مصالح ترامب في أزمة الخليج: استثمارات بالملايين في السعودية والإمارات تتجاوز السياسة

18 يونيو 2017
صفقات شخصية لترامب بالخليج قبل صفقة الرياض(مانديل نغان/فرانس برس)
+ الخط -
بينما يلفّ الغموض الموقف الأميركي حيال ما بات يُعرف بـ"الأزمة الخليجية"، يبدو الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الأكثر حماسة من بين أقطاب الإدارة الأميركية للحملة على قطر. لكن تلك الحماسة لم تكن مدفوعة بـ"الحرب على الإرهاب"، أو "تجفيف منابع تمويله"، كما تروّج أطراف الحملة، وحسب؛ فلدى ترامب مصالح شخصية متراكمة منذ أمد بعيد مع قطبي الأزمة: السعودية والإمارات، كلّلها الملياردير الأميركي بصفقات واستثمارات مجزية، قبل أن يعقد صفقته الأخيرة في الرياض حينما أصبح رئيسًا.


في هذا السياق، خصصت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية تقريرًا موسًّعا، اليوم السبت، للحديث عن المصالح الشخصية التي تربط ترامب بمحوري الحملة على قطر، السعودية والإمارات.

وتذكر الصحيفة أن تعاملات ترامب مع رجال العائلة المالكة في السعودية تمتدّ لعشرين عامًا على الأقل، منذ أن باع فندق بلازا إلى شريك له من الأمراء السعوديين، فضًلا عن أنه كسب ملايين الدولارات من الإمارات مقابل وضع اسمه على ملعب للغولف، وآخر سيفتتح قريبًا. لكنه لم يدخل أبدًا السوق القطرية الآخذة بالازدهار، رغم سنوات من المحاولة.

غير أنّ موقف ترامب اليوم، بعد وقوفه في صفّ شركائه التجاريين، يبعث مجدّدًا المخاوف إزاء التضارب بين دوره العام وحوافزه الماليّة، كما يستنتج معلّق الصحيفة الأميركية، ولا سيما أنّ حديثه الصارخ، الذي تجاوز التغريدات إلى القول صراحة إن "قطر ممولة للإرهاب بمستويات عالية جدًّا"، اختلف بشدّة عن المواقف التي اتخذتها "البنتاغون" ووزارة الخارجية، اللتين حرص ممثّلوهما على إظهار موقفهم المحايد، داعين إلى الوحدة ضدّ العدو المشترك؛ تنظيم "داعش".



وتلفت الصحيفة، في هذا السياق، إلى أن ترامب هو الرئيس الأميركي الأول الذي يبقي على مصالحه التجارية الشخصية بعد دخوله البيت الأبيض، بينما يتعيّن على مسؤولين كبار آخرين في السلطة التنفيذية سحب أصولهم المالية.

ويقول المستشار القانوني لوزارة الخارجية أثناء إدارة باراك أوباما، بريان إيغان، للصحيفة: "ثمة دول أخرى في الشرق الأوسط قد ترى ما يحصل حاليًّا وتفكّر: ربّما يجدر بنا أن نفتتح ملاعب للغولف، أو نشتري غرفًا في (فنادق) ترامب إنترناشونال"، ويمضي بالقول: "حتى لو لم تكن هناك نية مشينة من قبل الرئيس أو عائلته؛ فإن حصول الرئيس على المال من الحيازات التجارية المنتشرة في مناطق حساسة حول العالم من المحتمل أن يكون له تأثير".


ورفض المتحدث باسم البيت الأبيض، مايكل شورت، مناقشة الأسئلة المتعلقة بوجود تضارب في المصالح، غير أنّه اكتفى بالتأكيد على أن ترامب "أخرج نفسه رسميًّا" من إدارة أعماله المنضوية تحت "منظمة ترامب"، وفق ما تورد الصحيفة.

لكن الابتعاد عن إدارة الأعمال والمصالح المالية، من دون التنازل عن ملكيّتها، لا يقلّل من الحوافز أو التنافسات المالية بالنسبة لترامب، كما حذّر مدير مكتب أخلاقيات الحكومة قبل تنصيب الملياردير الأميركي رئيسًا.

وتقول الصحيفة إن تعاملات ترامب مع السعوديين تعود إلى عام 1995، حينما باع فندق بلازا إلى شراكة أسّسها أمير سعودي ومستثمر من سنغافورة. تلك الصفقة، التي بلغت 325 مليون دولار، مكّنت ترامب من الهروب من قروضه المفترضة. الأمير ذاته، كما تضيف الصحيفة، اشترى اليخت المملوك لترامب بـ18 مليون دولار قبل أربع سنوات.

وتقتبس الصحيفة أقوالًا كان ترامب نفسه قد أدلى بها في أغسطس/آب 2015، حينما فاخر بأن "السعوديين اشتروا شققًا منه"، مستطردًا: "إنهم ينفقون 40 مليون دولار، 50 مليوناً، هل من المفترض ألا يروقوا لي؟ إنهم يعجبونني كثيرًا".

