إيران تهاجم أوروبا: إجراءات نووية بحال عدم تنفيذ المطالب

09 يونيو 2019
ظريف: الأوروبیون لیسوا بموقع يخوّلهم انتقاد إيران(حسين بيضون/العربي الجديد)
+ الخط -

هاجمت إيران، اليوم الأحد، أوروبا بشدة، على خلفية دعوة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إلى توسيع مفاوضات الاتفاق النووي، لتشمل برنامج طهران الصاروخي ودورها الإقليمي، واعتبرت أنّ الأوروبيين ليسوا في موقع يؤهلهم لانتقادها، كما وصفت تصريحات ماكرون بأنّها "نابعة عن جهل".

واعتبر وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، اليوم الأحد، في حديث لوسائل إعلام في العاصمة طهران، ردّاً على سؤال بشأن الانتقادات الأوروبية الأخيرة لبلاده، أنّ "الأوروبیین لیسوا فی موقع يخوّلهم انتقاد إيران، حتى فيما يتعلق بمواضيع لا صلة لها بالاتفاق النووي".

وقال إنّه "من الواجب على الأوروبيين وبقية شركاء الاتفاق النووي، تطبيع العلاقات الاقتصادية مع إيران".

وكان ماكرون قد قال، الخميس الماضي، خلال مؤتمر صحافي مع نظيره الأميركي دونالد ترامب في باريس، إنّ باريس وواشنطن تريدان منع طهران من حيازة أسلحة نووية، وإنّ المحادثات الجديدة ينبغي أن تركز على كبح برنامجها للصواريخ الباليستية، وقضايا أخرى.

ودعا الرئيس الفرنسي إلى بدء مفاوضات جديدة مع إيران، تشمل برنامجها الصاروخي ونفوذها الإقليمي، الأمر الذي رفضته طهران، مؤكدة أنّها "لن تدخل مفاوضات خارج إطار الاتفاق النووي".

من جهته، وصف رئيس مجلس الشورى الإيراني (البرلمان) علي لاريجاني، تصريحات ماكرون بأنها "مؤسفة ونابعة عن جهل"، متهماً الرئيس الفرنسي بالحديث وفق رغبات من يلتقي بهم.

وأضاف، في تصريحات، اليوم الأحد، أنّ "هذه التصريحات على لسان السيد ترامب ليست غريبة، لكن أن يدلي بها السيد ماكرون، فلا ينسجم ذلك مع حديثه خلال لقاءاته أو حواراته مع الرئيس حسن روحاني".

ودعا لاريجاني الرئيس الفرنسي إلى "حل مشاكله الداخلية التي خلفت قتلى وجرحى" بدلاً من طرح تهديدات لإيران، في إشارة إلى تظاهرات "السترات الصفراء" في فرنسا.

إجراءات نووية جديدة

وعلى صعيد متصل، هدّد وزير الخارجية الإيراني، بأنّه في حال لم تقم أوروبا بـ"تنفيذ تعهداتها" في الاتفاق النووي، خلال مهلة الستين يوماً التي منحتها بلاده للأوروبيين، في 8 مايو/أيار الماضي، فإنّ "إيران ستقدم على إجراءات نووية أخرى".

ولم تبق من هذه المهلة سوى 29 يوماً، بينما تقول السلطات الإيرانية إنّ الأوروبيين لم يقوموا بشيء لتلبية مطالبها المتعلّقة بتمكين طهران من بيع نفطها، وتسهيل معاملاتها المالية الخارجية.

وكان  المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، قد أعلن في 8 مايو/أيار الماضي، ذكرى الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي الموقّع عام 2015، عن قرارات "مرحلية"، تعلّق إيران بموجبها تنفيذ تعهدات في الاتفاق.

وجاءت الخطوة الإيرانية، رداً على الضغوط الأميركية وما تصفه طهران بـ"مماطلات" الشركاء الخمسة المتبقين في الاتفاق النووي، أي "الترويكا" الأوروبية (بريطانيا وفرنسا وألمانيا) والصين وروسيا، في تنفيذ تعهداتهم، بعد أن صفّرت العقوبات الأميركية منافع طهران الاقتصادية من الاتفاق.

وأعلنت طهران أنّها ستعلّق بعض تعهداتها على مرحلتين؛ وقد بدأت المرحلة الأولى، خلال مايو/ أيار الماضي، وشملت رفع القيود عن إنتاج اليورانيوم والمياه الثقيلة، على أن تبدأ المرحلة الثانية بعد ستين يوماً من تاريخه، في حال لم يلبِّ الشركاء المطالب الإيرانية في القطاعين النفطي والمصرفي، لتخفيف آثار العقوبات الأميركية. وتشمل المرحلة الثانية، رفع مستوى تخصيب اليورانيوم، وتفعيل مفاعل "آراك" النووي.

