من المطالبة بماء الشرب والكهرباء في البصرة، امتداداً إلى باقي محافظات الجنوب العراقي، تطوّرت الشعارات التي يرفعها آلاف المحتجين العراقيين إلى أخرى لا يمكن اعتبارها "مطالب خدمية"، على شاكلة الدعوات لإلغاء مجالس المحافظات وإخراج مكاتب الأحزاب والفصائل المسلحة، التي أُحرق منها حتى الآن 19 مكتباً ومقراً، إلى خارج المدن والأحياء السكنية، إضافة إلى المطالبة بالانتقال إلى النظام الرئاسي وإلغاء "الخدمة الجهادية" للسياسيين ومرتبات "مخيم رفحاء السعودي" وإقالة مسؤولين وسياسيين وإحالتهم إلى القضاء، مروراً بحرق صور المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي وسلفه روح الله الخميني، التي تنتشر بكثرة في جنوب البلاد.
وعلى الرغم من مرور أسبوعين على التظاهرات، إلا أن الحكومة العراقية تجزم بأنها لا تعرف بعد من يقود هذه التظاهرات ومن يحركها، فالوفود التي استقبلتها الحكومة من شيوخ عشائر وأعيان ذي قار والنجف والمثنى وواسط والبصرة، هاجمها المتظاهرون يومي الجمعة والسبت الماضيين، معتبرين أنها لا تمثّل الشارع وأنها من الطبقة الأرستقراطية الجديدة التي خلقها النظام السياسي بعد الاحتلال، ويُقصد بهم رجال الدين وأعضاء الأحزاب الإسلامية وزعماء قبائل موالون للنظام.
ومع استمرار التظاهرات وتجددها أمس في بغداد ومناطق مختلفة من الجنوب، وفي ظلّ غياب القيادة الواضحة لهذا الحراك، تبرز مخاوف من مشاريع لا أحد يعرف إلى أين قد تؤدي، بدا أول مؤشراتها أمس مع الكشف عن تقديم 15 نائباً في مجلس محافظة البصرة (الحكومة المحلية) مشروع قانون إلى رئاسة المجلس خلال اجتماع أمس، لتحويل البصرة إلى إقليم إداري، على غرار إقليم كردستان العراق. ويمنح الدستور العراقي الحرية لمحافظة أو محافظات لتقديم طلب للانتقال إلى إقليم بعد اجراء استفتاء شعبي من قبل مفوضية الانتخابات ويجب أن يحظى بموافقة أكثر من نصف المواطنين في هذه المحافظة ويكون الإقليم إدارياً على غرار إقليم كردستان العراق. وقدم المشروع خلال اجتماع مغلق عقد لبحث تطورات الأوضاع بالبصرة ومطالب المتظاهرين. في موازاة ذلك، لوحظ أمس نزول قوات من الجيش إلى الساحات العامة مع الشرطة والاستخبارات في مناطق التظاهرات وتم فرض طوق أمني حول المباني الحكومية.
وحتى صباح أمس الأحد، أسفرت الاحتجاجات التي عمّت مدن البصرة والنجف وكربلاء وميسان وواسط والمثنى والقادسية وذي قار وبابل، وامتدت أخيراً إلى العاصمة بغداد، عن مقتل 18 مدنياً عراقياً بينهم ثلاثة فتيان دون سن الثامنة عشرة، وإصابة 611 عراقياً بجروح ناجمة عن عيارات نارية وقنابل غاز أو بسبب الضرب المبرح بالهراوات من الأمن العراقي، أو بالدهس كما في حادثة مدينة السماوة عاصمة محافظة المثنى الأسبوع الماضي. فيما بلغ عدد المعتقلين لغاية مساء السبت نحو 900 معتقل، تم إطلاق سراح نحو 600 منهم، فيما أطلق سراح 11 شخصاً من أصل 40 تم اختطافهم من قبل جماعات مسلحة في الجنوب يُعتقد أنها تابعة لأحزاب دينية.
