"جهاديو" بلجيكا يتوجهون إلى مناطق جديدة بعد سورية والعراق

07 يونيو 2017
الأمن البلجيكي منتشراً في بروكسل (فيليب كروشيه/Getty)
+ الخط -

لم تعد سورية والعراق فقط، وجهة للقتال بالنسبة للشباب البلجيكي، فقد أبرزت مجموعة من التقارير الاستخباراتية وجود مقاتلين بلجيكيين في العديد من الخلايا في دول المغرب العربي وجنوب الصحراء الكبرى، أو يحاولون الانضمام إليها. ورغم أن الظاهرة ما زالت هامشية، إلا أنها أصبحت مقلقة للسلطات البلجيكية.

ووفقاً للأرقام الأخيرة التي قدّمتها وزارة الداخلية البلجيكية، فإن عدد البلجيكيين الذين لا يزالون يقاتلون تحت لواء تنظيم "داعش"، يصل إلى 276 شخصاً. مع العلم أن قاعدة البيانات تضمّ حوالي 600 فرد، بما في ذلك 121 منهم من الذين عادوا إلى بلجيكا، و149 شخصاً مرشحون محتملون للالتحاق بمناطق القتال.

وعلى الرغم من أن معظم الجهاديين البلجيكيين يتطلعون عادة للذهاب إلى سورية والعراق، فإن حفنة منهم أصبحت تطمح إلى الاندماج في خلايا نشطة أخرى، سواء في دول المغرب العربي وجنوب الصحراء الكبرى. وأبرزت تقارير استخباراتية أنهم يغادرون البلاد في اتجاه مناطق أصبحت خاضعة لسيطرة "داعش" وتنظيم "القاعدة في بلاد المغرب"، وفي "حركة الشباب" في الصومال، وفي مالي أيضاً. كما التحق عشرات البلجيكيين، أو حاولوا الالتحاق بتنظيمات في ليبيا. ففي خريف عام 2015، ألقي القبض على مقاتل بلجيكي في السودان، كان في طريقه إلى ليبيا. وقد تم تسليمه إلى هولندا حيث أدين في حينه، في محكمة الاستئناف، بالسجن لمدة خمس سنوات. وفي عام 2016، ألقي القبض على بلجيكيين في الجزائر بينما كانا يحاولان الوصول إلى ليبيا، بينما أدين ثلاثة آخرون بسبب تورطهم في أنشطة "حركة الشباب" في الصومال، بين 2011 و2013.

وحتى الآن، لا تملك السلطات البلجيكية أدلة مؤكدة على وجود مقاتلين أجانب ناشطين خارج سورية والعراق. كما أشار خبير أمني لـ"العربي الجديد"، إلى أنه "لوحظ وجود مجموعة من المحاولات للالتحاق بمناطق أخرى من قبل مقاتلين"، مضيفاً أنه "من غير المستبعد أن الأفراد ذوي الجنسية المزدوجة والمقيمين في دول مجاورة لليبيا ينشطون في البلد في الجماعات الجهادية، رغم أن مركز الأزمات البلجيكي يشدد على أنه غير قادر على تأكيد هذه المعلومات".

بدوره، رأى الخبير في الشؤون الأمنية، نيكولا غرو فيرهايد، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "وجود مقاتلين بلجيكيين في مناطق قتال أخرى بالإضافة إلى معقلي سورية والعراق، لا يزال غير واضح في هذه المرحلة، ويعدّ ظاهرة هامشية. لكن الانهيار التدريجي، الذي يبدو ربما لا مفر منه لداعش في البلدين، يمكن أن يشجع المرشحين للجهاد للالتحاق بجبهات أخرى، بما في ذلك أفريقيا، حيث يتطلع التنظيم إلى التوسع وتوطيد مواقعه".


وبحسب تقرير بعنوان "حروب التأثير ضد تنظيم داعش"، صادر عن مركز الاستخبارات والأمن الاستراتيجي الأوروبي، ففي الوقت الذي "يهيمن فيه التنظيم في الشرق الأوسط، نجح تنظيم القاعدة في بسط سيطرته في أفريقيا. ومع ذلك فوضع تنظيم القاعدة أخيراً مهدد بشكل متزايد من قبل داعش الذي يحاول زيادة نفوذه في القارة. فخلال السنوات الثلاث الماضية، لوحظ نمو مجموعة من الخلايا المرتبطة بتنظيم داعش، لا سيما في الصومال وليبيا ونيجيريا وتانزانيا". وللتذكير، ففي يوم 23 مايو/ أيار المنصرم تبنى "داعش"، من خلال وسيلته الإعلامية "وكالة أعماق"، أول هجوم انتحاري له في الصومال. وبعد ذلك بيومين، تبنّى مجزرة المنيا المصرية.

وتساءلت مجموعة من المسؤولين البلجيكيين عما "إذا كان البلد سيشهد موجات مغادرة المقاتلين إلى الصومال وليبيا، وأيضاً ربما إلى اليمن وشبه جزيرة سيناء المصرية". ووفقاً للخبير في شؤون الإرهاب والصراعات، سيمون بيترمان، فإنه "لا يمكن استبعاد فرضية تأثير مناطق القتال الأخرى لجذب المقاتلين، خصوصاً منذ أن أصبح العبور إلى سورية عبر تركيا صعباً". وأضاف أنه "يمكن أن يدفع ذلك المقاتلين البلجيكيين إلى الاتجاه نحو بلدان غير مستقرة وسهلة الوصول وأقل مراقبة، رغم أنه، خلافاً لسورية والعراق، فإن هذه المناطق الجديدة محدودة، ولا يمكن أن توفر للمقاتلين رعاية مهمة كما كان الحال في الشرق الأوسط".

وأشار بيترمان إلى أن "التنظيم حالياً يحرض المقاتلين على تنفيذ عمليات إرهابية في مناطق وجودهم، بدلاً من ضخ دماء جديدة في مليشياتها. فداعش يسعى إلى إبراز قوته أكثر من العمل على السيطرة على أراض جديدة".