تنفتح الأزمة الحادة في منطقة الخليج، بين دولة قطر من جهة والسعودية والإمارات والبحرين من جهة ثانية، على حزمة من الاحتمالات التي قد تأخذها إلى جولات غير مستبعدة من التصعيد، أو إلى أجواء من تخفيف الحدّة.
وفي حال هدأت التوترات، فإن من أشعل الأزمة في الرياض وأبو ظبي تحديداً، ربما يبدؤون بالنزول تدريجياً من الشجرة العالية التي صعدوا عليها، إذا ما قيض للجهود التي باشرها من أجل العبور إلى هذه المرحلة أمير الكويت، الشيخ صباح الأحمد الصباح، وإذا ما تبينت معالم تحرك أميركي، أوحى به اتصالان هاتفيان قام بهما، الليلة الماضية، الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد.
وفي هذه الأجواء، تشيع أجواء من الترقب في الدوحة، بانتظار أي انفراج ممكن، بعد أن تشعبت خيوط الأزمة، مع إقدام السعودية والإمارات والبحرين، فجر الخامس من يونيو/ حزيران الجاري، على قطع العلاقات الدبلوماسية مع دولة قطر، وإغلاقهم الحدود البرية والبحرية والمجال الجوي.
وهذه الإجراءات التي تسببت بانتهاكاتٍ حقوقية وإنسانية واسعة، لحقت بالمواطنين القطريين ممن كانوا في زيارات للدول الثلاث، أو يقيمون فيها بهدف العمل أو الدراسة، وهي الانتهاكات التي لحقت أيضاً بمواطني الدول الخليجية الثلاث، التي طلبت من رعاياها مغادرة قطر فوراً تحت طائلة العقوبات.
وتلقت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في قطر، بعد 48 ساعة من الإجراءات السعودية والإماراتية والبحرينية، 400 شكوى من مواطنين قطريين وغير قطريين أفادوا بتعرّضهم لانتهاكات وأضرار، جراء هذه القرارات، حيث يتم إجبارهم على مغادرة أماكن إقامتهم وإعادتهم إلى بلادهم الأصلية، تحت طائلة العقوبات.
ووفق رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في قطر، علي بن صميخ المري، تتعلق أغلب الشكاوى التي تلقتها اللجنة بحظر سفر المواطنين من قطر وإليها، ومنعهم من التنقل والإقامة، وكذلك الترحيل الإجباري للعائلات وتشتيتها، وحرمان الأمهات والآباء من أبنائهم وأطفالهم.
وكذلك تضرّر مواطنين قطريين لديهم شركات وأعمال تجارية في الإمارات والسعودية والبحرين، حيث أصبحوا غير قادرين على التنقل والسفر لمتابعة أعمالهم، فضلاً عن إجبار بعضهم على ترك أعمالهم ووظائفهم وأنشطتهم التجارية والعودة إلى بلدانهم.
كما تلقت اللجنة شكاوى تفيد بإجبار الطلاب القطريين على المغادرة مباشرة وعدم السماح لهم باستكمال امتحانات الفصل الأخير من السنة الدراسية في بعض البلدان المشار إليها.
وشهد اليوم تصعيداً بحرينياً في الأزمة الخليجية التي دخل على جهود الوساطة بها أكثر من طرف، منهم الرئيس الأميركي دونالد ترامب، حيث حذرت السلطات البحرينية وسائل الإعلام في المملكة من نشر آراء مؤيدة لسياسة قطر، ملوحة بإجراءات قانونية ومساءلة "جنائية وإدارية" بحق المخالفين، من دون توضيح طبيعة هذه الإجراءات.
ونبهت وزارة الإعلام البحرينية، في بيان نشرته وكالة الأنباء الرسمية، "وسائل الإعلام كافة إلى ضرورة الالتزام بموقف المملكة المعلن، وبعدم نشر ما يتضمن مساساً بمصالحها العليا المستهدفة من تلك الإجراءات".
وحذرت الوزارة "من نشر أو تداول ما يشكل اعتراضاً على قرارات المملكة أو الدول المتضامنة معها في هذا الشأن، مما يتضمن في محتواه ما ينال من هيبة البلاد واعتبارها، أو مسايرة لسياسة دولة قطر أو تبريرها، أياً كانت وسيلة النشر والتداول".
وكان النائب العام في دولة الإمارات، المستشار حمد سيف الشامسي، قد حذر هو الآخر من إظهار تعاطف مع دولة قطر على وسائل التواصل الاجتماعي، ملوحاً بعقوبة السجن، وبفرض غرامة مالية على المخالفين.
وحمل وزير الخارجية البحريني، خالد بن أحمد آل خليفة، قطر المسؤولية في حالة عدم نجاح المساعي التي يقوم بها أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح، للوساطة في الأزمة.
وقال في تصريحات صحافية "أحمّل قطر المسؤولية في عدم إنجاح هذه المساعي، وأحملهم المسؤولية لأنهم لم يعطوا الشيخ صباح الفرصة في أن يضع الجميع على طاولة واحدة… مسألة نجاح هذه المساعي وما هي نتائجها وماذا ستحقق، كلها تتحملها دولة قطر".
ولم يكشف النقاب بعد عن نتائج الجهود التي يقوم بها أمير دولة الكويت الذي زار الدوحة الليلة الماضية، واجتمع مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وأطلعه على مساعيه في محاولة حل الأزمة الخليجية، وهي الأزمة التي تقول الدوحة إنها تعود إلى سعي السعودية والإمارات إلى توجيه السياسة الخارجية لقطر، تحت ستار اتهامها بدعم الإرهاب وتمويله، وهي الاتهامات التي ترفضها الدوحة، كما ترفض التنازل عن قرارها المستقل وفرض الوصاية عليها.
إلى ذلك، نشرت وزارة الداخلية القطرية النتائج الأولية للتحقيقات في "القرصنة" التي تعرضت لها وكالة الأنباء القطرية، فجر الثالث والعشرين من مايو/أيار الماضي.
وأوضحت أن عملية الاختراق بدأت في إبريل/نيسان، أي قبل شهر من وضع تصريحات منسوبة إلى الأمير الشيخ تميم بن حمد على موقع الوكالة.
وأضافت أن "فريق التحقيق أكد أن عملية القرصنة، استخدمت فيها تقنيات عالية وأساليب مبتكرة من خلال استغلال ثغرة إلكترونية على الموقع الإلكتروني لوكالة الأنباء القطرية، دون أن تحدد الجهة التي تقف وراء القرصنة".