رسائل إيران في لاهاي

27 اغسطس 2018
مقرّ المحكمة الدولية في هولندا (آنت بالمر/Getty)
+ الخط -


بدأت أولى جلسات النظر في ملف الشكوى التي تقدمت بها طهران لمحكمة العدل الدولية، أمس الإثنين، التي ستستمر حتى الخميس المقبل، إذ قررت إيران نقل صراعها السياسي مع الولايات المتحدة التي انسحبت من الاتفاق النووي في مايو/أيار الماضي إلى أروقة لاهاي، بعد أن رأت أن واشنطن انتهكت اتفاقاً أممياً يُجمع الكل على أهمية استمراره، وأعادت فرض حظر اقتصادي يؤثر في الشارع الإيراني أولاً وأخيراً، كما قال مسؤولوها.

من المفترض أن يصدر رأي المحكمة المبدئي خلال فترة أقصاها شهر واحد، بعد انتهاء البحث في تفاصيل الملف، لكن الحكم النهائي الذي قد يدين أميركا أو قد يظهر إيران بأنها على خطأ قد يستمر سنوات عدة، كما حصل في دعاوى سابقة بين الطرفين.

هذه ليست المرة الأولى التي تلجأ فيها إيران إلى محكمة العدل الدولية، فاشتكت من مصادرة أموالها المجمّدة في الخارج ومن ضرب منصاتها النفطية في ثمانينيات القرن الماضي، كما وُضعت في قفص الاتهام حين تقدمت أميركا بشكوى ضدها إثر اقتحام سفارتها في طهران وإطلاق أزمة الرهائن عقب انتصار الثورة الإسلامية عامي 1979 ـ 1980.

هذه المرة، تحاول إيران أن تمسك بكل الأوراق التي من الممكن أن تساعدها أمام المجتمع الدولي، رغم أنها تعرف أن ذلك قد لا يصل إلى نتيجة عملية رغم التعويل الكبير على الشركاء الأوروبيين. فأميركا رأت في قضايا سابقة عدة أنه لا يحقّ لمحكمة لاهاي أن تبتّ في ملفات من هذا القبيل، وهو ما يعني أنها قد تضرب بعرض الحائط أي قرار عتيد إن صبّ في صالح طهران.

تريد إيران الحصول على غرامة وتعويضات مالية من واشنطن، إثر الخسائر التي تلحق باقتصادها وستزداد تعقيداً مع وصول حزمة العقوبات الثانية في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل والتي ستكون أقسى وأشدّ وستستهدف الصادرات النفطية وعلاقات وتعاملات البلاد المالية والمصرفية.

دفعت طهران حتى الآن ثمن اهتزاز الاتفاق النووي، فغادرتها شركات أجنبية تخوفت من التهديد الأميركي، وانهارت عملتها المحلية أمام الدولار وارتفعت الأسعار، إلا أنها حاولت جاهدة أن تستغل صورة الإدارة الأميركية الحالية التي ارتكبت، ولا تزال، أخطاء مع أطراف كثيرة غيرها، واللجوء إلى المحكمة الدولية مبرر في هذا السياق. وإن كانت تدرك طهران أن الأمور صعبة، لكنها على الأقل ستستخدم حجة أنها "التزمت بالاتفاق النووي وبأن واشنطن كانت الطرف الذي دفع باتجاه تخريبه"، في محاولة للحصول على مشروعية دولية ولاستخدام رسائلها لإبعاد شبح شيطنتها أمام العالم مجدداً.

المساهمون