50 قرية في نينوى، ليتمكن أهاليها من الدفاع عن أنفسهم من هجمات "داعش"، إلا أن التنفيذ لا يزال متعثراً، ويعزوه مسؤولون الى ضغوط سياسية تمارس على الحكومة لتمنع تسليح أبناء العشائر في تلك المناطق.
وفي هذا الإطار، يقول فاهم العبيدي، وهو أحد الزعماء القبليين في بلدة ربيعة غرب الموصل، لـ"العربي الجديد"، بأن تأخر التسليح يؤكد أن أرواح الناس وملف الأمن تحديداً، بات مجدداً عرضة للتجاذبات السياسية.
ويقول العبيدي "لا نطلب من الدولة غير أن نتمكن من حماية أنفسنا، والسلاح الذي سنتسلمه منها سيكون ذمة بعهدتنا، أو أن الحل الآخر هو أن يسمحوا لنا بتدبير أمورنا وأن نسلح أنفسنا من أموالنا الخاصة، دون أن يقوم الجيش أو الحشد بمصادرتها كما فعلوا في المرات الماضية".
في المقابل، يقول النائب في مجلس قضاء البعاج علي عايد الشمري، لـ"العربي الجديد"، إن هجمات "داعش" الأخيرة كانت هستيرية وتفتقد للتخطيط وتستهدف البسطاء من الناس تحت مزاعم التكفير وغيرها.
ويرى الشمري أن التنظيم "يحتضر، وعناصره الحاليون هم آخر ما تبقى لديه، أما ماكينته للتجنيد فقد أصابها العطب بالكامل، لذا فهو ينفذ عمليات تضمن بقاءه في الصورة الإعلامية فقط من خلال قتل المدنيين واستهدافهم المتكرر، من دون أن تشكل خطراً على خسارته عناصر أو ما تبقى من عناصره".
ويقول الجنرال في الجيش العراقي، محمد الدليمي، والذي يعمل ضمن قيادة عمليات الأنبار، إن عمليات جيوب وخلايا "داعش" أكثر خطورة في نينوى وكركوك، من الأنبار"، عازياً ذلك إلى أن القوات العراقية في الأنبار نجحت في ضرب أغلب مخابئ التنظيم في الصحراء.
ويضيف أن "هجمات تقع رغم ذلك، وتستهدف الأبرياء بالعادة، لذا فنحن نعتبر أن العمل لا يزال غير منجز بشكل كامل، ونعول على المواطنين أنفسهم التعاون معنا أكثر".