بعد أحداث طرابلس... تفاصيل خطوة السرّاج المقبلة لـ"مشهد ليبي جديد" بدعمٍ دولي

13 سبتمبر 2018
ينفذ السراج خطة سلامة للسلام الليبي(Getty)
+ الخط -


تستمر حكومة الوفاق الليبية، التي يرأسها فايز السرّاج، في تنفيذ خطط مرسومة من المجتمع الدولي الداعم لها، وما أحداث طرابلس الدامية إلا إحدى هذه الخطط القاضية، بحسب مصدرٍ حكومي في طرابلس، بـ"تفجير الوضع الأمني في طرابلس"، بغية إخضاع المليشيات المسيطرة على العاصمة، والحدّ من نفوذها، وصولاً إلى تنفيذ مراحل لاحقة، من إقصاء المجلس النيابي إلى المؤتمر الوطني الجامع، وصولاً إلى قلب الموازين السياسية والأمنية في البلاد.

وكان المصدر قد كشف، في 25 أغسطس/آب الماضي، عن خطة أمنية يعتزم السراج إطلاقها "بهدف الحد من سيطرة المليشيات المسلحة على العاصمة طرابلس"، مشيراً إلى إمكانية إدخال "تكتل عسكري من ترهونة، قبل أيام من تفجر الأوضاع في طرابلس ودخول اللواء السابع القادم من ترهونة، إلى جنوب شرق العاصمة، وانتهاء المواجهات إلى اتفاق لوقف إطلاق النار برعاية أممية، وتمكن الحكومة من السيطرة على الوضع أخيراً، من خلال إحلال مجموعات مسلحة في العاصمة طرابلس أكثر انضباطاً وتحجيم أدوار المليشيات السابقة".

وأشرفت الأمم المتحدة في الرابع من شهر أيلول/سبتمبر الحالي، على توقيع اتفاق لوقف إطلاق النار بين الفصائل في طرابلس، قبل أن تعقد لقاءً آخر الأسبوع التالي، مضت فيه خطوات أخرى، فرضت على المليشيات الالتزام بالاتفاق لضبط الوضع الأمني وإعلان الحكومة في طرابلس عن تشكيل لجنة جديدة، لبدء تنفيذ الترتيبات الأمنية المنصوص عليها في الاتفاق السياسي، والتي تقضي بإبعاد المليشيات عن المؤسسات السياسية والمواقع الحيوية، وضرورة إحلال عناصر المليشيات فرادى في الأجهزة الأمنية والعسكرية النظامية للدولة.

وقال المصدر لـ"العربي الجديد" إن الخطوة المقبلة "تتمثل في دعم حكومة الوفاق المسارَ الثاني من الخطة الأممية التي أعلن عنها المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة، خلال اجتماع الجمعية العمومية للأمم المتحدة لحل الأزمة في ليبيا، والمتمثل في عقد مؤتمر وطني جامع يحوي الأطراف الليبية الحالية وأخرى وصفها سلامة بـ"المهمشة" في إعلانه.

وبحسب خطة سلامة، فإن المؤتمر الوطني الجامع، الذي أوكلت البعثة مهمة تنظيمه إلى مركز الحوار الإنساني في جنيف، سيهدف من خلال جلسات سيعقدها في أغلب المدن الليبية، إلى تقريب وجهات النظر وإتاحة الفرصة أمام كل الشرائح الليبية والقبائل والمكونات الاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني دون إقصاء، لتطوير موقف موحد وتصور شامل لمستقبل ليبيا.

وقال المصدر إن دعم الحكومة، وبشكل شخصي السراج، المسارَ الثاني من الخطة الأممية، سيتيح بروز تيارات ووجوه جديدة، بدأت دول كبرى كالولايات المتحدة وإيطاليا وغيرها بالتقرب منها فعلياً، وسينتهي بمطالبة تلك الوجوه والتيارات الجديدة من مجلس الأمن بالتدخل لسحب الثقة والشرعية من كل الأجسام السياسية المعرقلة للتوافقات والتقارب، وعلى رأسها مجلسا النواب والدولة.

وأشار المصدر إلى أن إعلان وفاة مجلس النواب قد بدأ منذ الأمس، عندما شاهد العالم كله السراج، يجلس مع محافظ المصرف المركزي، الصديق الكبير، وبحضور رئيس المجلس الأعلى للدولة، خالد المشري، لتوقيع برنامج الإصلاحات الاقتصادية دون أي تمثيل من مجلس النواب، لافتاً إلى أن أي إجراء بشأن الاقتصاد تتخذه الحكومة والمصرف المركزي يستلزم تشريعاً من مجلس النواب، وتغييبه بالأمس جرى عمداً، وهو يمثل رسالة للعالم بأن مجلس النواب انتهى، ما دفع رئاسة المجلس لدعوة النواب إلى جلسة استثنائية، اليوم الخميس، دون أن يحدد بنودها.

وأكد المصدر أن مجلس الأمن يملك القدرة على إقصاء الأجسام السياسية الحالية التي امتلكت شرعيتها من واقع القرار 2259 لعام 2015، الذي أكد اعتراف المجتمع الدولي بالاتفاق السياسي والأجسام المنبثقة عنه، ويمكنه أيضاً إصدار قرار آخر يلغيه ويفقد بالتالي هذه الأجسام شرعيتها.

ورأى المصدر أنه "من المؤكد الآن أن مؤتمر روما المقرر عقده في جزيرة صقلية خلال الأسبوع الثاني من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، سيحمل معه ملامح التوجه الجديد نحو دعم الخيار الثاني في الخطة الأممية، وما سترتبه على بروز المؤتمر الوطني الجامع"، كاشفاً عن توصل أطراف محلية عديدة، من بينها قيادات بالنظام السابق، لقرار بالمشاركة في المؤتمر.

وأضاف المصدر: "لا أعتقد أن تمثيل مجلسي النواب والدولة سيكون فاعلاً، بل هو إن حصل، فسيكون هامشياً، فوزير الخارجية الإيطالي إنزو مورافو ميلانيزي زار ليبيا قبل يومين والتقى حفتر شخصياً، وهاتف السراج بشأن المؤتمر، لكنه لم يلتفت إلى المجلسين، ولم يتحدث عنهما".



وذكّر المصدر بتصريحات الوزير الإيطالي بعد زيارة ليبيا، التي شدد فيها على أن "الليبيين هم من سيختارون موعد إطلاق انتخاباتهم"، في إشارة إلى التوجه الجديد نحو مؤتمر يضمّ كل الأطياف الليبية، بهدف أن يطالبوا بإنهاء شرعية الأجسام الحالية، وتأجيل إطلاق الانتخابات نهاية العام الحالي، إلى وقت آخر".

وأكد المصدر أن ما يحدث الآن هو تغيير الواجهة السياسية والأمنية بالكامل، في محاولة من دول كبرى، على رأسها الولايات المتحدة، لإنهاء الصراع الدولي حول ليبيا، ومساعدتها على بلورة رؤية دولية بشأن البلاد المنهكة.

لكنه لفت أيضاً إلى أن المجتمع الدولي يرى في تغييب السراج وحفتر عن الواجهة تهديداً لمصالحه، لذا "ربما قد يكون الرجلان هما الثابت الوحيد في المشهد المرتقب"، مشيراً إلى "العلاقة الودية الجديدة بين حفتر وإيطاليا" وتأكيد ميلانيزي أن اللواء المتقاعد "محاور جيد، ويدرك الدور الذي يمكنه أن يقوم به".​