مع توالي التطورات الميدانية وتسارعها في ريف حلب الشرقي، والشمالي الشرقي، تتكشف شيئاً فشيئاً، خيوط التعقيد الذي يكتنف مآلات المشهد في تلك المناطق، التي تشهد صراعاً متعدد الأطراف؛ إذ تتسابق ثلاث قوى، للاستحواذ على تركة تنظيم "الدولة الإسلامية"(داعش)، ورسم واقعٍ على الأرض، يتماشى مع مُخططِ كل منها، لحجز دورٍ رئيسي، في معركة طرد "داعش" من مدينة الرقة، والتي يتزايد الحديث عن اقتراب موعدها.
في آخر تطورات المشهد هناك، تواصل قوات النظام السوري، مع مليشياتٍ أجنبية موالية لها، الزحف من مناطق سيطرتها الحالية في ريف حلب الشرقي (عشرات القرى الصغيرة جنوبي مدينة الباب)، في خطٍ مستقيم يمر من قرى خاضعة لـ"داعش"؛ ويبدو من المؤكد أنها تعتزم الوصول لضفاف "بحيرة الأسد" الغربية، لقطع الطريق البري الوحيد، الذي من الممكن أن تَسلكه القوات المنضوية في عملية "درع الفرات"، في حال حصل توافقٌ تركي-أميركي على أن تتجه نحو مدينة الرقة.
تقدّم قوات النظام والمليشيات الموالية لها، والذي وصل في اليومين الماضيين إلى قرى كانت خاضعة لـ"داعش" في ريف حلب الشرقي جنوبي مدينة الباب، مثل قصر بريج، نباتة كبيرة ونباتة صغيرة، والمزروفة وغيرها، ضيّقَ كذلك المسافة التي تفصل بين هذه القوات جنوباً، ومناطق نفوذ "قوات سورية الديمقراطية" شمالاً، الممتدة من منبج نحو قرية العريمة، إلى أقل من سبعة كيلومترات؛ وهي مسافة تحوي عشرات القرى الخاضعة لـ"داعش"، ويمُرّ فيها الممر البري الوحيد المتاح حالياً أمام "درع الفرات" المدعومة تركياً، إذا ما اعتزمت الزحف نحو مدينة الرقة.
وقال رئيس أركان الجيش السوري الحر، العميد أحمد بري، إن "تنظيم داعش يعيش حالياً أضعف حالاته في ريف حلب الشرقي، ونرى تراجعاً للتنظيم من مناطق كثيرة أمام قوات سورية الديمقراطية من دون قتال، وفي الوقت نفسه، فإن التنظيم يُخلي قرى أخرى لصالح النظام، الذي يهدف لقطع طريق الجيش الحر نحو الرقة"، مشيراً في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أن "لدى المعارضة وثائق تثبت تماماً تعاون داعش مع النظام، الذي يعمل لعرقلة مخططات درع الفرات، ولا يُمانع من وصول قوات سورية الديمقراطية إلى الرقة".
تقدّم قوات النظام من الشرق، إذا وصلت إلى ضفاف بحيرة الفرات، والتقت مع "قوات سورية الديمقراطية"، الرافضة مثل النظام لأي دور تركي في معركة الرقة مستقبلاً، من شأنه عرقلة مقترح مخطط أنقرة الثاني للسيطرة على الرقة، والذي قدّمه رئيس هيئة الأركان التركية، خلوصي آكار، لنظيره الأميركي، جوزيف دانفورد ، الأسبوع الماضي، ويقضي بتقدّم قوات "درع الفرات" من مدينة الباب نحو منبج ثم إلى الرقة.
وكان المقترح الأول يتحدث عن فتح "قوات سورية الديمقراطية"، إذا ما حصل توافق تركي-أميركي وضغطت واشنطن على هذه القوات لتنفيذه، طريقاً بعرض عشرين كيلومتراً في مناطق سيطرتها بتل أبيض، لقوات "درع الفرات" كي تتجه إلى الرقة؛ وهو الطريق الأقصر إلى الرقة (حوالى 54 كيلومتراً) بخلاف الطريق الثاني من الباب (حوالى 180 كيلومتراً).
لكن المتحدث باسم "قوات سورية الديمقراطية"، طلال سلو، أكد رفض قواته فتح ممر من مناطق سيطرتها لـ"درع الفرات"، بقوله منذ يومين: "لن يكون هناك أي كوريدور (ممر) لا بعرض 20 كيلومتراً ولا بعرض 20 سنتمتراً من تل أبيض باتجاه الرقة". وبهذا الرفض المتوقع من قبل "سورية الديمقراطية"، فإن الخيار الثاني لـ"درع الفرات"، يبقى التوجّه نحو مدينة منبج، التي تسيطر عليها "سورية الديمقراطية"، ومنها مواصلة الزحف نحو مدينة الرقة، وهو المُخطط الذي تعمل قوات النظام و"سورية الديمقراطية" على عرقلته.