وكشف وزير عراقي في بغداد، لـ"العربي الجديد"، أن رئيس الوزراء حيدر العبادي، فوجئ بالاحتجاجات وقوتها، وكان يتوقع في البداية أنها "حركة أخرى من (زعيم التيار الصدري) مقتدى الصدر للضغط عليه للاستقالة من حزب الدعوة، أو أنها كتظاهرات كل صيف في البصرة". وقال الوزير، وهو عضو في خلية الأزمة التي شكّلها العبادي للنظر في مطالب متظاهري البصرة، إن "اتساع الاحتجاجات بهذا الشكل ومهاجمة المتظاهرين مقار الأحزاب وسقوط قتلى وجرحى ودخول زعماء القبائل على خط دعمها ومن ثم تأييد المرجع علي السيستاني لها بشكل واضح في أول أيامها، كلها تطورات أكدت أن الموضوع أكثر من كونه عابراً"، لافتاً إلى أن "رئيس الوزراء فشل في الوصول إلى قادة أو محركي هذه التظاهرات، ويبدو أن هذا عامل قوة لها"، مضيفاً: "يمكن القول إن فيسبوك هو محرك وموجّه للناس ولهذا تم إغلاقه مع تويتر في العراق، لكن العراقيين استفادوا من بعض برامج فك الحجب أو تجاوزها، ولم تنفع إجراءات حجب هذين الموقعين".
وأشار الوزير إلى أن "محركي التظاهرات في الغالب شبان أعمارهم بين 18 و25 عاماً، وهم ممن يُطلق عليهم اليوم جيل الاحتلال أو ما يعرف اصطلاحاً في الشارع العراقي بـ"جيل الحواسم"، وأغلبهم كانوا عند حصول الاحتلال الأميركي أطفالاً، واليوم بعد 15 عاماً يحاولون كسر القالب". وكشف عن لقائه بمجموعة من الشباب في البصرة عندما كانوا برفقة وزير النفط العراقي جبار اللعيبي، قائلاً إن "ثقافتهم من مواقع التواصل الاجتماعي وكل حديثهم هو مقارنة بين العراق ودول أخرى مجاورة، وهم من طبقة فقيرة وغير متدينين"، مضيفاً أن الصورة لدى الزعامات والقيادات السياسية العراقية ليست بأفضل حال من رئيس الحكومة، فهم حتى الآن يحاولون معرفة من يحرك الاحتجاجات، ورد فعلهم كان تأييد مطالب المتظاهرين لا أكثر، وهو ما اعتُبر استفزازاً لهم".
اقــرأ أيضاً
ولم تهدأ التظاهرات على الرغم من إعلان العبادي بشكل متتالٍ عن حزمة مشاريع خدمية وإصلاحات إدارية وتوفير فرص عمل للبصرة والمثنى وذي قار والنجف ومناطق أخرى، عدا عن الإعلان عن تخصيص نحو 5 تريليونات دينار عراقي (نحو 4 مليارات و200 مليون دولار) حتى الآن، منها 3 تريليونات ونصف التريليون للبصرة والأخرى المتبقية للمثنى وذي قار والنجف، عبارة عن إكمال مشاريع متوقفة منذ عام 2014 تتعلق بالماء والكهرباء، إضافة إلى 800 مليار دينار أعلن عنها أمس الأحد لمصلحة مشروع معالجة أزمة السكن في البلاد.
وحول ذلك، قال الشيخ سعد الربيعي، أحد شيوخ قبيلة ربيعة جنوبي العراق، لـ"العربي الجديد"، إن "التظاهرات ستستمر بسبب انعدام الثقة"، مضيفاً "العبادي أو أي مسؤول آخر في العراق اليوم لو خرج واضعاً يده على القرآن الكريم والأخرى على ستار الكعبة، ما صدقهم أحد بقسمهم ولا وعدهم، فالتجربة معهم مريرة للغاية خلال العقد ونصف العقد الماضي، والمشكلة واضحة وهي أن وعودهم في انتخابات 2006 هي نفسها في انتخابات 2018، من توفير الماء والكهرباء والأمن والوظائف، لكن الناس لم يحصلوا على شيء بل بالعكس تراجع لديهم كل شيء". وحول من يقود التظاهرات، قال الربيعي "لا يسأل أحد عمن يدير التظاهرات لأننا بالأساس لا يمكننا تحديدهم، وهم بالمطلق الطبقة المسحوقة من جنوب العراق، وهي الأكثرية".
