تجميد قانون مصادرة أراضي الفلسطينيين يضمن تبييض المستوطنات

19 اغسطس 2017
لا ضمانات بعدم مصادرة أراضٍ ستمنح للفلسطينيين كتعويض(مأمون وزوز/الأناضول)
+ الخط -
للوهلة الأولى، بدا أن القرار الذي أصدرته المحكمة العليا الإسرائيلية، أول من أمس، والقاضي بتجميد العمل بالقانون الذي سنه الكنيست الإسرائيلي، في ديسمبر/كانون الأول الماضي، والذي يضفي شرعية على مصادرة الأراضي الفلسطينية الخاصة، التي أقام المستوطنون عليها العشرات من الوحدات الاستيطانية من دون إذن الحكومة الإسرائيلية، وكأنه سينصف الفلسطينيين من أصحاب الأراضي المصادرة. لكن نظرة متفحصة في قرار الحكم، الذي أصدره القاضي نيل مندل، تدل على أنه على الرغم من أنه سيجمد العمل مؤقتاً بالقانون، لكنه في الوقت ذاته يضفي شرعية أيضاً على نتائج المصادرة، إذ إنه يلزم الحكومة الإسرائيلية بعدم هدم أي منزل أو منشأة دشنها المستوطنون في النقاط التي أقيمت على هذه الأراضي. أي أن أصحاب الأراضي الفلسطينية المصادرة لن يستفيدوا عملياً من هذا القرار المؤقت. ومما يزيد الشكوك في مرامي القرار حقيقة أنه يجمد العمل بالقانون إلى حين انعقاد المحكمة العليا بكامل هيئتها للنظر مجدداً في "دستورية" قانون "المصادرة". فلو كان احترام القانون الأساسي هو الذي يوجه المحكمة العليا لما كان هناك حاجة لعقد جلسة موسعة للنظر في القانون، إذ إن الحديث يدور عن قانون يهدف إلى تبييض عمليات مصادرة الأراضي الفلسطينية الخاصة وتدشين المستوطنات فوقها، والتي تمت من دون إذن الحكومات الإسرائيلية.

وكان يفترض أن يستمع مندل إلى المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية، أفيحاي مندلبليت، الذي أبلغ رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، ووزراءه أن قانون المصادرة "غير دستوري وغير قانوني". وأشار موقع صحيفة "هآرتس" يوم الخميس إلى أنه على الرغم من أن مهمة المستشار القانوني للحكومة تتمثل، ضمن أمور أخرى، في الدفاع عن قرارات "الدولة" أمام الجهاز القضائي، إلا أن مندلبليت أبلغ الوزراء رفضه الدفاع عن القانون أمام المحكمة العليا. وما يزيد من خطوة ترك مهمة النظر في "دستورية" القانون إلى تركيبة المحكمة العليا الموسعة، حقيقة أن ممثلي التيار الديني واليميني يمثلون الأغلبية داخل هيئة المحكمة، ما يعزز الانطباع بأن المحكمة يمكن إما أن تقر "دستورية" القانون أو أن تثبت قرار تجميد العمل بالقانون الذي اتخذه القاضي مندل، والذي يضمن عملياً بقاء النقاط الاستيطانية على حالها. وما يعزز من فرص إقرار القانون من قبل المحكمة العليا في النهاية حقيقة أن القضاة يمكن أن يروا في عروض "التعويض" التي يقترحها القانون على الفلسطينيين من أصحاب الأراضي المصادرة، مسوغاً لإضفاء "الدستورية" عليه، إذ إن القانون يقترح على الفلسطينيين التعويض من خلال منحهم أراضي مماثلة أو القبول بتعويض مالي. إلا أن الأراضي التي تمت مصادرتها من القرويين الفلسطينيين تقع على تخوم القرى التي يقطنون بها. من هنا، فإن أي أراضٍ ستقترح للتعويض ستكون بعيدة عن هذه القرى. إلى جانب ذلك، فإنه حتى لو وافق الفلسطينيون على العرض، لا يوجد أي ضمانة بألا يقوم الجيش الإسرائيلي بمصادرة الأراضي التي ستمنح لهم كتعويض بحجة أمنية لاحقا. مع العلم أن المحاكم الإسرائيلية ترفض بشكل تلقائي إلتماسات الفلسطينيين الذين يعترضون على مصادرة الجيش الإسرائيلي لأراضيهم بحجج أمنية.

وتبدو المفارقة أنه كان يفترض بكثافة الأنشطة الاستيطانية التي تقوم بها الحكومة الإسرائيلية أن تقلص من نهم المستوطنين للتصرف بشكل منفرد والاستيلاء على الأراضي الفلسطينية وتدشين المستوطنات فوقها. فقد كشف وزير الحرب الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، في منتصف يونيو/حزيران الماضي، أن عدد تراخيص البناء في المستوطنات، التي أصدرتها وزارته والإدارة المدنية التابعة لجيش الاحتلال خلال العام الحالي، يعد الأكبر منذ العام 1992. ووصف ليبرمان حكومته بأنها "الأكثر كرماً" مع المستوطنين. يذكر أن الأحزاب التي تشكل الائتلاف الحاكم في إسرائيل بادرت إلى تقديم مشروع قانون "المصادرة" في أعقاب إخلاء النقطة الاستيطانية "عمونا" التي دشنت من دون إذن الحكومة. ومن أجل استرضاء المستوطنين تنافس ممثلو "الليكود" و"البيت اليهودي" والأحزاب الدينية الحريدية بين بعضهم البعض لبلورة القانون، وضمنت الأكثرية النيابية المطلقة التي يتمتع بها الائتلاف في إقرار القانون.

المساهمون