تفجير أطمة... "داعش" يستبق معركة دابق

07 أكتوبر 2016
تركيا تعلن تحرير 3 مناطق جديدة (سيم جينكو/الأناضول)
+ الخط -
ثمانية وعشرون قتيلاً على الأقل، وعشرات الجرحى من عناصر فصائل المعارضة السورية المنضوية في غرفة عمليات "درع الفرات" مع قوات تركية، بينهم القيادي في حركة "أحرار الشام الإسلامية" هشام خليفة، وكذلك رئيس مجلس القضاء الأعلى في حلب، خالد السيد، والنائب العام، القاضي محمد الفرج، كانوا هدفاً لتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، أمس الخميس، عندما فجر أحد عناصر التنظيم حقيبة تحمل مواد متفجرة، ثم فجر نفسه وسط جموع المقاتلين على الجانب السوري من معبر أطمة، بريف إدلب الشمالي، على الحدود مع تركيا.

وكان مقاتلو المعارضة السورية يستعدون لعبور الحدود للانتقال إلى تركيا، ومن ثم العبور إلى مناطق عمليات "درع الفرات" في شمالي حلب، تمهيداً لمعركة حاسمة يتوقع لها أن تكون المفتاح الرئيسي للسيطرة على ريف حلب الشمالي، والحديث هنا عن بلدة دابق، أهم معاقل "داعش" في ريف حلب، نظراً لأهميتها ورمزيتها الدينية، وتأثيرها على معنويات مقاتليه، أكثر منها جغرافية للدخول إلى مدينة الباب بعد ذلك. وبحسب معلومات متقاطعة، فإن القتلى من عناصر فصيلي "الفوج الأول" و"صقور الجبل" التابعين للجيش السوري الحر، وكانوا سيتجهون إلى ريف حلب الشمالي للمشاركة في العمليات العسكرية ضد "داعش" ضمن غرفة عمليات "درع الفرات" مع قوات خاصة تركية.

وكان قائد "لواء السلطان مراد"، العقيد أحمد عثمان، قد أكد، لـ"العربي الجديد"، قبل أيام، أنهم باتوا قريبين من دابق. وتطرق إلى أهمية المعركة بالقول: "هي ملحمة بالنسبة للتنظيم، أصبحنا بعد السيطرة على قرية تركمان قريبين من دابق، كونه يفصلنا عن دابق قرية دويبق من الشرق، ومن الغرب شورين"، مشيراً إلى أن "المعارك مستمرة حسب الخطة والوتيرة التي نسير بها". وحول المدة المتوقع أن تستمر فيها المعارك على هذه الجبهة، يرى عثمان أنه "قد نصل إلى دابق خلال يوم أو ربما عشرة أيام، لا نعرف"، مبيّناً أن "استراتيجية المعارك هناك تختلف، فهناك ألغام وتعزيزات عسكرية كبيرة من التنظيم. نحن لا نتوقع الوصول إلى دابق في زمن واحد، لدينا احتمالات عدة للتقدم، ونتقدم بغض النظر عن أسماء القرى". على ضوء ذلك، كان يتوقع ظهور رد فعل التنظيم خلال الأيام المقبلة، وهو ما حاولنا سؤال العقيد أحمد عثمان عنه، أمس، من خلال رسالة أراد "داعش" نقلها إلى مقاتلي المعارضة وتركيا في آن، تقول حسب مراقبين، إن المعركة انتقلت من حالة المواجهات المباشرة إلى أسلوب التفجير والمفخخات في أماكن غير متوقعة خوفاً من خسارة دابق، غير أن العقيد، وبسبب مشاركته في جنازة القائد العسكري هشام خليفة، لم يتمكن من الإجابة.



