أزمة ترامب تتفاقم: التحقيقات بالتدخّل الروسي تكبّل الإدارة الأميركية

20 يونيو 2017
تحدث ترامب عن تعرضه لـ"حملة اضطهاد" (جو ريدل/Getty)
+ الخط -

دخلت قضية التدخّل الروسي في الانتخابات الأميركية منعطفاً نوعياً فاصلاً مع تعيين محقق خاص فيها قبل أسبوعين، هو روبرت مولر، وانتقلت من السياسة إلى القانون، ومن التحقيقات الباحثة عن أدلة، إلى التحقيقات حول المسؤولية لمحاسبة أصحابها.
وشملت هذه القضية قبل أيام الرئيس الأميركي دونالد ترامب وصهره جاريد كوشنر. خطوة أغاظت ترامب الذي ردّ عليها بصورة أثارت التساؤل وعززت الشبهات ولو أنها لم تثبت بعد. وتحدث ترامب الأحد الماضي عبر موقع "تويتر" عن أنه ضحية لـ"حملة اضطهاد". وما فاقم الشكوك، أن الرئيس الأميركي فتح النار على نائب وزير العدل، رود روزنستاين، الذي سبق واختاره لهذا المنصب منذ أسابيع. سبب ضيقه منه أنه يدعم التحقيق حول دور ترامب وما إذا كان قد تدخّل لعرقلة سير العدالة. رافق ذلك تزايد الشائعات التي يبدو أن البيت الأبيض قد تعمّد تسريبها، حول وجود نية لدى الرئيس الأميركي بإقالة روزنستاين وأيضاً المحقق الخاص روبرت مولر. هذا التوجّه تحرّض عليه مجموعة من المتشددين المحيطين بترامب، من بينهم الرئيس الأسبق لمجلس النواب نيوت غينغريتش.

احتمال إقالة مولر وروزنستاين استحضر سيناريو الرئيس الأميركي الراحل رتيشارد نيكسون عندما أقدم على ذات الخطوة التي سرّعت في رحيله عن البيت الأبيض. ولهذا هرع الجمهوريون بشكل خاص، إلى التحذير من اللجوء إلى مثل هذا الإجراء، خشية أن يكون بمثابة الخطوة التي تُسقط كل شيء. كان ردهم وبصوت واحد تقريباً أن المطلوب هو ترك مولر يقوم بمهمته كيفما كانت نهاياتها، وفي ذلك رسالة تحذير واضحة لترامب.

لكن الاعتقاد السائد أن الخشية من العواقب، لا تضمن أن يصرف ترامب نظره عن هذا الخيار، الذي لا يخلو من المجازفة الخطيرة حتى ولو كان البيت الأبيض يلوح به على سبيل التهويل والردع. فترامب لم يتوقف عن عادة التغريد على "تويتر" على الرغم من نصائح الحريصين والمقربين منه، بعد أن تسبّب "تويتر" بزيادة غيوم الارتياب فوق رئاسته. وتغريدته ضد نائب وزير العدل عززت الانطباع بأنه لو لم يكن هناك ما يحمله على التخوّف لما لجأ إلى التلويح بالإقالات. فلماذا يخشى شموله بالتحقيق إذا كانت ساحته بريئة، كما قال زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ السيناتور تشاك شومر.


التدخّل الروسي في الانتخابات "قضية كبيرة"، حسب التعبير السائد في الكونغرس، وطريقة تعاطي ترامب معها ساهمت بتحويلها إلى أزمة تعرقل رئاسته، بل تهددها. ودخلت القضية الآن مرحلة التحقيق الجنائي، لتصبح المسألة جدية، مع بلوغها نقطة باتت محكومة معها بالوصول إلى خواتمها بواحد من احتمالين: إما تبرئة ساحة ترامب من أي علاقة مع القرصنة الروسية وبالتالي من تهمة عرقلته لسير التحقيقات في هذه القضية (بقطع النظر عما إذا انتهت إلى إدانة واحد أو أكثر من أركان حملته الانتخابية) وإما العكس مع ما يترتب على ذلك من آثار وتداعيات قد تكون نسخة عن "ووترغيت". كلا الاحتمالين وارد، لكن المخاوف من الثاني متزايدة. ومن المؤشرات على ذلك أن كبار الرموز في فريق الرئيس الأميركي سارعوا نحو الاستعانة بكبار المحامين لحماية أنفسهم من شظايا التحقيقات. نائب الرئيس مايك بنس قام بتكليف محامٍ معروف في هذا المجال. والأغرب أن محامي الرئيس الذي كان إلى جانبه في الحملة الانتخابية، كلّف هو الآخر محامياً للدفاع عنه ولتزويده بالاستشارة اللازمة في مرحلة التحقيقات. وكان كوشنر قد عيّن فريقه القانوني، بعد أن سُلطت الأضواء على لقاءاته مع السفير الروسي في واشنطن سيرغي كيسلاك، وبعد أن تبيّن بأن مولر ينظر في "علاقات كوشنر مع رئيس مصرف روسي" مقرب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

دخول النفق القانوني خصوصاً الجزائي، سيكون مكلفاً لترامب، على الأقل سياسياً. في أحسن الحالات، يكبّل إدارته لغاية انتهاء التحقيقات التي قد تستمر لأشهر عدة أو أكثر. برامجه وسياساته، حتى المحلية التي يُفترض أن تلقى دعم الأكثرية الجمهورية في الكونغرس، تراوح مكانها لغاية الآن، في مجلسي الشيوخ والنواب، ولا بد أن تنعكس على توجّهاته الخارجية. كل ذلك يجعل واشنطن تعيش حالياً في حالة انتظار.