من جهته، قال الناشط من محافظة البصرة حيدر أحمد، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "الاحتجاجات الحالية هي الأقوى من نوعها منذ التغيير (الاحتلال الأميركي عام 2003) بسبب عدم وجود أي جهة سياسية فيها". وأضاف: "لو دخلها الصدريون لفسدت، ولو دخلها الحزب الشيوعي لتحولت إلى مسيّسة، لكن حالياً هي شعبية ولذلك تجدها فوضوية، ففي يوم تشتد وفي آخر تفتر، والشعارات مختلفة واليافطات متعددة وبالمعنى نفسه".
ورأى أحمد أن "ترديد شعارات ضد إيران لم يكن موجّهاً ضدها فقط، بل ضد الأحزاب والفصائل المسلحة التابعة لإيران، وهي محاولة لتحدي هذه الأحزاب أو إشعال مواجهة معها، والدليل أن إحراق صور خامنئي وخميني في البصرة والنجف حصل أمام مقار الأحزاب والفصائل المسلحة"، معتبراً أن "أغلب الشارع الجنوبي يؤيد هذه التظاهرات بالتأكيد، لكنه يعارض أن تتحوّل إلى عنف أو تؤدي إلى صراع شيعي ــ شيعي، لذلك يمكن القول إنها احتجاجات تصحيحية وضغط على عرابي العملية السياسية بالعراق".
أما الناشط البارز في البصرة أحمد الساعدي، فقال في اتصال هاتفي مع لـ"العربي الجديد"، إن "التظاهرات عفوية وغير منظّمة، وهي رد فعل غاضب، ولا توجد مطالب واضحة أو محددة، وربما يكون هذا خرق كبير بالتظاهرات وما تريد أن تؤول إليه". وأضاف "ربما الغضب الشعبي يريد إسقاط الحكومة أو العملية السياسية، لكن هل هناك خطة عمل لما بعد ذلك؟ هذه هي المشكلة الأكبر التي يجب أن تُطرح الآن على الطاولة، ويجب أن تكون هناك تنسيقيات واضحة للتظاهرات، فالعفوية وحدها لا تكفي".
ولفت الساعدي إلى أن "الحكومة قد تتخذ إجراءات لتهدئة الشارع، لكن لا بد من وجود شخص يقيّم تلك الإجراءات وبالتالي يخفف أو يصعّد الاحتجاج"، معتبراً أنه "حتى الآن لا توجد أجندات في التظاهرات، وهي شعبية فقط، لكن لا يخفى وجود جهات سياسية من المرجح تغلغلها داخل التظاهرات، وقد يكون هناك مندسون لأحزاب سياسية حاكمة حالياً، بهدف إطلاق صفة التخريبية على التظاهرات ومن ثم إفشالها كما حصل في تظاهرات الغربية (عام 2013 في الأنبار)".
ورأى أن "العلمانيين في العراق اليوم ليسوا محل ثقة بعد تحالفهم مع جهات وتيارات إسلامية عدة، وأجهضوا بسبب ذلك حراك عام 2015 و2016، وتم تمييع القضية ومن ثم بيعها، لذا اعتقد أن الشارع هو من يتحرك الآن بلا مسمى ولا قيادة واضحة، وهؤلاء عبارة عن شباب غاضبين، يعتمدون على فيسبوك لتنسيق خروجهم وانسحابهم، وبالتالي فمجريات الأمور لا تشي بوجود تدخّل خارجي فيها".