ويمكن القول إن التنظيم بعد خساراته المتتالية في سورية والعراق، وانحسار المساحات التي يسيطر عليها، وعزله عن تركيا، لم يعد يستطيع تنفيذ استراتيجيته المعهودة، والتي تعرف باستراتيجية "سمكة الرمال"، وتتمثل في الانسحاب من مكان يتعرض فيه إلى هجمات، ليهاجم في مكان آخر غير متوقع من قبل الخصم. وهو يعتمد هذا التكتيك في مناطق جديدة بعيدة عن المناطق التي يتواجد فيها، وقد لجأ إلى هذا الأسلوب مرات عديدة، خصوصاً ضد المقاتلين الأكراد في الحسكة وعين العرب. غير أنه وبسبب صعوبة تنفيذ هذه الاستراتيجية، لجأ التنظيم إلى أسلوب الخلايا النائمة، ما يعني تصغير استراتيجية "سمكة الرمال"، لكن بنتائج قد تكون أكبر. من هنا جاءت عملية تفجير أطمة، عبر تجنيد أحد مقاتليه لاستهداف مقاتلي المعارضة، في وقت يتم التحضير فيه لمعركة دابق.


ويمثّل تفجير أطمة، الذي نفذّه تنظيم "الدولة الإسلامية" في معبر مخصص لنقل المساعدات الإنسانية، فشلاً على المستوى الأمني للمعارضة السورية، خصوصاً أن "داعش" أعلن مسؤوليته قبل أقل من شهرين عن التفجير الكبير الذي ضرب المكان نفسه في 14 أغسطس/ آب الماضي، وأدى إلى سقوط نحو 35 قتيلاً من عناصر قوات المعارضة المنضوين في غرفة عمليات "درع الفرات" بالإضافة إلى جرح أكثر من 40 آخرين. كما يعتبر التفجير تحدياً جديداً في المعارك المقبلة مع التنظيم، خصوصاً أنه لا يمكن التكهن برد فعل الأخير في حال زيادة الضغط عليه في ريف حلب الشمالي، وخصوصاً أن تركيا تريد لمعركة "درع الفرات" أن تكون نموذجاً للدخول إلى مدينة الباب، وعاصمة التنظيم الرقة بعد ذلك.

وكان الجيش التركي قد أعلن قبل وقت قصير تمكُّن الجيش السوري الحر من السيطرة على 960 كيلومتراً من المناطق الواقعة إلى الشمال من مدينة حلب، بينها 111 منطقة مأهولة بالسكان، وذلك منذ انطلاق عملية "درع الفرات" في 24 أغسطس وحتى 3 أكتوبر/ تشرين الأول الحالي. ويبدو أن تفجير أطمة لم يثن الجيش السوري الحر والقوات التركية عن مواصلة الهجوم على التنظيم، حيث أعلنت رئاسة الأركان التركية، أمس الخميس، أن قوات الجيش السوري الحر، وبدعم من الجيش التركي، تمكنت من طرد "داعش" من 3 مناطق جديدة شمالي سورية، لتصل بذلك مساحة المناطق المحررة إلى ألف كيلومتر مربع.

وأقر قائد "اللواء 51" المنضوي ضمن غرفة عمليات "درع الفرات"، العقيد هيثم عفيسي، "بالتقصير الأمني" الذي سبب التفجير في أطمة، لكنه قال إن "التفجير لن يؤثر على عملية درع الفرات، وهي مستمرة"، مشيراً إلى أن ذلك "سيزيد من إصرارنا على القتال وإنهاء داعش، فنحن قد اقتربنا من أخترين، وسننتقل إلى إحتميلات وصوران ومن ثم إلى دابق". وقال عفيسي، لـ"العربي الجديد"، إن "النهاية والضربة القاسمة لداعش ستكون في دابق، حتى المقاتل الموهوم بمعركة دابق تنتهي عنده هذه الفكرة"، في إشارة إلى قدسية معركة دابق في النصوص الدينية.

إلى ذلك، دان الائتلاف السوري المعارض التفجير، وقال إن "ارتكاب تنظيم داعش الإرهابي لهذه الجريمة لا يحجب مسؤولية نظام الأسد عنها، فالإرهاب واحد مهما تنوعت المسميات، ولن يتمكن النظام بالقصف والقتل والتشريد، ولا التنظيمات الإرهابية، من كسر إرادة السوريين أو وقف ثورتهم من أجل الحرية والكرامة والعدالة". وأوضح، في بيان نشره المكتب الإعلامي، أن "مسؤولية مثل هذه الجرائم أيضاً، ومن دون أدنى شك، تقع على مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة التي فشلت ولا تزال تفشل كل يوم في مواجهة مسؤولياتها الواضحة تجاه ما يتعرض له المدنيون في سورية".