الموصل القديمة مستعصية على التحرير

29 ابريل 2017
المدنيون يدفعون فاتورة المواجهات (كريستوف سيمون/ فرانس برس)
+ الخط -

على الرغم من مرور أربعين يوماً على انطلاق معركة تحرير الساحل الأيمن في الموصل، إلا أن القوات العراقية ما تزال عاجزة عن اقتحام ما تبقى من أحياء "الموصل القديمة" التي يتحصن فيها عناصر تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش).

وفي الوقت الذي تقول فيه القوات العراقية إنها قتلت العشرات من مسلحي التنظيم بالقصف الذي تنفذه بالجانب الغربي للموصل، يؤكد مسؤولون محليون أن القصف المتواصل منذ أسابيع عدة بدأ يفتك بالمدنيين، والذين دعا رئيس البرلمان العراقي، سليم الجبوري، إلى مساعدتهم من خلال إلقاء مساعدات جوية على الأحياء غير المحررة.

وقال مسؤول محلي في الموصل إن الطيران العراقي يقصف بشكل يومي أحياء "الموصل القديمة" التي ما تزال تحت سيطرة "داعش"، مؤكدا لـ "العربي الجديد" أن القصف تركز على أحياء الرفاعي والزنجيلي و17 تموز غير المحررة. وأشار إلى تسبب القصف العشوائي بهدم عدد من المنازل فوق سكانها، لافتاً الى مقتل تسعة أشخاص بينهم طبيبة نسائية، وإصابة أكثر من عشرين آخرين.

وأضاف أن "مقتل الطبيبة النسائية يرفع عدد الأطباء والكوادر الصحية الذين قتلوا في الموصل منذ انطلاق العمليات العسكرية الى ستة عشر أغلبهم قتل بسبب القصف"، مبينا أن القصف المستمر على المناطق السكنية بدأ يفتك بالمدنيين الذين أصبحوا بين نار تنظيم "داعش" الذي يحاصرهم ويقتلهم، والقوات العراقية التي تقصف مناطقهم.

ولفت الى قيام "داعش" بإعدام سبعة عشر مدنياً في الجانب الأيمن للموصل خلال الأسبوع الماضي، مؤكداً أن التنظيم نفذ الإعدام بثماني أشخاص من عائلة واحدة حاولوا الفرار من حي الرفاعي، كما أعدم ستة آخرين كانوا في طريقهم إلى القوات العراقية المحيطة بحي الزنجيلي، وأعدم ثلاثة رجال آخرين في منطقة مشيرفة بتهمة الخيانة.

مقابل ذلك، لا تقرّ القوات العراقية بالخسائر بين المدنيين التي يتسبب بها القصف الجوي والمدفعي العراقي، لكنها تتحدث عن إيقاع خسائر بصفوف تنظيم "داعش". وأعلن قائد الشرطة الاتحادية العراقية، الفريق رائد شاكر جودت، عن مقتل 30 عنصراً بالتنظيم في محيط جامع النوري في الجانب الأيمن للموصل، بقصف للطيران العراقي، مؤكدا في بيان تدمير 12 هدفا متحركا لمقاومة الطائرات كان يستخدمها التنظيم.

وأضاف أن "قطعات الشرطة الاتحادية تندفع باتجاه المنطقة المحيطة بجامع النوري من محور باب جديد وقضيب البان تحت غطاء من القصف الصاروخي". من جهتها، قالت مديرية الاستخبارات العسكرية العراقية إن طيران التحالف الدولي دمر موقعاً للمدفعية والقناصة تابعاً لتنظيم "داعش" في منطقة رأس الجادة بالساحل الأيمن للموصل، موضحة في بيان أن القصف تسبب بقتل أربعة من عناصر التنظيم وإصابة آخرين.

من جهته، انتقد محافظ الموصل السابق، اثيل النجيفي، ما قال إنها أخطاء ترتكبها القوات العراقية، مبينا في تدوينة على صفحته بموقع "فيسبوك" أن هذه الأخطاء تسببت بنزيف الدم. وأضاف: "قلنا بأن الجيش غير مدرب على مسك الأمن الداخلي ولا يمكن أن يكون بديلاً للشرطة في مسك أمن المدن"، مؤكدا إطلاق سراح معظم "الإرهابيين" من السجون بسبب فساد الأجهزة الأمنية.

إلى ذلك، قال العقيد بالفرقة التاسعة للجيش العراقي، فاضل الحيدري، إن وجود الجيش في معركة الموصل مؤقت، ومن المرجح أن ينتهي مع الإعلان النهائي عن تحرير المدينة، مشيرا خلال حديثه لـ "العربي الجديد" إلى وجود اتفاق بين القيادات الأمنية على ضرورة مسك الأرض من قبل الشرطة المحلية والتشكيلات المساندة لها.

ولفت إلى وجود صعوبة بالتقدم داخل أحياء الموصل القديمة بسبب العبوات الناسفة والألغام والمقاومة العنيفة التي يبديها عناصر "داعش"، مؤكداً وجود آلاف المدنيين في الأحياء التي تشهد معارك مع التنظيم.

وفي سياق متصل، أقر رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، بوجود صعوبات في معركة الموصل، مؤكدا أن العراق على اعتاب مرحلة جديدة على الرغم من التحديات الكبيرة. وأضاف أن "الحرب ليست سهلة والبعض يحاول إحباط معنويات مقاتلينا من خلال تبنيه أكاذيب العدو"، داعيا خلال كلمته بمهرجان الوحدة الوطنية الذي عقد، اليوم، في بغداد الجميع إلى البدء بصفحة جديدة من الوحدة العراقية.

من جانبه، دعا رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري الحكومة إلى إيصال الغذاء إلى السكان المدنيين المحاصرين في الأحياء التي ما تزال تحت سيطرة "داعش"، موضحا خلال كلمته باحتفال نظمه "تحالف القوى العراقية" أن الجهات التنفيذية والقوات الأمنية يجب أن تباشر بإيصال الأغدية جواً وبالكميات الكافية في مناطق الساحل الأيمن بالموصل.

وأضاف: "ما سيصل من أطعمة للأهالي سيكفي لإنقاذ الرهائن المدنيين من الهلاك"، مشدداً على ضرورة تجاوز فكرة الخشية من وصولها بيد "داعش"، وأوضح أن القوات العراقية قادرة على أن تذيق عناصر التنظيم الموت قبل أن يذوقوا لقمة من المساعدات التي ستلقى على السكان المحليين.

المساهمون