في غضون ذلك، كشف مسؤول في وكالة الاستخبارات العراقية، لـ"العربي الجديد"، أن غالبية من جرى اعتقالهم من التظاهرات أطلق سراحهم بعد التأكد من أنهم لا يمثّلون أجندة معينة. وتابع "بعضهم لم يكن يملك ثمن عودته إلى منزله، وآخرون من ذوي شهداء وضحايا الإرهاب، وبعضهم عمال بناء وفلاحون، وكلهم بلا استثناء من الطبقة الفقيرة"، مضيفاً "فحصنا هواتفهم ولم نجد رسائل أو تنسيقاً مع أي جهات، باستثناء مجموعة على فيسبوك تضم المئات من الشباب وتحمل عنوان "سومريون"، وهي تحتوي على منشورات مختلفة تتناول أخبار التظاهرات وما يجري فيها، ويغلب عليها الطابع اللاديني، ويبدو أعضاؤها من مستويات فكرية وتعليمية مختلفة".
وتعليقاً على ذلك، أوضح الخبير في الشأن العراقي ضياء خيري، لـ"العربي الجديد"، أن "الاحتجاجات العراقية في حال لم تتم السيطرة عليها ومنع توسعها، فقد تتطور وتدخل فيها أجندات خارجية". وأضاف "الحشد الشعبي يعتبر أن النظام الحالي للحكم في العراق والعملية السياسية برمتها في مصلحته، لذا حتى إن قرر الجيش الانحياز للشارع، فإن الفصائل الموالية لإيران على وجه التحديد ستواصل قمع أي جهة تهدد العملية السياسية في العراق".
ورأى خيري أن "الحكومة تحاول الآن حصر السقف الحالي للمتظاهرين بالخدمات لا أكثر، وتعوّل على القمع وعلى بعض المغريات، وهذا ما كان واضحاً خلال اليومين الماضيين"، معتبراً أن "التظاهرات دليل على أن العملية الانتخابية بلا روح ولا تمثّل حتى العراقيين في الجنوب، كما أنها تعطي مؤشراً على تزوير الانتخابات وبشكل كبير للغاية".
اقــرأ أيضاً
وعلى الرغم من مرور أسبوعين على التظاهرات، إلا أن الحكومة العراقية تجزم بأنها لا تعرف بعد من يقود هذه التظاهرات ومن يحركها، فالوفود التي استقبلتها الحكومة من شيوخ عشائر وأعيان ذي قار والنجف والمثنى وواسط والبصرة، هاجمها المتظاهرون يومي الجمعة والسبت الماضيين، معتبرين أنها لا تمثّل الشارع وأنها من الطبقة الأرستقراطية الجديدة التي خلقها النظام السياسي بعد الاحتلال، ويُقصد بهم رجال الدين وأعضاء الأحزاب الإسلامية وزعماء قبائل موالون للنظام.
ومع استمرار التظاهرات وتجددها أمس في بغداد ومناطق مختلفة من الجنوب، وفي ظلّ غياب القيادة الواضحة لهذا الحراك، تبرز مخاوف من مشاريع لا أحد يعرف إلى أين قد تؤدي، بدا أول مؤشراتها أمس مع الكشف عن تقديم 15 نائباً في مجلس محافظة البصرة (الحكومة المحلية) مشروع قانون إلى رئاسة المجلس خلال اجتماع أمس، لتحويل البصرة إلى إقليم إداري، على غرار إقليم كردستان العراق. ويمنح الدستور العراقي الحرية لمحافظة أو محافظات لتقديم طلب للانتقال إلى إقليم بعد اجراء استفتاء شعبي من قبل مفوضية الانتخابات ويجب أن يحظى بموافقة أكثر من نصف المواطنين في هذه المحافظة ويكون الإقليم إدارياً على غرار إقليم كردستان العراق. وقدم المشروع خلال اجتماع مغلق عقد لبحث تطورات الأوضاع بالبصرة ومطالب المتظاهرين. في موازاة ذلك، لوحظ أمس نزول قوات من الجيش إلى الساحات العامة مع الشرطة والاستخبارات في مناطق التظاهرات وتم فرض طوق أمني حول المباني الحكومية.
