دعم واشنطن لحرب اليمن: الصفقات على حساب دماء المدنيين

21 سبتمبر 2018
لا تريد إدارة ترامب فقدان ورقة بيع السلاح(Getty)
+ الخط -


نسبت صحيفة "وول ستريت جورنال"، اليوم الجمعة، إلى مصادر في وزارة الخارجية الأميركية، أن الوزير مايك بومبيو عارض الوقوف ضد الحرب في اليمن "من أجل حماية صفقة السلاح" التي عقدتها الدولتان الخليجيتان اللتان تديران هذه الحرب، السعودية والامارات، "بقيمة ملياري دولار"، لمواصلة هذه الحرب. وذكرت أن بومبيو أصرّ على موقفه "خلافاً لتوصية كبار معاونيه"، الذين دفعوا باتجاه وقف الدعم. واكتفت وزارته بـ"حثّ بلدان التحالف على تجنب قصف المناطق والأهداف المدنية في اليمن"، كما قالت المتحدثة هيذر ناورت، مضيفةً أن هذه البلدان "أبدت الرغبة في التجاوب بهذا الخصوص"، من دون مطالبتها بوعدٍ ملزم، إذ جرى فقط لفت نظرها.

والمعروف أنه جرت أكثر من مرة مفاتحة "التحالف" السعودي - الإماراتي بخصوص موضوع وقف الحرب، بسبب الضغوط جراء ممارسات هذا التحالف التي تؤكد منظمات دولية أنها ترقى لجرائم حرب، لكن من دون جدوى، لغياب الجدية في الطلب الأميركي، مع أنه بإمكان واشنطن، التي تتحكم بـ"حنفية" تسليح "التحالف"، أن "تفرض وقف المجزرة غداً"، بتعبير الخبير بروس ريدال، المختص في شؤون الخليج، من مؤسسة "بروكنغز" للدراسات في واشنطن.

لكن الإدارة الأميركية ليست في وارد اللعب بورقة السلاح. بيعه أهم وأولى من كوارثه. وهي رفضت حتى وضع ضوابط وشروط لاستخدامه. جرت محاولات من هذا النوع في الكونغرس، لكن البيت الأبيض أحبطها.

منذ حوالي عام، حصل تحرك ديمقراطي – جمهوري في مجلس النواب، للتصويت على مشروع قانون يعيد القرار إلى الكونغرس، كما هو مفترض بموجب الدستور، كما بموجب قانون الحرب للعام 1973، لكن جرى تنفيس المحاولة، بقرارٍ شكلي فاضح يقرُّ بوجود مخالفة قانونية في حرب اليمن، ولكن من غير المطالبة بالتراجع عنها. 

المحاولة تكررت في مجلس الشيوخ في مطلع الربيع الماضي. أيضاً جرى تعطيلها ومنع التصويت عليها بضغط من البيت الأبيض، الذي تمكن من ضمان غالبية 55 مقابل 44 صوتاً، وذلك بذريعة أن دور واشنطن في هذه الحرب موجه ضد إيران، في حين أنه دورٌ عسكري مشارك، يشمل مدّ "التحالف" بمعلومات استخبارية وعمليات لوجستية وتزويد الطائرات الحربية بالوقود جواً وتحديد الأهداف لضربها ونشر قوات خاصة من رجال القبعات الخضر على الحدود السعودية - اليمنية، بحسب التقارير والمعلومات المتداولة.



وإذاً فإن واشنطن ضالعة في الحرب، من غير تفويض من الكونغرس المتواطئ مع الإدارة من خلال تغاضيه عن الموضوع والتنازل عن دوره، وهو تنازل مزمن ومستمر منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية، حيث دأبت الإدارات المتعاقبة على التدخل العسكري تحت بند يجيز للرئيس الأميركي استخدام القوة العسكرية لمدة 30 يوماً قابلة للتجديد مرة واحدة، عليه بعدها العودة إلى الكونغرس لطلب موافقته.

هذه المخالفة تحولت إلى قاعدة تمارسها إدارة دونالد ترامب اليوم في اليمن. والجديد الخطير الآن هو أن الإدارة لا توظف هذا الخلل للاستمرار في الحرب فقط، بل أيضاً لتحويل الحروب إلى سوق لبيع السلاح، بقطع النظر عن عواقب هذه السياسة وكلفتها الإنسانية، كما هو حاصل في اليمن الذي لا يتوقع المراقبون نهاية قريبة لحربه، طالما بقيت بقيت واشنطن تتعامل معه من هذا المنظار. 

أعاد تفاقم كلفة الحرب على اليمن على المدنيين، هذه الحرب إلى الواجهة. النفور يزداد أكثر وأكثر من دعمها. الحملة ضدها تتنامى. صحيفة "نيويورك تايمز" ذهبت إلى حد اتهام واشنطن بـ"التواطؤ في ارتكاب جرائم حرب في اليمن". الجانب الإنساني يفرض حضوره.