اقــرأ أيضاً
واعتبر مدير المكتب الإعلامي لفصيل "فيلق الشام"، المنضوي في "درع الفرات"، عمر الشمالي، لـ"العربي الجديد"، أن "الهدف الحالي لفصائل درع الفرات يتمثّل في قطع الطريق بين قوات النظام السوري ومليشيا قوات سورية الديمقراطية نحو منبج، وذلك عبر السيطرة على القرى الجنوبية والشرقية لمدينة الباب".
وبرز تطورٌ لافت ليلة الأحد-الإثنين، إذ اندلعت اشتباكات عنيفة بين قوات النظام والمليشيات المساندة لها من جهة، مع فصائل الجيش الحر من جهة أخرى، على أطراف قرية تادف التي سيطر عليها النظام منذ أيام، وتبعد أقل من كيلومترين جنوبي مدينة الباب. وقال الشمالي المتواجد قرب المنطقة التي شهدت الاشتباكات، لـ"العربي الجديد"، إن "فصائل المعارضة فوجئت بمحاولة النظام التقدّم نحو جنوب الباب بعد أن سيطر على مدينة تادف"، مشيراً إلى أن قوات النظام هاجمت منطقة الكريزات جنوب مدينة الباب، لكن الفصائل تصدّت للهجوم وأوقعت 22 قتيلاً في صفوف قوات النظام التي انسحبت نحو تادف بعد تلقيها خسائر فادحة.
هذه الاشتباكات وإن لم تكن الأولى من نوعها، لكنها أتت في أعقاب إعلان وزارة الدفاع الروسية قبل نحو أسبوعين، بأن بلدة تادف، تمثّل نقطة في الخط الفاصل بين قوات النظام، والجيش السوري الحر، بعد التنسيق حوله مع الطرف التركي، ما يفتح الباب، أمام تساؤلاتٍ حول متانة الاتفاق الروسي-التركي أو هشاشته، في ما يخص معارك ريف حلب الشرقي، وتقاسم مناطق النفوذ هناك.
يشار في هذا الإطار، إلى أن القيادي في "لواء المعتصم"، مصطفى سيجري، كان قد نفى في وقت سابق لـ "العربي الجديد"، "وجود أي خط فاصل"، وهو ما تحدثت عنه وزارة الدفاع الروسية. وفيما يرى مراقبون أن الاشتباكات التي حصلت بين قوات النظام و"درع الفرات"، لا تتعدى أن تكون مجرد استفزازاتٍ حصلت بين عناصر من الطرفين المتحاربين، والمتواجدين على بُعد مئات الأمتار من بعضهما في تلك الجبهات، ثم توسعت لمعركة سرعان ما خمدت، فإن المحلل الاستراتيجي، أحمد رحال، رأى أن "النظام عملياً ومعه إيران، غير متوافقين مع روسيا في ترك مصير مدينة الباب لدرع الفرات التي حسمت المعركة، والاشتباكات التي حصلت قد توضع في هذا الإطار، على الرغم من معرفة قوات النظام بأن الاقتراب من الباب خط أحمر لا توافق عليه روسيا نتيجة تفاهمها مع تركيا". وأضاف رحال، في حديث مع "العربي الجديد"، أن هذه الاشتباكات "قد تكون كذلك بمثابة رسالة إيرانية بأن مليشيات طهران قادرة على تغيير التفاهمات الحاصلة، خصوصاً أن توتراً هذه الأيام يسود العلاقات التركية الإيرانية".
اقــرأ أيضاً
تقدّم قوات النظام والمليشيات الموالية لها، والذي وصل في اليومين الماضيين إلى قرى كانت خاضعة لـ"داعش" في ريف حلب الشرقي جنوبي مدينة الباب، مثل قصر بريج، نباتة كبيرة ونباتة صغيرة، والمزروفة وغيرها، ضيّقَ كذلك المسافة التي تفصل بين هذه القوات جنوباً، ومناطق نفوذ "قوات سورية الديمقراطية" شمالاً، الممتدة من منبج نحو قرية العريمة، إلى أقل من سبعة كيلومترات؛ وهي مسافة تحوي عشرات القرى الخاضعة لـ"داعش"، ويمُرّ فيها الممر البري الوحيد المتاح حالياً أمام "درع الفرات" المدعومة تركياً، إذا ما اعتزمت الزحف نحو مدينة الرقة.
وقال رئيس أركان الجيش السوري الحر، العميد أحمد بري، إن "تنظيم داعش يعيش حالياً أضعف حالاته في ريف حلب الشرقي، ونرى تراجعاً للتنظيم من مناطق كثيرة أمام قوات سورية الديمقراطية من دون قتال، وفي الوقت نفسه، فإن التنظيم يُخلي قرى أخرى لصالح النظام، الذي يهدف لقطع طريق الجيش الحر نحو الرقة"، مشيراً في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أن "لدى المعارضة وثائق تثبت تماماً تعاون داعش مع النظام، الذي يعمل لعرقلة مخططات درع الفرات، ولا يُمانع من وصول قوات سورية الديمقراطية إلى الرقة".
