ويعرف البرلمان التونسي انتقادات لاذعة من الرأي العام، تكاد تكون يومية في وسائل الإعلام، وفي تقارير منظمات المجتمع المدني المختصة في متابعة أشغال مجلس نواب الشعب.
وترجمت التقارير بالكاشف استفحال ظاهرة الغيابات، وعجز مكتب البرلمان ورؤساء الكتل على التحكم في الظاهرة، وتسببها في تعطل أعمال البرلمان، وتعطل المصادقة على القوانين القادمة من الحكومة.
ورُفض مقترح الخصم من منح النواب المتغيبين، بالرغم من أنه تم تقديم التعديل بمباركة من رئيس البرلمان، محمد الناصر، وتبناه أعضاء مكتب البرلمان، ووافقت عليه ندوة الرؤساء التي تضم رؤساء الكتل ورؤساء اللجان، وتم تقديم المقترح في ندوة صحافية.
وصوّت أغلبية النواب الحاضرين، في لجنة النظام الداخلي والحصانة والقوانين البرلمانية، وعددهم 5 نواب، برفض المقترح الذي تقدم به رئيس البرلمان، وتبنّاه مكتب البرلمان بالإجماع منذ ما يزيد عن السنة، مقابل 4 نوّاب صوّتوا في صالح المقترح.
ويرى مراقبون أن هناك "لوبياً" برلمانيًّا يرفض بشدة قرار الاقتطاع من المنحة المالية، أو المس بامتيازاته المادية، إذ عطّل تمرير هذا المقترح لفترة تجاوزت السنة، كما انتفض ضد قرار رئيس البرلمان التشهير بالمتغيبين بنشر أسمائهم في وسائل الإعلام وفي أروقة البرلمان.
وينص البند 26 المرفوض، على أن حضور أشغال المجلس واجب على كل عضو في البرلمان، ولا يجوز التغيّب عن أشغال المجلس دون إعلام مسبق، ودون عذر شرعي ومبرّر مقبول قانونًا، كما ضبط مدّة محدّدة للغيابات، عدا حالة المرض التي يتعذّر فيها تحديد مسبق لمدة الرخصة المرضية، كما نص على إجراءات إثبات الغيابات والحضور في اللجان والجلسات العامة.
ونص التنقيح المرفوض، أيضًا، على أنه إذا استمر غياب النائب، رغم الاقتطاع من المنحة، وتجاوز مدّة شهر عمل؛ يوجّه رئيس البرلمان لرئيس الكتلة التابع لها العضو المعني مكتوبًا يشعره بذلك، ويطلب منه استفسارًا، وعند الاقتضاء اتخاذ ما يراه لتفادي الغياب؛ كما يلزم البند بنشر قوائم الغيابات والحضورات، وفسح المجال لاعتراضات النواب والطعن.
وقالت رئيسة "منظمة البوصلة" المختصة في مراقبة أشغال البرلمان، شيماء بو هلال، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن الغيابات في مجلس نواب الشعب ليست استثناءات أو حالات معزولة؛ وإنما ظاهرة جدية يمكن ملاحظتها في مختلف هياكل المجلس، ومن شأنها تعطيل سير الجلسات العامة واجتماعات اللجان، مشيرة في هذا الإطار إلى وجود فرق شاسع بين نسب الحضور ونسب المشاركة في التصويت على مستوى الجلسات العامة، إذ إن مناقشة مشاريع قوانين على مستوى اللجان تكون، في أغلب الحالات، بنسب حضور لا تتجاوز الـ50%.
وتظهر تقارير الرصد الشهرية لمنظمة "البوصلة" أن كتلة حركة "النهضة" الإسلامية هي اكثر الكتل البرلمانية انضباطًا، إذ تقدّم نواب عن حزب "النهضة" قائمة ترتيب الحضورات، بينما تذيّل نواب عن حزب "نداء تونس" القائمة.