ينطلق، اليوم السبت، المؤتمر التأسيسي لحزب "تحيا تونس"، بعد أن استكمل اجتماعاته المحلية والجهوية، وسط صعوبات وصراعات داخلية حول توزيع المناصب، وانتقادات من منافسيه باستغلال إمكانيات الدولة، واتهام قيادته بالسعي للهيمنة واكتساح المشهد السياسي، في المرحلة المقبلة.
ونجح حزب "تحيا تونس" الفتي خلال خمسة أشهر من تأسيسه، في إعداد أرضية محلية وجهوية مكّنته من عقد مؤتمره التأسيسي الأول، بعد أن غطّى في وقت قياسي مختلف محافظات البلاد، وحتى في عواصم كبرى خارج تونس، حيث تتمركز الجالية التونسية بالمهجر.
ويعوّل حزب "تحيا تونس" المساند الأول لرئيس الحكومة يوسف الشاهد، على نجاح مؤتمره التأسيسي، وانتخاب قيادة مركزية سيفوّض لها تسيير الحزب، وخوض غمار الانتخابات التشريعية في 6 أكتوبر/تشرين الأول المقبل، والرئاسية في 10 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
وقال مصطفى بن حمد رئيس كتلة "الائتلاف الوطني" بالبرلمان، والرجل الثاني في "تحيا تونس"، إنّ الحزب "سيعقد، اليوم السبت وغداً الأحد، مؤتمره الوطني التأسيسي بحضور يوسف الشاهد، الذي دعي رسمياً بصفته رئيساً للحكومة، بالإضافة إلى دعوة رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي، ورئيس مجلس نواب الشعب محمد الناصر، لحضور افتتاح المؤتمر".
ولفت بن حمد، لـ"العربي الجديد"، اليوم السبت، إلى أنّ "الحزب لم يوجّه أي دعوة رسمية لرؤساء الأحزاب لحضور مؤتمره الوطني، وحتى الشركاء في الائتلاف الحكومي"، مشيراً إلى أنّ "اليوم الأول من المؤتمر، سيخصص للمصادقة على اللوائح والنظام الداخلي وانتخاب الأمين العام".
وأوضح بن حمد أنّ "هناك قائمة توافقية سيتم انتخابها"، مرجّحاً أن يكون سليم العزابي الأمين العام المرتقب، مشيراً إلى أنّ "المؤتمر سيوضّح علاقة يوسف الشاهد بالحزب"، مؤكداً أنّ "الشاهد زعيم سياسي ويحظى بمساندة ودعم الحزب".
وأضاف أنّ "الشاهد متفرّغ للعمل الحكومي وليس للعمل الحزبي ولتسيير هياكل ومؤسسات الحزب"، معتبراً أنّ "أكبر رهان أمام الحزب، هو توحيد القوى الوسطية والديمقراطية والتقدمية".
وأكد أنّ "تحيا تونس سيستأنف المشاورات بعد المؤتمر مع الأحزاب القريبة منه، وذلك من أجل لمّ شمل الأحزاب الوسطية وتوحيد الصفوف وبناء أرضية للعمل المشترك في الفترة المقبلة، لا سيما مع حزب (المشروع) وحزب (المبادرة) و(البديل التونسي)".
وتابع بن حمد أنّ "الرهان الثاني هو تحقيق أغلبية وازنة في الانتخابات التشريعية المقبلة، تخوّل الحزب أن يحكم من دون السقوط في إكراهات التحالفات التي تربك العمل الحكومي"، معتبراً أنّ "بلوغ 109 مقاعد (من أصل 217) رهان سيكسبه تحيا تونس".
وقال إنّ "الحزب تمكّن خلال فترة 5 أشهر من بعث مشروع سياسي جديد، خلق توازناً في المشهد السياسي التونسي، وأصبح قوة فاعلة في البلاد وفي البرلمان".
ولم تخلُ اجتماعات "تحيا تونس"، من صراعات وخلافات داخلية، على امتداد الأسابيع الماضية، وسط استقالات في صفوف الغاضبين من عدم انتخابهم، أو ما اعتبروه "إقصاءهم" على غرار ما وقع في محافظة الكاف، وفي المهدية. في المقابل، شهدت محافظات أخرى توافقاً دون منافسة تذكر.
وتصاعد حجم الاحتقان بين الوزراء والنواب والقيادات، في كتلة "الائتلاف الوطني"، وقيادات جهوية حول المناصب المركزية، استعداداً لمعركة رئاسة القوائم التشريعية والمقاعد الأولى فيها.
وأعلن حزب "تحيا تونس" عن انخراط ما يناهز 80 ألف شخص؛ من بينهم وزراء وكوادر وشخصيات معروفة التحقوا بالحزب الداعم لرئيس الحكومة.
واختار حزب "تحيا تونس" مكاتب تمثيلية، شبيهة بالتمثيلية البلدية حيث يضم 380 مكتباً محلياً موزّعة على مختلف محافظات البلاد، وتضم كل تنسيقية محلية 15 عضواً، بما يكشف أنّ الحزب الجديد يضم 5400 مسؤول محلي، في وقت تشرف عليه مكاتب جهوية وعددها 27 مكتباً، موزعة على 24 محافظة مع استثناء تقسيم العاصمة تونس، ومحافظة صفاقس، ومحافظة نابل إلى مكتبين جهويين، نظراً لعدد سكانها.
ويشرف الوزير السابق حاتم العش على عملية مراقبة الانتخابات بالمؤتمر، فيما يتولّى القيادي السابق بحزب "نداء تونس" كمال ايدير الإشراف على لجنة إعداد المؤتمر.
ويرى مراقبون أنّ حزب "تحيا تونس"، سليل حزب "نداء تونس"، يراهن على إنجاح مؤتمره الانتخابي التأسيسي، والذي يمثل نقطة لاستعراض العضلات والقوى الجماهيرية من جهة، ومقياس تفوق أمام حلفائه ومعارضيه يراهن عليه.
وأظهرت نتائج استطلاع الرأي للشأن السياسي، في مارس/آذار الماضي، أجرته مؤسسة "سيغما كونساي"، بالتعاون مع جريدة "المغرب"، تصدر حركة "النهضة" نوايا التصويت في الانتخابات التشريعية بـ24.7%، تليها حركة "نداء تونس" التي احتلت المرتبة الثانية بـ20%، ثم "تحيا تونس" بـ11.9%.
أما في ما يتعلّق بنوايا التصويت للانتخابات الرئاسية، فقد حافظ رئيس الحكومة يوسف الشاهد على المرتبة الأولى في نوايا التصويت بـ19.3%، يليه أستاذ القانون الدستوري قيس سعيد بـ12.1%، فالرئيس السابق المنصف المرزوقي ثالثاً بـ11.7%.