هارون كاراكا: نأمل إنهاء ذيول الانقلاب التركي بـ3 أشهر

28 يوليو 2016
كاراكا مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان (تويتر)
+ الخط -
بعد أكثر من عشرة أيام على المحاولة الانقلابية الفاشلة في تركيا، كان لعضو المجلس المركزي لحزب "العدالة والتنمية" التركي، نائب رئيس الشؤون التنظيمية فيه، النائب هارون كاراكا، مواقف عدة، في مقابلة خاصة مع "العربي الجديد". كاراكا الذي أدى، انطلاقاً من موقعه الحزبي والنيابي، دوراً مهماً في مواجهة الانقلابيين، أكد أن حالة الطوارئ "موقتة"، معتبراً أن الشعب سيعود بعدها للتنافس السياسي. وشدّد على أنه "لن يكون هناك تشكيل لجيش جديد"، في سياق الحديث عن هيكلة الجيش، بل "تنظيفه من الإرهابيين"، متمسكاً باتهام فتح الله غولن بتدبير الانقلاب الفاشل.
* دعنا نتحدث في البداية عن الموقف المشترك مع حزب "الشعوب الديمقراطي"، وحزب "الشعب الجمهوري" ضد الانقلاب والخلاف اليوم حول حالة الطوارئ.
كنا نعيش فترة من التنافس السياسي، الآن عندما تصبح تركيا في حالة طبيعية، أي عندما تُنبذ حفنة من الخونة الذي تقمّصوا شخصيات العسكر وتُحال جانباً، ويتمّ تخليص الدولة من هؤلاء قبل كل شيء، لأنهم تغلغلوا في الوطن مثل السرطان، وهذا ما يتطلّب شعوراً وطنياً، حينها سنعود للتنافس السياسي. وعندما تنظّف الدولة، وهدفنا أن ننهي هذا الأمر خلال ثلاثة أشهر، سنبقى أحزاباً سياسية مختلفة ولكل حزب من هذه الأحزاب رؤية يشرحها للناس والحزب السياسي الذي يجده الناس مناسباً، ومتوافقاً مع أفكارهم، أو يثقون به، يمنحونه أصواتهم بعد أن تصبح تركيا في حالة طبيعية، ويعود التنافس السياسي. كل يعطي صوته لمن يريد.

* ما معنى ذلك؟ هل هناك انتخابات بعد الأشهر الثلاثة؟
لا، لا يوجد الآن دعوة للانتخابات أو شيء كهذا. القصد أن التنافس السياسي سيستمر بعد عودة تركيا إلى حالتها الطبيعية، وكل حزب سياسي سيطرح فكره.

* هل ترى أن فترة الأشهر الثلاثة كافية لعودة الأمور إلى وضعها الطبيعي؟
إن شاء الله. نهدف إلى إنهاء هذا الأمر خلال ثلاثة أشهر.

* الهدف الرئيسي خلال الأشهر الثلاثة هو إعادة هيكلة المؤسسة العسكرية، هل تقصد تصحيح وضع الجيش؟
ليس مطروحاً تشكيل جيش جديد البتة. هؤلاء مجرد مجموعة إرهابية ترتدي البزة العسكرية داخل الجيش. والغاية هي تنظيف الجيش من هؤلاء، ولكن غالبية الجيش، وحتى كله، هم من الوطنيين.

* كيف هذا، يبدو أن العدد كبير؟
هناك الآن من الرتب العالية، أي من الجنرالات (الضباط من العميد فما فوق) يتراوح عددهم بين 130 أو 140 جنرالاً.





* كم عدد الجنرالات في الجيش التركي؟
بين 358 و360 جنرالاً، ولكن جيشنا لا يتشكّل من 360 جنرالاً، هناك عقداء ومقدمون، وكما تعلمون هناك مجلس الشورى الأعلى العسكري، سيعقد، اليوم الخميس، وسيقوم هذا المجلس بإحالة عدد من هؤلاء الضباط إلى التقاعد كما يحدث في كل عام، وكذلك ينهي عمل من بلغوا السن القانونية.