في تلك الفترة تقريبًا، قدّمت شركة ترامب الخاصة أوراق عمل لإنشاء ثماني شركات في السعودية، كما تبيّن الصحيفة، وقد كان من المفترض حينها إقامة فندق أو اتفاقية ترخيص في جدة لم تؤتِ ثمارها في النهاية.


وفي مايو/أيار من ذلك العام، وافق حكام المملكة على استثمار 20 مليار دولار في صندوق مخصّص لتدشين استثمارات في البنية التحتية الأميركية، في إطار مبادرة أيّدها ترامب، وقد استقرّت تلك المليارات في صندوق أنشأته مجموعة "لاك ستون" لإدارة الأموال، والتي كان مؤسسها مقربًا من ترامب وابنته إيفانكا، وصهره جاريد كوشنير.

لاحقًا في عام 2005، عقد ترامب أول صفقة له في دبي، بحسب الصحيفة، لبناء فندق مع شركة تطوير تابعة للدولة، قبل أن ينسحب أثناء الأزمة المالية العالمية عام 2008. لكن مع حلول عام 2010، عاد ترامب إلى المنطقة باحثًا عن أعمال جديدة، مع اثنين من أبنائه؛ هما إيفانكا ودونالد الابن.

وارتبط ترامب في عام 2013 مع حسين سجواني، أحد التجار العقاريين الذين يُشار إليهم أحيانًا باسم "دونالد دبي"، كما تقول الصحيفة. كلّ شركات التطوير العقاري الكبرى في الإمارات تعتمد على حكام الدولة، الذين بإمكانهم أن يشرّعوا أو يحظروا مثل تلك المشاريع.


وتضيف الصحيفة أن ترامب وافق على إدارة ملعب للغولف تمّ إنشاؤه بواسطة شركة "داماك"، وهي الشركة التي يديرها سجواني ذاته. إثر ذلك، عمد ترامب إلى تعليق اللوحات الإعلانية للسيدة ترامب، عارضة الأزياء السابقة والمديرة التنفيذية لشركته، في جميع أنحاء المدينة لبيع العقارات، ووصف ذلك الملعب في الإعلان بأنه "أعظم مجمع للغولف في آسيا". ولاحقًا في 2014، وافق على إدارة ملعب آخر بالشراكة مع سجواني.

وحصل ترامب على مليوني إلى 10 ملايين دولار من مشروعي الغولف هذين حتّى قبل افتتاحهما، وفق ما قرأته الصحيفة في بيانات الذمة المالية المقدّمة في مايو/أيار 2016.

ولاحقًا، بعد انتخاب ترامب رئيسًا، عرض سجواني عليه مليارين دولار لتطوير عقارات أخرى. ترامب أعلن لاحفًا، بوصفه الرئيس المنتخب، أنه رفض العرض، قائلًا "لم أكن مضطرًا إلى رفضه"، وقد حاولت الصحيفة التواصل مع شركة سجواني للتعليق من دون أن تتلقّى ردًّا.

لكن بمعزل عن ذلك، تذكر الصحيفة أنه حينما حضر سجواني حفل رأس السنة مطلع هذا العام، الذي أقامه ترامب في منتجع "مار، آيه، لاغو"، أشاد الأخير بأسرة الرجل. وبعد أسابيع من ذلك، حضر ابناه، دونالد الابن، وإيريك، افتتاح أول ملعب للغولف في دبي، وفي مايو/أيار الفائت، نشر سجواني في "إنستغرام" صورة جمعته بترامب أثناء وليمة غداء في دبي، ناقشا خلالها "أفكارًا ومبادرات جديدة"، كما قال سجواني.

وتشير الصحيفة إلى أن تقرير الذمة المالية الذي نُشر أمس الجمعة، أبلغ ترامب عن انخفاض حاد في دخله القادم من دبي إلى حوالى 13 ألف دولار خلال 16 شهرًا، من دون أي تفسير. رغم ذلك، تقول الصحيفة إن ملعب ترامب الثاني للغولف من المتوقع أن يتم افتتاحه عام 2018.

ويفصّل التقرير أن ترامب وابنته إيفانكا بحثا عن صفقات تجارية في الدوحة أيضًا، وقد افتتحت منظمة ترامب في نهاية المطاف شركات لتبادل الأعمال من دون أن تؤدي هي نفسها عمليات مهمة أو تملك أصولًا مالية ذات قيمة. رغم ذلك، كان ترامب قد صرّح لموقع "أخبار الخليج" الإماراتي عام 2010، بعد رحلة إلى قطر، بأن "النمو والتطور حالم ومتميز" هناك.

لكن في نهاية المطاف، بقيت عائلة ترامب "أقل حظًّا" في الدوحة، وفق تعبير الصحيفة، واقتصرت أعمالهم التجارية مع قطر على استئجار مكاتب في برج ترامب في مانهاتن، لخطوط الطيران الوطنية، غير أن الشركة انتقلت قبل أن يصبح ترامب رئيسًا.

(العربي الجديد)