تغييرات في صفوف "داعش" على وقع موجة العنف العراقية

13 مايو 2016
بدأت موجة العنف الأخيرة يوم الثلاثاء (أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -

باتت العاصمة العراقية بغداد، ومدن أخرى تعتبر مستقرة نسبياً، أسيرة هجمات ومعارك منذ يوم الثلاثاء، في شمال وغرب البلاد، نفّذها تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) ضد القوات العراقية ومقاتلي العشائر والمليشيات والبشمركة. ويتزامن ذلك مع أنباء عن إجراء زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي، سلسلة تغييرات في قيادات التنظيم بجناحه العراقي، على أثر الهزائم المتكررة التي مني بها "داعش" في مناطق عدة من العراق، أسفرت عن سيطرة القوات العراقية على مدن عدة، أبرزها الرمادي وهيت وكبيسة والبغدادي وجبة، وقرى كثيرة في المحورين الشمالي والجنوبي من الموصل. وخلفّت الاعتداءات الإرهابية نحو 350 قتيلاً وجريحاً، خلال يومين فقط، غالبيتهم من المدنيين، بينهم نساء وأطفال، في حصيلة مرشحة للزيادة بسبب خطورة حالات الجرحى الراقدين بالمستشفيات.

وعلمت "العربي الجديد" من تقارير استخبارية عراقية، أن "29 عملية انتحارية نفّذها التنظيم في محافظات الأنبار وصلاح الدين وبغداد والموصل، خلال الأيام القليلة الماضية. واستهدفت الهجمات مواقع وثكنات عسكرية ومراكز شرطة وتجمعات للقوات العراقية، على عكس بغداد، التي طاولت مواطنين داخل أسواق ومناطق شعبية شمال وشرق وغرب بغداد".

وتؤشر الهجمات على وجود خلل كبير وتناقض بالوقت نفسه، بين إعلانات المؤسسة العسكرية والحكومة في البلاد حول تأمين حزام بغداد بالكامل، والقضاء على الخلايا النائمة لـ"داعش" في داخلها، إذ بدت التفجيرات أكثر تركيزاً ودقة على أهداف يعتبرها التنظيم مهمة له.

ووفقاً لمسؤول رفيع بالشرطة العراقية، تحدث لـ"العربي الجديد"، فإن "التنظيم استهلك 29 انتحارياً خلال يومين، كما قُتل سبعة آخرون قبل تفجير أنفسهم في بغداد: أربعة في الطارمية، وواحد في اليوسفية، واثنان في أبو غريب. وبلغ مجموع ما جهّزه التنظيم 36 انتحارياً، وهو عدد مخيف يؤكد على قدرة التنظيم على توفير عدد أكبر من هذا لو أراد". وبيّن أن "الهجمات أكدت أن المبادرة ما تزال بيد داعش في ما يتعلق بالهجمات الانتحارية، أو المسلّحة الخاطفة، رغم تحقيقنا تقدّماً عليه في المعارك المباشرة اليومية، في مناطق كالأنبار وصلاح الدين والموصل".
ميدانياً، تمكن "داعش" من استعادة السيطرة على منطقتي البو عيثة والبو فراج، بعد سلسلة هجمات انتحارية بواسطة شاحنات، أعقبتها هجمات لمسلّحين، اضطر الجيش والعشائر للانسحاب منها، قبل أن تبدأ المقاتلات الأميركية بعمليات قصف مكثفة على المنطقتين. في سيناريو عادة ما يتكرر غرب العراق، رغم تحقيق الجيش تقدماً في مناطق أعالي الفرات على حساب التنظيم.

كما أفادت معلومات متواترة من الموصل والبعاج والشرقاط، شمال العراق، أكدتها مصادر أمنية في بغداد، عن "وصول زعيم تنظيم داعش أبو بكر البغدادي، إلى العراق، على خلفية سلسلة الانكسارات الأخيرة ومقتل عدد من قيادات التنظيم بسبب غارات أميركية، عزاها إلى وجود خرق استخباري كبير في الجناح العراقي من قيادة داعش". 

ووفقاً للمصادر ذاتها، فإن "البغدادي عزل عدداً من قيادات التنظيم العسكرية، وكلّف أخرى، وأمر بمعاقبة قيادات أعطت أوامر انسحاب في مدن عدة غرب وشمال البلاد". وذكرت المصادر أن "البغدادي كلّف قيادات غير عراقية بتولّي مناصب مهمة معروفة بشراستها، غالبيتهم من جنسيات وأصول عربية (المغرب العربي)"، مؤكدة أن "الخطوة جاءت بعد سلسلة الهزائم التي مني بها داعش أخيراً". وتعزو المصادر موجة العنف الجديدة إلى "التغييرات التي أجراها التنظيم الإرهابي بالعراق".

من جانبه، قال رئيس لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي حاكم الزاملي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "التفجيرات سببها مآرب السياسيين الفاشلين المتمسكين بالكراسي والسلطة". وأضاف أن "المُقصّر الأول هو وزير الداخلية محمد الغبان، وعليه أن يستقيل، فهو يعمل بنفس حزبي ضيق بعيد عن المهنية". وأضاف أن "الوزير قام بتحصين المنطقة الخضراء، وهيأ الجيوش العسكرية والإلكترونية أيضاً، لحماية نفسه ومنصبه وترك الشوارع والأبرياء عرضة للإرهاب".

وكشف الزاملي أنه "قبل يومين من التفجير، سحب وزير الداخلية أكثر من 3 آلاف قطعة سلاح خفيف ومتوسط، تابعة لقوات أمنية في مدينة الصدر. ولا نعلم لماذا سحبها وأين أرسلها ولمن أعطاها، لكننا نعلم أنه تسبب بإضعاف القوات الأمنية بهذه الخطوة، وسنحيل هذا الملف إلى القضاء العراقي".

من جهته، حذّر رئيس الوزراء العراقي الأسبق إياد علاوي، مما وصفها بـ"الانتفاضة الشعبية المسلّحة". وقال علاوي في حديث إلى عدد من وسائل الإعلام، إنه "مستعد للتحالف مع كل من هو مستعد للتصويت على الإصلاح وتغيير النهج"، مؤكداً "التزامه بالدستور لحين تعديل بنوده". وحذر علاوي من "انتفاضة شعبية مسلحة، مغايرة لسابقتها السلمية في حال استمرار الوضع على ما هو عليه".
المساهمون