وأشار وزير الخارجية الإيراني، إلى أنّ الاتفاق النووي والقرار "رقم 2231" لمجلس الأمن الدولي، "يشرحان مسؤوليات الأوروبيين وبقية أطراف هذا الاتفاق تجاه إيران، لذلك عليهم خلق ظروف عادية لمبادلاتها الاقتصادية"، داعياً هذه الأطراف إلى بيان إن كانت أقدمت على شيء في هذا الصدد.

وأوضح ظريف أنّ ما يهم إيران هو "النتيجة وليس بذل مجرد جهود"، مخاطباً الأوروبيين بالقول "ليس كافياً القول بذلنا جهوداً بل ماذا حققت هذه الجهود".


وفيما يتعلق بالزيارتين المرتقبتين لوزير الخارجية الألماني هايكو ماس، ورئيس الوزراء الياباني شينزو آبي، إلى طهران، خلال هذا الأسبوع، قال وزير الخارجية الإيراني إنّ هذه الزيارات "تشكّل فرصة لطهران لشرح سياساتها، والبحث عن حلول لمواجهة السياسات التي تستهدف العالم أجمع".

كما أشار إلى أنّ الرئيس الإيراني حسن روحاني، سيقوم بزيارة إلى طاجيكستان وقرغيزستان، خلال الأيام المقبلة، للغرض ذاته.

وتابع ظريف أنّ بلاده "توضح مواقفها والحقائق للعالم والمجتمع الدولي في هذه الظروف التي تشدد فيها الإدارة الأميركية ضغوطها من جهة، وتعلن كاذبة رغبتها في التفاوض من جهة أخرى".

ودعا العالم إلى الوقوف بوجه "السياسات الأميركية الأحادية"، معتبراً أنّ "الحرب الاقتصادية التي أعلن ترامب أنه يشنّها على إيران، هي إرهاب اقتصادي، والسبيل الوحيد لتغيير الوضع الراهن هو تغيير هذه الحرب".

وقلّل وزير الخارجية الإيراني من أهمية الوجود الأميركي في المنطقة، بالقول إنّ "أميركا اليوم ليست في موقع القوة في المنطقة، وإنّما في موضع الضعف"، مضيفاً أنّ واشنطن "لم تصل إلى أهدافها خلال أحداث السنوات الأخيرة".

كما اعتبر أنّ حديث السلطات الأميركية عن ممارسة "الضغط الأقصى" على إيران "نابع من العجز وليس القوة".

وفي الأسابيع الأخيرة، كثّفت واشنطن من حملتها "الضغط الأقصى" من خلال نشر مجموعة حاملة طائرات "يو إس إس أبراهام لينكولن" في المنطقة، رداً على مزاعم بأنّ إيران وحلفاءها يهددون بمهاجمة المصالح الأميركية.

وأعرب ترامب نفسه عن أنّه لا يريد حرباً مع إيران، ومثله فعل المرشد الإيراني علي خامنئي وغيره من كبار المسؤولين الإيرانيين، بينما رفض الجانبان حتى الآن إجراء محادثات، إذ دعا ترامب الزعماء الإيرانيين إلى الاتصال به أولاً، فيما رفض الإيرانيون أي دبلوماسية تحت الإكراه، ولا سيما مع البيت الأبيض الذي تخلّى بشكل أحادي عن اتفاق دولي سابق.



وفي السياق، قال القيادي البارز في الحرس الثوري الإيراني إسماعيل كوثري، اليوم الأحد، إنّ "أميركا لا تملك القدرة والاستعداد لخوض مواجهة عسكرية مع إيران"، معتبراً أنّ الهدف من إرسال حاملات الطائرات الأميركية إلى المنطقة هو "ترهيب" بلاده.

وتابع أنّ "ترامب يتصور أنّ أجواء الحرب العالمية الثانية مازالت قائمة، وأنّه على الدول أن تخاف بتحريك السفن والطرادات الأميركية"، مضيفاً أنّه "في حال قصدت أميركا الخوض في مواجهة من خلال استقدام البارجات والسفن الحربية إلى الخليج، فإنّ ذلك يسهل الأمر بالنسبة لنا".

واتهم كوثري "البعض في داخل إيران"، بتضخيم مسألة إرسال البارجات والسفن الحربية الأميركية إلى المنطقة، قائلاً إنّ "البعض الذي لا يعرف أبجديات المقاومة أُصيب بالذعر من ذلك، وقام بتضخيمه"، من دون أن يسمي أي طرف، خاتماً بالقول إنّ السلطات الأميركية "تراجعت عن تهديداتها السابقة بعدما اتخذ المرشد علي خامنئي، والشعب الإيراني، موقفاً صارماً حيال ذلك".