ارتياح إسرائيلي لدور السيسي في إجهاض المبادرة الفرنسية

20 يوليو 2016
خلال زيارة سامح شكري إلى القدس المحتلة(غالي تيبون/فرانس برس)
+ الخط -
هناك ما يدلّ على أن الزيارة التي قام بها، أخيراً، وزير الخارجية المصري، سامح شكري، لإسرائيل كانت مجرد جزء من تحرّك مصري شامل يهدف إلى إنقاذ تل أبيب من تبعات المبادرة الفرنسية بشأن استئناف مفاوضات السلام. فقد كشف "مركز يروشليم لدراسة المجتمع والدولة" الإسرائيلي، المرتبط بدوائر صنع القرار في تل أبيب، عن أن مصر تسعى بالتنسيق مع إسرائيل لتهيئة الظروف أمام عقد مؤتمر إقليمي لمناقشة سبل عودة المفاوضات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، وذلك بالتعاون مع الأردن ودول عربية أخرى.

وبحسب "مركز يروشليم لدراسة المجتمع والدولة"، الذي يرأس مجلس إدارته وكيل الخارجية الإسرائيلي، دوري غولد، فإن التحرك المصري بالتنسيق مع إسرائيل، وبإسناد عربي، يهدف إلى نسف مبررات عقد المؤتمر الدولي الذي دعت إليه فرنسا، أواخر العام الحالي، والذي تخشى حكومة اليمين المتطرف في تل أبيب، أن يمثّل نقطة تحول نحو تمرير قوانين في المحافل الأممية تجبرها على اتخاذ قرارات تتناقض مع خطها السياسي ومنطلقاتها الأيديولوجية وتمس بمكانة إسرائيل الدولية.

وفي ورقة تقدير موقف، أصدرها ونشرها المركز ذاته على موقعه، أول من أمس الإثنين، يشير المركز إلى أن المؤتمر الإقليمي الذي تسعى مصر، أساساً، لتنظيمه يهدف إلى "توجيه ضربة قاضية" لفكرة تنظيم المؤتمر الدولي، الذي تسعى إليه فرنسا. ويلفت إلى أن التحرك المصري وضع السلطة الفلسطينية بموقف حرج، إذ إن رئيسها، محمود عباس، بات بين المطرقة والسندان، لأنه يدرك أن التحرك المصري لا يخدم المصالح الفلسطينية لكنه، في الوقت ذاته، يخشى الخروج ضد مبادرة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي.

وبحسب التقدير، فإن الرئيس الفلسطيني يعي أن قبوله بالعرض المصري يعني وضع نهاية لاستراتيجية السلطة الفلسطينية الهادفة إلى "تدويل" الصراع وتشجيع المقاطعة ضد إسرائيل. وتشير ورقة تقدير المركز إلى أن عباس يحاول التملّص من الرد على العرض المصري بتنظيم لقاء يجمعه مع كل من السيسي ورئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وملك الأردن عبدالله الثاني، يهدف لمؤتمر إقليمي. ويجزم التقدير مجدداً أن الهدف من التحرك المصري الهادف لعقد المؤتمر الإقليمي هو "إنقاذ" نتنياهو من تبعات الإقدام على خطوات يمكن أن تفضي إلى تفكيك حكومته، على اعتبار أن الأحزاب المشاركة في الائتلاف ترفض الوفاء بالشروط التي تطالب بها السلطة الفلسطينية لاستئناف المفاوضات بين الجانبين.





ويلفت التقدير ذاته إلى أن ما يريح إسرائيل في التحرك المصري حقيقة أنه يهدف إلى تهيئة الظروف أمام إجراء مفاوضات مباشرة بين إسرائيل والفلسطينيين من دون طرح شروط مسبقة. ويذكر أن كلاً من قيادة السلطة وحركة "فتح" سبق أن أعلنتا أن استئناف المفاوضات مع إسرائيل يجب أن يتم فقط بعد تلبية إسرائيل الشروط التالية: إعلان إسرائيل وقف الأنشطة الاستيطانية، وإطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين الذين اعتقلوا قبل التوقيع على اتفاقية أوسلو عام 1993، وخطوات إسرائيلية لبناء الثقة، مثل رفع الطوق والحواجز العسكرية وتسهيلات اقتصادية. ويضاف إلى ذلك، إعلان إسرائيل قبولها القرارات الدولية بشأن حق الفلسطينيين بدولة مستقلة على حدود 1967 وحلّ قضية اللاجئين.

من ناحيته، يرى وكيل وزارة الخارجية الإسرائيلي الأسبق، أوري سافير، والذي قام، في ذلك الوقت، بدور رئيسي للتوصل إلى اتفاق "أوسلو" أن التحرك المصري يعكس في الواقع "تنكّر" الدول العربية للفلسطينيين. وفي مقال نشرته صحيفة "معاريف" في عددها الصادر، الأحد الماضي، ينقل سافير عن مسؤول فلسطيني بارز مقرّب من الرئيس الفلسطيني قوله، إن القيادة الفلسطينية تشعر بالإحباط لأنّ مصر لا توظف عضويتها في مجلس الأمن لدعم المواقف الفلسطينية، لا سيما عدم مساعدة عباس في تمرير قرار في المنظمة الأممية يلزم بإقامة دولة فلسطينية.

ويلفت سافير إلى أن نتنياهو يستغل حقيقة أن الدول العربية مشغولة حالياً بمواجهة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) وليس القضية الفلسطينية. ويوضح سافير أن كلاً من مصر والأردن ودول عربية أخرى معنيّة باستنفاد الطاقة الكامنة في التعاون الأمني وتبادل المعلومات الاستخبارية مع إسرائيل لمواجهة الإرهاب أكثر من اهتمامها بالقضية الفلسطينية.

ويشير إلى أن كبار وزراء الحكومة الإسرائيلية يدعون إلى تمرير مشاريع قوانين تسدل الستار على أيّ فرصة للتوصل إلى تسوية سياسية للصراع مع الفلسطينيين. فقد أعلن وزير التعليم والتربية الإسرائيلي، رئيس حزب "البيت اليهودي"، نفتالي بنيت، أنه يتوجب على إسرائيل ضم مناطق "ج" التي تشكل أكثر من 60 في المائة من مساحة الضفة الغربية المحتلة لإسرائيل. وفي الوقت ذاته، بدأت أحزاب اليمين الإسرائيلي بتحركات برلمانية لتمرير مشاريع قوانين تهدف إلى ضم المستوطنات الكبرى لإسرائيل، لا سيما مدينة "معاليه أدوميم"، التي تقع شمال شرق القدس المحتلة، و"أرئيل"، التي تقع شمال غرب مدينة نابلس، شمالي الضفة الغربية.

المساهمون