* هل فوجئتم بحجم العملية الانقلابية؟
من الطبيعي أن يحدث هذا. هناك مجموعة تمرّدت. لدينا شعب قوي جداً، لم يتقبّل هذا الأمر. ما لم يتقبّله الشعب ليس له فرصة للنجاح. سأقول شيئاً: القائد الأعلى هو رئيس جمهوريتنا رجب طيب أردوغان. عندما دعا قائدنا الأعلى الناس إلى الساحات، لم يتردد الناس نهائياً في النزول إلى الشوارع لمواجهة هذه الحفنة من الإرهابيين، بهذا الشعور القومي نزل الجميع إلى الشوارع. نزل الجميع من دون تمييز بين يسار أو يمين، وبين عرق أو مذهب إلى الشوارع تلبية لنداء القائد العام وتركيا، وتبنّوا النداء، ورئيس الجمهورية. يمكننا القول إن جاز التعبير لقد وقفوا بأجسادهم متاريس ضد الدبابات والأسلحة وطائرات إف 16. يمكن أن يكون لنا رؤى مختلفة، يمكن أن نكون مختلفين في الآراء، وعيوننا أيضاً يمكن أن تكون مختلفة الألوان، فهناك من عيناه بنيتان وغيره، ولكن لون دموعنا واحد، وانطلاقاً من دعاء "اللهم لا تجعلنا نذرف دموعنا"، تشكّلت الروح الوطنية هنا كما تشكلت في حرب جناق قلعة، ولم يسلموا الوطن للخونة. نحن بالنتيجة أعطينا درساً بالاستقلال، وأعطينا درساً بالحرية.

* الشعب هنا أعطى تفويضاً إلى رجب طيب أردوغان، وحزب "العدالة والتنمية" للدفاع عن الديمقراطية في وجه الانقلاب، ولكن هل يعتبر هذا التفويض مفتوحاً؟ يعني إلى ما لا نهاية، أم هناك حدود؟
حالة الطوارئ مرت من مجلس الأمة التركي الكبير (البرلمان) ومدتها ثلاثة أشهر، وفيما بعد إذا تبين أن هناك حاجة، يمكن تمديدها.

* ألا تخشون أن يُسبّب هذا ردة فعل عكسية في الشارع؟
شعبنا منحنا صلاحية من أجل أن ننظف هؤلاء. نحن لا نستخدم صلاحية لا تستند إلى الشعب. ليس هناك ضرورة لمضايقة أي بريء. أنتم ترون الناس عبر شاشة التلفزة في الساحات، وعلى امتداد 81 محافظة، وحوالي ألف ناحية. هذا يعني أن شروط الحرية مستمرة، وهم يغنون أغنيات الحرية، وهؤلاء عندما يفعلون هذا، لديهم طلب من رئيس الجمهورية، من رجب طيب أردوغان، وهذا الطلب هو: معاقبة فاعلي هذا السوء، ومرتكبي هذه الخيانة، وعودة تركيا إلى طبيعتها في أقرب فرصة. بمعنى أنه لا ضرورة لأن يخاف أحد فيما إذا كان غير مذنب.

* ولكن الأرقام كبيرة.
عليكم أن تفكروا على النحو التالي: في أي بلد تعلن حالة الطوارئ وينزل الملايين إلى الشوارع؟ لا يوجد نموذج كهذا، وإن وجد أنتم قولوا لي ما هو؟

* هؤلاء ضد الانقلاب.
نعم اتحد الناس ضد هذه المحاولة. لنضرب هذا المثال، يوجد اليوم حالة طوارئ في فرنسا، هل يمكن أن نجد فيها أو في أميركا أو ألمانيا شيئاً كهذا؟ الغالبية الساحقة من الشعب على رأي يتفق مع رأي رئيس الجمهورية ورأي رئيس الحكومة ورأي الأحزاب السياسية.





* الإعلام الخارجي ومواقف الغرب ضد الخطوات التركية، كيف تنظرون إلى ذلك؟
نحن نعرف أن بعض الغربيين يعملون على بث الوهن، ومنتبهون إلى هذا، وهناك من يعتقد بأن تركيا لن تنجح بالتوازي مع ما يبث من وهن. أبسط مثال، أصدقاؤنا جميعاً في الغرب وأميركا يعرفون أن فتح الله غولن يقف وراء هذه المحاولة الانقلابية. بالنسبة إلينا هذا مجرد إعلان المعلوم. قمنا بإعلان المعلوم، ولكن الأمر معلوم من قبل. ماذا كنا نفعل من قبل؟ كنا نعمل ما يمكن في إطار دولة القانون، ونقوم بالضروري ضمن الدولة.
عندما يطالبنا أصدقاؤنا وحلفاؤنا في الغرب بالدليل حول المحاولة الانقلابية، نحن نقول الآتي: إذا أردت الدليل، هناك قرابة 250 شهيداً، هناك أكثر من 2500 مصاب بالبنادق والدبابات والطائرات والمدافع. أي إذا أردتم دليلاً، فالقتلة معروفون، ومعروف مع من يرتبطون. ليس لدى هذا النوع من المنظمات الإرهابية سجلات وقوائم. الروح الوطنية في تركيا تريد منا الآتي: تريد معاقبة المذنبين مهما بلغ عددهم لأنهم أكلوا حق الأمة.