وكشف وزير عراقي في بغداد، لـ"العربي الجديد"، أن رئيس الوزراء حيدر العبادي، فوجئ بالاحتجاجات وقوتها، وكان يتوقع في البداية أنها "حركة أخرى من (زعيم التيار الصدري) مقتدى الصدر للضغط عليه للاستقالة من حزب الدعوة، أو أنها كتظاهرات كل صيف في البصرة". وقال الوزير، وهو عضو في خلية الأزمة التي شكّلها العبادي للنظر في مطالب متظاهري البصرة، إن "اتساع الاحتجاجات بهذا الشكل ومهاجمة المتظاهرين مقار الأحزاب وسقوط قتلى وجرحى ودخول زعماء القبائل على خط دعمها ومن ثم تأييد المرجع علي السيستاني لها بشكل واضح في أول أيامها، كلها تطورات أكدت أن الموضوع أكثر من كونه عابراً"، لافتاً إلى أن "رئيس الوزراء فشل في الوصول إلى قادة أو محركي هذه التظاهرات، ويبدو أن هذا عامل قوة لها"، مضيفاً: "يمكن القول إن فيسبوك هو محرك وموجّه للناس ولهذا تم إغلاقه مع تويتر في العراق، لكن العراقيين استفادوا من بعض برامج فك الحجب أو تجاوزها، ولم تنفع إجراءات حجب هذين الموقعين".
وأشار الوزير إلى أن "محركي التظاهرات في الغالب شبان أعمارهم بين 18 و25 عاماً، وهم ممن يُطلق عليهم اليوم جيل الاحتلال أو ما يعرف اصطلاحاً في الشارع العراقي بـ"جيل الحواسم"، وأغلبهم كانوا عند حصول الاحتلال الأميركي أطفالاً، واليوم بعد 15 عاماً يحاولون كسر القالب". وكشف عن لقائه بمجموعة من الشباب في البصرة عندما كانوا برفقة وزير النفط العراقي جبار اللعيبي، قائلاً إن "ثقافتهم من مواقع التواصل الاجتماعي وكل حديثهم هو مقارنة بين العراق ودول أخرى مجاورة، وهم من طبقة فقيرة وغير متدينين"، مضيفاً أن الصورة لدى الزعامات والقيادات السياسية العراقية ليست بأفضل حال من رئيس الحكومة، فهم حتى الآن يحاولون معرفة من يحرك الاحتجاجات، ورد فعلهم كان تأييد مطالب المتظاهرين لا أكثر، وهو ما اعتُبر استفزازاً لهم".
ولم تهدأ التظاهرات على الرغم من إعلان العبادي بشكل متتالٍ عن حزمة مشاريع خدمية وإصلاحات إدارية وتوفير فرص عمل للبصرة والمثنى وذي قار والنجف ومناطق أخرى، عدا عن الإعلان عن تخصيص نحو 5 تريليونات دينار عراقي (نحو 4 مليارات و200 مليون دولار) حتى الآن، منها 3 تريليونات ونصف التريليون للبصرة والأخرى المتبقية للمثنى وذي قار والنجف، عبارة عن إكمال مشاريع متوقفة منذ عام 2014 تتعلق بالماء والكهرباء، إضافة إلى 800 مليار دينار أعلن عنها أمس الأحد لمصلحة مشروع معالجة أزمة السكن في البلاد.
وحول ذلك، قال الشيخ سعد الربيعي، أحد شيوخ قبيلة ربيعة جنوبي العراق، لـ"العربي الجديد"، إن "التظاهرات ستستمر بسبب انعدام الثقة"، مضيفاً "العبادي أو أي مسؤول آخر في العراق اليوم لو خرج واضعاً يده على القرآن الكريم والأخرى على ستار الكعبة، ما صدقهم أحد بقسمهم ولا وعدهم، فالتجربة معهم مريرة للغاية خلال العقد ونصف العقد الماضي، والمشكلة واضحة وهي أن وعودهم في انتخابات 2006 هي نفسها في انتخابات 2018، من توفير الماء والكهرباء والأمن والوظائف، لكن الناس لم يحصلوا على شيء بل بالعكس تراجع لديهم كل شيء". وحول من يقود التظاهرات، قال الربيعي "لا يسأل أحد عمن يدير التظاهرات لأننا بالأساس لا يمكننا تحديدهم، وهم بالمطلق الطبقة المسحوقة من جنوب العراق، وهي الأكثرية".
