في الوقت الذي اتفق فيه الوفد الأمني المصري مع الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة على تثبيت التهدئة مع الاحتلال الإسرائيلي، قبل مغادرته للقطاع في 10 فبراير/شباط الحالي، عقب زيارة استغرقت ساعات عدة، كشفت مصادر خاصة، مصرية وفلسطينية، متابعة لملف الوساطة التي يقودها جهاز المخابرات العامة، عن أنّ زيارة المسؤولين في الجهاز كانت بشكل طارئ ومفاجئ بسبب وصول معلومات للجانب المصري حول تخطيط لاغتيال شخصيتين بارزتين في حركة "حماس" من الرافضين للالتزام بمسار التهدئة بصيغته الحالية.
وأوضحت المصادر، التي تحدثت لـ"العربي الجديد"، أنّ القاهرة عطّلت قراراً إسرائيلياً كان يستهدف اغتيال القياديين في "حماس"، مروان عيسى الذي تصفه إسرائيل بالقائد العام لـ"كتائب القسام"، الذراع العسكرية للحركة، ويحيى السنوار، مسؤول "حماس" في قطاع غزة وعضو مكتبها السياسي.
وقالت المصادر إنّ الحكومة الإسرائيلية تحمّل السنوار مسؤولية التصعيد في قطاع غزة في الوقت الراهن، هو ومروان عيسى، الذي تعتبره سلطات الاحتلال المساعد الأكبر والداعم الأبرز للسنوار في المكتب السياسي للحركة.
وبحسب المصادر، فإنّ السنوار، والذي كان الأساس في إقدام الحركة على قرارات كانت مستحيلة قبل توليه قيادة "حماس" في القطاع، مثل إنهاء الخصومة مع التيار الذي يتزعمه القيادي المفصول من حركة "فتح"، محمد دحلان، وقرار بدء المفاوضات غير المباشرة مع الاحتلال بشأن التهدئة، بات الآن أمام ضغوط "كتائب القسام"، ولا سيما من الرافضين لمسار التهدئة بصيغته الحالية، إذ يعتبرونها اتفاقية خضوع من طرف واحد فيما لا تلتزم إسرائيل بأي اتفاقات.
وكشفت المصادر أنّ الوفد الأمني المصري توجه مطلع الأسبوع الماضي للأراضي المحتلة للقاء المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين قبل توجهه إلى قطاع غزة للتحذير من مغبة الإقدام على مثل تلك الخطوة، موضحةً في الوقت ذاته أنّ قادة في الأجهزة الأمنية الإسرائيلية يخففون من حدة تداعيات مثل ذلك القرار- اغتيال السنوار وعيسى- مرجعين ذلك لما حدث من ردة فعل بعد اغتيال بهاء أبو العطا، قائد "سرايا القدس"، الجناح العسكري لحركة "الجهاد الإسلامي" في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
وبحسب المصادر، فإنّ تياراً داخل الفصائل الفلسطينية المسلحة بات غير مقتنع البتة بإمكانية التوصّل إلى اتفاق تهدئة طويل المدى مع إسرائيل، وكذلك بجدوى الوساطة المصرية التي تتمسّك بها أطراف غزة، فقط لكون القاهرة مشرفة على إدارة معبر رفح. وأوضحت المصادر كذلك أنّ تياراً قوياً، متمثلاً في الجناح العسكري داخل حركة "حماس"، بات يرى أنّ قرار التراجع في العلاقات السياسية مع إيران خلال الفترة الماضية، لا بدّ أن تتم إعادة النظر فيه، لافتةً إلى أنه "كانت هناك وعود بانفتاح أكبر من أطراف في الخليج على حركة حماس حال تراجعت العلاقات بين الأخيرة وطهران، في حين أنّ ذلك لم يحدث، وفق ما يرى كثيرون في الحركة، وأن تلك الاستراتيجية كادت أن تدفعهم إلى خسارة حليف قوي يعتمدون عليه في تزويدهم بالسلاح".
يُذكر أنّ السنوار الذي كان ضيفاً دائماً على القاهرة ضمن وفود "حماس" عقب عودة العلاقات بين الطرفين، غاب عن آخر ثلاث زيارات بشكل غامض، وسط حديث عن تباين في الرؤى مع الجانب المصري.
يذكر أنّ الوفد الأمني المصري كان غادر غزة الأسبوع الماضي بعد زيارة للقطاع استغرقت ساعات، أكد خلالها لقيادة حركة "حماس" والفصائل الفلسطينية أهمية الالتزام بتفاهمات التهدئة لتجنب عملية عسكرية إسرائيلية واسعة في القطاع.