* ما هو حق الأمة؟
لقد دخلوا امتحاناً، وسرقوا الأسئلة قبيل دخولهم الامتحان. أسسوا جماعة ليست من الشعب، وظلموا أناساً لأنهم ليسوا منهم. على سبيل المثال حاولوا عدم إدخال من ليس منهم إلى الجيش، فمن نجح في الامتحان، لم يمنحه الأطباء العسكريون التقرير اللازم من أجل قبوله، أي أنهم لم يدخلوا الجيش. بمعنى على الرغم من نجاحهم بالامتحانات الخاصة بدخول الجيش، منعوهم من الدخول. مع العلم أنه من أجل أن يدخل المرء إلى الجيش ليكون ضابطاً أو صف ضابط، يجب أن يحصل على تقرير طبي يفيد أنه سليم من المستشفيات العسكرية. هذا كله أصبح الشعب يعرفه الآن، وهو دخل قيود المحاكمات، لهذا السبب ليس هناك أكثر طبيعية من معاقبة الشخص الذي حصل على ما لا يستحقه من الدولة.

* الجيش الآن يخوض حرباً ضد إرهاب "العمال" الكردستاني وضد إرهاب تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، أليس هناك شعور بأن ما يحصل يمكن أن يؤثر على المؤسسة العسكرية؟
قتالنا ضد الإرهاب مستمر حالياً، ونحن نقاتل ضد حزب العمال الكردستاني وضد داعش، وتركيا ستتجاوز هذه المحن، وهذه المشاكل، يجب ألا يقلق أحد من هذا الأمر. ولعلكم تتابعون، أنه في اليوم الثاني أو الثالث للانقلاب، استمرت العمليات العسكرية ضد حزب العمال الكردستاني، وبعد الآن ستكون الحرب ضد حزب العمال الكردستاني أكثر سهولة من السابق.





* لماذا؟
لأن حفنة الإرهابيين الذين يعملون داخل الجيش في تلك المنطقة لم يعملوا لصالح تركيا، بل ضدها، لو كان هؤلاء يبذلون جهودهم بالتفكير للقتال ضد حزب العمال الكردستاني وضد داعش لتحققت نجاحات أكبر، ولكنهم كانوا يفكرون بأمور أخرى. بمعنى لو كانت حفنة الإرهابيين الذين في الجيش يفكرون بمكافحة حزب العمال الكردستاني بدلاً من التفكير بالتخطيط للانقلاب لحققوا نجاحات أكبر.

* ماذا كان مخطط الانقلابيين لو نجحوا؟
هذه الأمور تظهر تدريجياً من خلال إفاداتهم. تبيّن أنهم كانوا سيقومون بعمليات تصفية. قتل من دون محاكمات، وهناك أسماء كانت ستحظى بأولوية التصفية. هناك قائمة تصفيات تضم 250 شخصاً. وبعد ذلك هناك آلاف الناس سيخضعون للتحقيقات، والنفي، والسيطرة على الدولة، وبناؤها بالطريقة التي يريدون.

* يعني أنهم وضعوا 250 شخصية على لائحة الإعدام الفوري؟
نعم. عليك أن تفكر على النحو التالي: كانوا سيقتلون رئيس جمهوريتنا لو وجدوه في الفندق الذي كان يقيم فيه. المؤكد أن عمليات التصفية لن تكون وفق أطر قانونية، أي أن المؤكد أنه لن تكون هناك محاكمات في عمليات التصفية. لقد ذهبوا بالمروحية إلى مكان إقامة رئيس الجمهورية، ومشطوا المكان بالرصاص بهدف القتل. وكانوا سيقتلون الآخرين وسط الفوضى.

* كيف نجا رئيس الجمهورية؟
غادر رئيس جمهوريتنا الفندق قبل خمسة عشر أو عشرين دقيقة. وهو شرح هذا على شاشات التلفزة. وقد اصطحب معه من يمكن أن يصطحبهم بطائرة مروحية من زملائه، وأمر بإطفاء أنوار المروحية. وبعد إطفاء أنوار المروحية، ذهبوا إلى المطار، ومن ثم انطلقوا بالطائرة. وللرحلة بالطائرة قصة مغامرة أخرى. وقبل نزولهم في مطار أتاتورك، تم تحرير البرج، أي برج المطار من الذين احتلوه.

* من الذي أخبره بأمر المحاولة؟
زوج أخته اتصل به في مرمريس، وقال له إن هناك بعض الأمور في هذه المنطقة، ونقل له ملاحظاته. وأنا في الوقت نفسه سمعت بأن أموراً مشابهة حدثت، فقد كان طلاب الثانوية العسكرية يصرخون: حدث انقلاب، اذهبوا إلى بيوتكم. ونزلت الشرطة وهي تحمل السلاح، محاولة إيقاف الانقلابيين. بعد ذلك انتشر خبر الانقلاب بشكل سريع، والباقي بات معروفاً.


المساهمون