مصر: تعنّت بتعديل مواعيد "المراقبة الشرطية" للمعارضين في رمضان

08 مايو 2019
تلاحق "المراقبة الشرطية" علاء عبد الفتاح لخمس سنوات (Getty)
+ الخط -
"فُجر في الخصومة"، كانت هذه الجملة هي الأكثر انتشاراً بين العديد من أهالي المعتقلين السياسيين المصريين المفرَج عنهم بتدابير احترازية أو ما يعرف بـ"المراقبة الشرطية"، جراء عدم تعديل السلطات مواعيد المراقبة الخاصة بأبنائهم خلال شهر رمضان. وتُعدّ التدابير الاحترازية هي العقوبة المكملة والبديلة للحبس الاحتياطي في القانون المصري، وفقاً لنصّ المادة 201 رقم 150 لسنة 1950، والمعدلة بالقانون رقم 145 لسنة 2006 من قانون الإجراءات الجنائية. وقضت أسرة الناشط السياسي علاء عبد الفتاح، المفرج عنه بتدابير احترازية يومية من السادسة مساءً حتى السادسة صباحاً، يومها الأول من شهر رمضان، أمام قسم شرطة الدقي بمحافظة الجيزة، في محاولة لتغيير مواعيد المراقبة الشرطية الخاصة بابنها، أو حتى السماح بإدخال إفطار له. علماً أنه في 29 مارس/ آذار الماضي، أفرجت السلطات فجراً عنه بعد قضائه خمس سنوات في السجن، في قضية عُرفت إعلامياً باسم "أحداث مجلس الشورى". لكنه في واقع الأمر حصل عبد الفتاح على نصف إفراج فقط، إذ إنه مطالب بتسليم نفسه للسلطات من السادسة مساءً حتى السادسة صباحاً يومياً ولمدة خمس سنوات، ضمن ما يسمى بالإجراءات الاحترازية.

وقالت منى سيف، شقيقة علاء عبد الفتاح، عبر حسابها الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، إنّ معظم أقسام الشرطة أصدرت تنبيهات بتعديل المراقبة الشرطية لتكون من الساعة الثامنة مساءً، لتبدأ بذلك التدابير الاحترازية بعد الإفطار كما هو متبع منذ سنوات عدة، لكن الأمر مختلف في قسم شرطة الدقي حيث يقضي شقيقها فترة مراقبته. أما والدته ليلى سويف، فكتبت على الموقع نفسه: "إحنا على باب قسم الدقي كنا جايين عاوزين نفطر مع علاء، منعونا من الدخول واحنا قاعدين على الباب".

الوضع نفسه تكرر مع المصور الصحافي محمود أبو زيد، الشهير بـ"شوكان"، الذي يقضي عقوبة تكميلية بتدابير احترازية يومياً من السادسة مساءً وحتى السادسة صباحاً، وذلك لخمس سنوات. وكان قد حكم على شوكان بالسجن خمس سنوات في قضية اعتصام رابعة العدوية في 8 سبتمبر/ أيلول 2018 مع فترة مراقبة لخمس سنوات إضافية والمنع من إدارة الأموال والعزل من وظائف الدولة، وذلك بعدما أُلقي القبض عليه خلال تغطيته لفض اعتصام رابعة العدوية في 14 أغسطس/ آب عام 2013.

يشار إلى أنّ مجلة "تايم" الأميركية، كانت قد أصدرت تقريراً في الأول من مايو/ أيار الحالي، اعتبرت فيه أنّ الإجراءات الرقابية ضدّ عبد الفتاح وشوكان، من بين أخطر عشر حالات تهدد الصحافة الحرة في العالم.


من جهته، كتب المحامي الحقوقي المصري، مختار منير، عبر حسابه على موقع "فيسبوك"، منشوراً استغرب فيه "التعنت" في تعديل قرار التدابير الاحترازية، وقال: "أوقات الكلام مش بيقدر يوصف وضاعة الأفعال اللي بتحصل... أول من أمس (السبت)، في جلسة نظر تجديد التدابير لأحد الموكلين عندي، طلبت من القاضي إذا رأى أن هناك حاجة لمدّ التدابير الاحترازية أن يقوم بتعديل مواعيد ساعات التدابير، كي يتمكن الموكّل من حضور الإفطار وسط أهله. القاضي لم يعدل ميعاد التدابير للأسف، وعقلي وقف كثيراً عند هذا الأمر... إذا كان لديك السلطة في ذلك فلمَ التعنّت؟".

وتابع منير: "ثم قرأت عدداً من البوستات (المنشورات) تتحدث عن المشكلة نفسها التي تواجه العديدين، سواء كانوا سيقضون تدابير احترازية ولم يتم تعديل ساعات التدابير، أو مَن لديهم مراقبة - عقوبة تكميلية - ولم يتم السماح لهم في هذا الشهر الكريم (30 يوماً يا مؤمن) بقضائه مع أسرهم والفطور معهم".

ووفق تقديرات حقوقية، فإنّ أغلب القرارات الصادرة من محاكم الجنايات بدوائر الإرهاب، في القضايا ذات الطابع السياسي، منذ عام 2014، باتت متبوعة بالتدابير الاحترازية. ففي حالة صدور قرار بإخلاء السبيل على ذمة قضية قيد التحقيقات يتبعه القضاة في الغالب بقضاء فترة معينة قيد المراقبة. وعلى النقيض تماماً من ذلك، فإنّ قرارات إخلاء السبيل الصادرة في القضايا ذات الطابع الجنائي قيد التحقيق، تكون في معظمها إمّا بضمان محلّ الإقامة أو بأي ضمان مالي.

المساهمون