مواجهة "الجهاد" والاحتلال في غزة: بنك أهداف يُصعب الحسم

26 فبراير 2020
قصفت إسرائيل موقعاً للحركة بـ18 صاروخاً (سعيد خطيب/فرانس برس)
+ الخط -


في جولة التصعيد الأخيرة بين حركة "الجهاد الإسلامي" والاحتلال الإسرائيلي، أعاد الجيش الإسرائيلي عدة مرات قصف ذات الأهداف، التدريبية والعسكرية والمراصد الحدودية للحركة، في مناطق مختلفة من القطاع، فيما بدا أنّ بنك أهدافه في مواجهة الحركة "ضئيل" للغاية.

والمواجهة مع "الجهاد" عادة تُصعب على الإسرائيليين التصرف بـ"حرية" كبيرة، لعدم وجود مؤسسات ومقار ومواقع تدريب كثيرة للحركة، التي تعد الثانية من الناحية العسكرية بعد حركة "حماس"، التي تمتلك عشرات المؤسسات والمواقع العسكرية. وعدم وجود مقرات ومؤسسات كثيرة لـ"الجهاد" في غزة، يُسهل عليها أيضاً الدخول في مواجهة مع إسرائيل. وقد تكرر ذلك عدة مرات في العامين الأخيرين، ما أثار قبل أشهر "أزمة" بينها وبين "حماس"، رغم التحالف القوي بينهما، في أعقاب امتناع كتائب القسام عن المشاركة في جولة التصعيد قبل الأخيرة. وجرى حل هذه الأزمة في القاهرة بلقاء ثنائي بين قيادتي الحركتين، خصوصاً الأمين العام لحركة "الجهاد الإسلامي" زياد النخالة، ورئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية، اللذين أعلنا عن خطوات لتوثيق العلاقة والترابط بين الجانبين.

وأثبتت المواجهة في الميدان بين "الجهاد" والاحتلال الإسرائيلي أنّ لا بنك أهداف واسعا ضد الحركة، إذ عادت إسرائيل عدة مرات لقصف ذات الأهداف، وبعدد أكبر من الصواريخ، حيث قصفت موقعاً للحركة غربي مدينة رفح جنوب قطاع غزة بـ 18 صاروخاً مرة واحدة، وروجت في وسائل إعلامها أنه إنجاز كبير. والموقع الذي استهدفته الطائرات الحربية الإسرائيلية جنوبي دمشق هو الموقع الوحيد لحركة "الجهاد" في سورية. وقد تفاخرت إسرائيل بعمليتها هذه، في ظل عدم قدرتها على تحقيق هذا التفاخر بما قامت به في القطاع ضد الحركة.

في الميدان، بدا كذلك أنّ "سرايا القدس"، الذراع العسكرية لحركة "الجهاد، قد غيرت من توجهها أخيراً، خصوصاً فيما يخص عمليات إطلاق الصواريخ، إذ إن اسرائيل لم تتمكن، خلال الجولة الأخيرة، من قتل واستهداف أي من عناصر وحدتها الصاروخية، بعكس المرة السابقة في التصعيد الذي بدأته اسرائيل باغتيال القائد العسكري للحركة بهاء أبو العطا. وعقب اغتيال أبو العطا، والتصعيد الذي استمر لأيام في حينه، اغتال الاحتلال الإسرائيلي 25 عنصراً فعالاً من الوحدة الصاروخية التابعة إلى "سرايا القدس"، في ما بدا كضربة صعبة تلقتها الحركة التي كانت وحيدة في مواجهة التصعيد.


ورغم كل ذلك، بدت حركة "الجهاد الإسلامي" غير راغبة في توسيع دائرة القصف الصاروخي، واستمرت في استهداف مستوطنات "غلاف غزة" ومدينة عسقلان المحتلة فقط، في إشارة واضحة إلى عدم رغبتها في التصعيد أكثر والذهاب إلى مواجهة أوسع، وكذلك فعل جيش الاحتلال الإسرائيلي، الذي حافظ على قصف المواقع العسكرية والتدريبية، على قلتها، ولم يوسع دائرة المواجهة باستهداف المباني السكنية كعادته.

سياسياً، من المقرر أنّ تذهب وفود فصائلية، خصوصاً من حركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي" إلى القاهرة، في اليومين المقبلين، للقاء مسؤولي ملف فلسطين في جهاز الاستخبارات المصري، لبحث تفاصيل العلاقات المشتركة وملف الهدوء والتفاهمات في غزة. وتأتي هذه الزيارة قبل نحو شهر على عودة فعاليات مسيرات العودة وكسر الحصار، والمقرر إحياء ذكراها الثانية في 30 مارس/آذار المقبل بفعالية "مليونية"، كما أعلنت الهيئة المنظمة للفعاليات والفصائل الفلسطينية المشاركة فيها. وتتهم حركة "حماس" إسرائيل بعدم الوفاء بالتزاماتها الإنسانية تجاه القطاع، والمنصوص عليها في التفاهمات التي ترعاها مصر والأمم المتحدة وقطر، وهو ما يجعل القطاع في حالة توتر دائم. وكذلك تسعى مصر، في التحرك الجديد، للحد من تأثير التحرك القطري المستمر تجاه قطاع غزة، والذي زاد في الأيام الأخيرة، عبر سلسلة من الدعم المالي أعلن عنها رئيس اللجنة القطرية لإعادة إعمار غزة السفير محمد العمادي، في أعقاب لقائه بقائد "حماس" في القطاع يحيى السنوار، والمتوقع أنّ تستمر طوال العام 2020.

المساهمون