ورأى أحمد أن "ترديد شعارات ضد إيران لم يكن موجّهاً ضدها فقط، بل ضد الأحزاب والفصائل المسلحة التابعة لإيران، وهي محاولة لتحدي هذه الأحزاب أو إشعال مواجهة معها، والدليل أن إحراق صور خامنئي وخميني في البصرة والنجف حصل أمام مقار الأحزاب والفصائل المسلحة"، معتبراً أن "أغلب الشارع الجنوبي يؤيد هذه التظاهرات بالتأكيد، لكنه يعارض أن تتحوّل إلى عنف أو تؤدي إلى صراع شيعي ــ شيعي، لذلك يمكن القول إنها احتجاجات تصحيحية وضغط على عرابي العملية السياسية بالعراق".
أما الناشط البارز في البصرة أحمد الساعدي، فقال في اتصال هاتفي مع لـ"العربي الجديد"، إن "التظاهرات عفوية وغير منظّمة، وهي رد فعل غاضب، ولا توجد مطالب واضحة أو محددة، وربما يكون هذا خرق كبير بالتظاهرات وما تريد أن تؤول إليه". وأضاف "ربما الغضب الشعبي يريد إسقاط الحكومة أو العملية السياسية، لكن هل هناك خطة عمل لما بعد ذلك؟ هذه هي المشكلة الأكبر التي يجب أن تُطرح الآن على الطاولة، ويجب أن تكون هناك تنسيقيات واضحة للتظاهرات، فالعفوية وحدها لا تكفي".
ولفت الساعدي إلى أن "الحكومة قد تتخذ إجراءات لتهدئة الشارع، لكن لا بد من وجود شخص يقيّم تلك الإجراءات وبالتالي يخفف أو يصعّد الاحتجاج"، معتبراً أنه "حتى الآن لا توجد أجندات في التظاهرات، وهي شعبية فقط، لكن لا يخفى وجود جهات سياسية من المرجح تغلغلها داخل التظاهرات، وقد يكون هناك مندسون لأحزاب سياسية حاكمة حالياً، بهدف إطلاق صفة التخريبية على التظاهرات ومن ثم إفشالها كما حصل في تظاهرات الغربية (عام 2013 في الأنبار)".
ورأى أن "العلمانيين في العراق اليوم ليسوا محل ثقة بعد تحالفهم مع جهات وتيارات إسلامية عدة، وأجهضوا بسبب ذلك حراك عام 2015 و2016، وتم تمييع القضية ومن ثم بيعها، لذا اعتقد أن الشارع هو من يتحرك الآن بلا مسمى ولا قيادة واضحة، وهؤلاء عبارة عن شباب غاضبين، يعتمدون على فيسبوك لتنسيق خروجهم وانسحابهم، وبالتالي فمجريات الأمور لا تشي بوجود تدخّل خارجي فيها".
وتعليقاً على ذلك، أوضح الخبير في الشأن العراقي ضياء خيري، لـ"العربي الجديد"، أن "الاحتجاجات العراقية في حال لم تتم السيطرة عليها ومنع توسعها، فقد تتطور وتدخل فيها أجندات خارجية". وأضاف "الحشد الشعبي يعتبر أن النظام الحالي للحكم في العراق والعملية السياسية برمتها في مصلحته، لذا حتى إن قرر الجيش الانحياز للشارع، فإن الفصائل الموالية لإيران على وجه التحديد ستواصل قمع أي جهة تهدد العملية السياسية في العراق".
ورأى خيري أن "الحكومة تحاول الآن حصر السقف الحالي للمتظاهرين بالخدمات لا أكثر، وتعوّل على القمع وعلى بعض المغريات، وهذا ما كان واضحاً خلال اليومين الماضيين"، معتبراً أن "التظاهرات دليل على أن العملية الانتخابية بلا روح ولا تمثّل حتى العراقيين في الجنوب، كما أنها تعطي مؤشراً على تزوير الانتخابات وبشكل كبير للغاية".