تقدّم قوات النظام من الشرق، إذا وصلت إلى ضفاف بحيرة الفرات، والتقت مع "قوات سورية الديمقراطية"، الرافضة مثل النظام لأي دور تركي في معركة الرقة مستقبلاً، من شأنه عرقلة مقترح مخطط أنقرة الثاني للسيطرة على الرقة، والذي قدّمه رئيس هيئة الأركان التركية، خلوصي آكار، لنظيره الأميركي، جوزيف دانفورد ، الأسبوع الماضي، ويقضي بتقدّم قوات "درع الفرات" من مدينة الباب نحو منبج ثم إلى الرقة.
وكان المقترح الأول يتحدث عن فتح "قوات سورية الديمقراطية"، إذا ما حصل توافق تركي-أميركي وضغطت واشنطن على هذه القوات لتنفيذه، طريقاً بعرض عشرين كيلومتراً في مناطق سيطرتها بتل أبيض، لقوات "درع الفرات" كي تتجه إلى الرقة؛ وهو الطريق الأقصر إلى الرقة (حوالى 54 كيلومتراً) بخلاف الطريق الثاني من الباب (حوالى 180 كيلومتراً).
لكن المتحدث باسم "قوات سورية الديمقراطية"، طلال سلو، أكد رفض قواته فتح ممر من مناطق سيطرتها لـ"درع الفرات"، بقوله منذ يومين: "لن يكون هناك أي كوريدور (ممر) لا بعرض 20 كيلومتراً ولا بعرض 20 سنتمتراً من تل أبيض باتجاه الرقة". وبهذا الرفض المتوقع من قبل "سورية الديمقراطية"، فإن الخيار الثاني لـ"درع الفرات"، يبقى التوجّه نحو مدينة منبج، التي تسيطر عليها "سورية الديمقراطية"، ومنها مواصلة الزحف نحو مدينة الرقة، وهو المُخطط الذي تعمل قوات النظام و"سورية الديمقراطية" على عرقلته.
واعتبر مدير المكتب الإعلامي لفصيل "فيلق الشام"، المنضوي في "درع الفرات"، عمر الشمالي، لـ"العربي الجديد"، أن "الهدف الحالي لفصائل درع الفرات يتمثّل في قطع الطريق بين قوات النظام السوري ومليشيا قوات سورية الديمقراطية نحو منبج، وذلك عبر السيطرة على القرى الجنوبية والشرقية لمدينة الباب".
وبرز تطورٌ لافت ليلة الأحد-الإثنين، إذ اندلعت اشتباكات عنيفة بين قوات النظام والمليشيات المساندة لها من جهة، مع فصائل الجيش الحر من جهة أخرى، على أطراف قرية تادف التي سيطر عليها النظام منذ أيام، وتبعد أقل من كيلومترين جنوبي مدينة الباب. وقال الشمالي المتواجد قرب المنطقة التي شهدت الاشتباكات، لـ"العربي الجديد"، إن "فصائل المعارضة فوجئت بمحاولة النظام التقدّم نحو جنوب الباب بعد أن سيطر على مدينة تادف"، مشيراً إلى أن قوات النظام هاجمت منطقة الكريزات جنوب مدينة الباب، لكن الفصائل تصدّت للهجوم وأوقعت 22 قتيلاً في صفوف قوات النظام التي انسحبت نحو تادف بعد تلقيها خسائر فادحة.
يشار في هذا الإطار، إلى أن القيادي في "لواء المعتصم"، مصطفى سيجري، كان قد نفى في وقت سابق لـ "العربي الجديد"، "وجود أي خط فاصل"، وهو ما تحدثت عنه وزارة الدفاع الروسية. وفيما يرى مراقبون أن الاشتباكات التي حصلت بين قوات النظام و"درع الفرات"، لا تتعدى أن تكون مجرد استفزازاتٍ حصلت بين عناصر من الطرفين المتحاربين، والمتواجدين على بُعد مئات الأمتار من بعضهما في تلك الجبهات، ثم توسعت لمعركة سرعان ما خمدت، فإن المحلل الاستراتيجي، أحمد رحال، رأى أن "النظام عملياً ومعه إيران، غير متوافقين مع روسيا في ترك مصير مدينة الباب لدرع الفرات التي حسمت المعركة، والاشتباكات التي حصلت قد توضع في هذا الإطار، على الرغم من معرفة قوات النظام بأن الاقتراب من الباب خط أحمر لا توافق عليه روسيا نتيجة تفاهمها مع تركيا". وأضاف رحال، في حديث مع "العربي الجديد"، أن هذه الاشتباكات "قد تكون كذلك بمثابة رسالة إيرانية بأن مليشيات طهران قادرة على تغيير التفاهمات الحاصلة، خصوصاً أن توتراً هذه الأيام يسود العلاقات التركية الإيرانية".