سورية: حملة جديدة للتجنيد الإجباري من قبل النظام

09 اغسطس 2016
نقص العنصر البشري مشكلة يواجهها النظام (Getty)
+ الخط -
لا تكاد الحياة تعود إلى شوارع العاصمة السورية دمشق حتى يشن النظام حملة جديدة لاعتقال الشباب من عمر 18 عاما إلى 42 عاما، بهدف سوقهم للقتال مع القوات النظامية على الجبهات المنتشرة على طول البلاد، وخاصة جبهة حلب التي خسر فيها مئات المقاتلين، جراء انتصارات المعارضة الأخيرة.


ومن يسير في شوارع دمشق اليوم، يلحظ الازدحام على الحواجز، حيث يتم التدقيق بالبطاقات الشخصية، ووجود الحافلات والسيارات التي تتملئ بالشباب، إضافة إلى وجود الدوريات في مناطق الاكتظاظ والحركة، والتي تقوم بدورها بالتدقيق على الشباب وسوقهم إلى المراكز الأمنية.


وقال الناشط أبو عمر الشامي، في حديث مع "العربي الجديد"، "تشدد الحواجز والدوريات الأمنية، إضافة إلى المليشيات الموالية، المنتشرة في شوارع العاصمة على البطاقات الشخصية للشباب، حيث يتم توقيف معظم الشباب وتحويلهم إلى الشرطة العسكرية ليساقون عقبها إلى معسكر الدريج بريف دمشق التابع للقوات الخاصة، حيث يبقون فيه لنحو 7 أيام، في ظل أوضاع مأساوية جراء النقص في الطعام وشح المياه وعدم توفر أماكن للنوم، ليتم بعدها توزيعهم على الجبهات".



ولفت إلى أن "عملية الاعتقال تتم بشكل عشوائي، حيث يطلب من الحواجز والدوريات أعداد محددة من الشباب يوميا، وفي بعض الأحيان يتم توجيههم إلى مناطق محددة يجب أن يحضروا منها عددا محددا، ما يدفع تلك الدوريات والحواجز إلى اعتقال كل الشباب الذين يقعون تحت يدهم، بغض النظر إن كانوا يحملون تأجيلا دراسيا عن الخدمة العسكرية أم لا، فالمهم أن يدخل العدد المطلوب إلى زنزانة الجهة التابع لها".


وأضاف "تتسبب حملة النظام بامتناع الشباب عن الحركة والتنقل في الشوارع، ومن يضطر غلى التنقل فهو يتسلل سيرا على الأقدام مهما طالت المسافة، في حين تلتزم الغالبية منازلها، بانتظار أن تنتهي هذه الحملة، ما أدى إلى خسارة العديد منهم مصادر رزقهم أو إكمال تعليمهم".

وبين أن "هناك نسبة جيدة من الشباب المطلوبين من قبل النظام للخدمة ضمن قواته النظامية، أو الذين يمكن أن يطلبوا، ورغم الوضع المادي السيئ، يحاولون مغادرة البلاد عن طريق مهربين، كانوا يقومون بنقلهم الى تركيا سابقا قبل توتر الأوضاع في حلب، وإغلاق الأتراك لحدودهم، وقام المهربون بعدها بتسهيل خروج الشباب الى لبنان مقابل مبالغ مالية كبيرة تراوح بين 3-4 آلاف دولار أميركي"، وتابع "أما شباب السويداء وغالبيتهم من طائفة الموحدين الدروز، وشباب اللاذقية وطرطوس ذات الغالبية العلوية والإسماعيلية، فإنهم يعودون إلى قراهم ومدنهم، حيث لا يشن النظام داخل تلك المناطق حملات اعتقال، بل يكتفي بتصيد الشباب أثناء خروجهم من مناطقهم".



وتروى الستينية أم محمد، ما حدث مع نجلها، وتقول لـ"العربي الجديد"، "كان أصغر أبنائي يستعد للسفر وقد حصل على موافقة شعبة التجنيد، أي أنه غير مطلوب للخدمة الاحتياطية، ولكن قبل يومين من سفره قام أحد الحواجز باعتقاله، بحجة أنه مطلوب للخدمة الاحتياطية، ولم تشفع كل الأوراق الرسمية التي يحملها له بعدم اعتقاله، في أقل من أسبوع أخبرنا أنه نقل إلى ريف اللاذقية، وبعد نحو 15 يوما، وصلتنا برقية أنه مفقود، لكن دون جثة أو أي معلومات، بل كانت الجملة الوحيدة التي سمعتها أنك لست أول امرأة أو آخر امرأة تفقد ابنها".

وأضافت "لقد سرقوا ابني مني دون أي سبب ليموت فقط، وكأنه لا قيمة لحياة شبابنا، حتى لم يبق منهم الكثير فهم إما قتلى أو معتقلون أو لاجئون أو سجناء منازلهم".

من جهته، قال الثلاثيني نورس، وهو متزوج ولديه طفلان، لـ"العربي الجديد"، إنه "تم اعتقالي في الحملة الأولى التي شنها النظام في نهاية 2015، وتم وضعي بريف حلب لستة أشهر في قرى مدمرة، وكان هناك نقص في الطعام والماء، حتى إني لم أستلم سلاحا إلا بعد 3 أشهر، والمشكلة الأكبر أنه لم أستلم أي راتب، فوقعت عائلتي بعوز مادي شديد، رغم المساعدات التي تلقتها من أقاربي".

وتابع "لم أعد أستطع التحمل، فالتعامل سيئ والحياة صعبة ولا قيمة لنا كسوريين، وقد كنا تحت إمرة ضباط إيرانيين، وكأننا لسنا في بلدنا، إضافة إلى أن لا الطعام ولا السلاح مناسب لجيش يريد الانتصار، لذلك تركت الخدمة وأعمل اليوم رغم التضييق الذي أعاني منه، لكن يبقى أفضل من الخدمة في ظل القوات النظامية".

يشار إلى أن عشرات آلاف الشباب السوري يمتنعون عن الالتحاق بالخدمة العسكرية أو الاحتياطية، وتفيد تقارير محلية بأن العدد بلغ في مدن وقرى الساحل قرابة الـ60 ألفاً، وفي السويداء أكثر من 30 ألفاً، مع نهاية العام الماضي، في حين كانت مصادر موالية قد أفادت أن عدد عناصر وضباط القوات النظامية بلغ نحو 75 ألف عنصر، منتصف العام الماضي، في حين كان تعدادها عام 2010 نحو 450 ألف عنصر، تدعمها اليوم مليشيات محلية وأجنبية، إضافة إلى الطيران الروسي ومجموعات من قواته الخاصة.