هل تستجيب الأطراف الليبية للدعوة التركية الروسية بشأن الهدنة؟

09 يناير 2020
حفتر يرغب باستمرار المعارك (محمد تركية/فرانس برس)
+ الخط -

رحب المجلس الأعلى للدولة الليبية والمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، بالدعوة التركية الروسية لوقف إطلاق النار في ليبيا، رغم تأكيد المجلس الرئاسي على أن الحرب فرضها اللواء المتقاعد خليفة حفتر، مشدداً في الوقت نفسه على "الترحيب الدائم بأي دعوة جادة لاستئناف العملية السياسية وإبعاد شبح الحرب طبقاً لما ينص عليه الاتفاق السياسي الليبي، ودعم مسار مؤتمر برلين برعاية الأمم المتحد".

في المقابل، لم يصدر حتى الآن أي موقف رسمي عن القيادة العامة لقوات حفتر، بينما دعت البعثة الأممية "جميع الأطراف الدولية والمحلية إلى الاستجابة لهذه الدعوات، والمبادرة فوراً إلى وقف العمليات العسكرية".

وكان الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين ونظيره التركي رجب طيب أردوغان قد دعيا، أمس الأربعاء، الأطراف الليبية لـ"إعلان هدنة اعتباراً من ليل الأحد"، مشددين على "أهمية إشراك كل الأطراف المعنية بالملف الليبي في جهود حل الأزمة الليبية". وتنبع أهمية هذه الدعوة، بحسب المحلل السياسي الليبي الجيلاني ازهيمة، من كونها جاءت من أهم طرفين في الأزمة الليبية وهما تركيا وروسيا.

وأوضح ازهيمة، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أنه "لم يعد خافياً دعم روسيا لحفتر وأن مقاتلي شركة أمنية هم رأس حربة قواته التي تقاتل في طرابلس، كما أن تركيا حليفة لحكومة الوفاق".

وفي أعقاب انتهاء القمة الثنائية التي جمعت بوتين بأردوغان، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إن الرئيسين اتفقا على تكليف وزراء الخارجية والدفاع في البلدين بمواصلة الاتصالات خلال الأيام المقبلة مع كل الأطراف لحشد الدعم لوقف إطلاق النار في ليبيا اعتباراً من يوم 12 يناير/كانون الثاني الجاري.


سياسة القصف العشوائي

على الصعيد الميداني، لا تزال جبهات القتال في غرب مدينة سرت تشهد غموضاً، فبعدما تمكنت قوات الحكومة من صد تقدم لقوات حفتر باتجاه بلدتي بوقرين والهيشة، غرب سرت بنحو 100 كيلومتر، لا تزال الأوضاع غير واضحة حتى الآن، فيما تبدي تصريحات المتحدث الرسمي باسم قوات حفتر، أحمد المسماري، نية الاستمرار في خوض معارك أخرى باتجاه مصراته.

وفي طرابلس، لا تزال قوات حفتر تستخدم استراتيجية القصف العشوائي في المناطق الخلفية لمحاور القتال، فقد شهدت منطقة شرفة الملاحة، المجاورة لمطار امعيتيقة، أمس الأربعاء، عشرات الصواريخ العشوائية دون أن تتسبب في وقوع ضحايا مدنيين، تزامناً مع تبادل القصف المدفعي في محوري صلاح الدين وطريق المطار مع قوات الحكومة.

ويشدد ازهيمة على إمكانية نجاح الدعوة التركية الروسية لوقف القتال، قائلاً "يبدو موقف الحكومة من الحرب ثابت، وهو أنها ترغب في وقف القتال بشرط انسحاب قوات حفتر، وهو ما قد توفره الضغوط الروسية على حفتر بعد تغير بعض العوامل على الأرض، منها سيطرة حفتر على سرت". وأشار إلى أن تلك المكاسب الجديدة الممثلة في كسب حفتر لورقة النفط بعد تأمين منطقة الهلال النفطي بسيطرته على سرت، قد تجعل مبدأ قبوله بالانسحاب جزئياً من جنوب طرابلس مقبولاً.


ويعتبر ازهيمة أن الخطوة الأخرى التي جاءت مع الدعوة لوقف إطلاق النار، وهي الدعوة لإشراك كل الأطراف المعنية بالملف الليبي في جهود الحل، هي خطوة أكثر صعوبة لم تتمكن برلين من تجازوها، بينما يرى الناشط السياسي، عقيلة الأطرش، أن حفتر لن يقبل بوقف إطلاق النار وأنه لا يزال يدور في حلقة مفرغة بين حلفائه.

وأوضح الأطرش، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "حفتر يبدو أنه يفاضل بين من يمكنه دعم موقفه، وهو ما يبحث عنه في روما"، مشيراً إلى أن "حفتر يمكن أن يستغل أيضاً الخلافات بين الجانب الروسي التركي والجانب الأوروبي لاستمرار ضغطه العسكري باتجاه مناطق جديدة كمصراته حالياً".

ولفت إلى أن اشتراك تركيا، في بيانها، مع الجانب الروسي في الدعوة لوقف إطلاق النار قد يضمن لحفتر عدم إرسال قواتها لليبيا التزاماً بموقفها الداعم لوقف القتال، ما يعني فرصة سوف يقتنصها للانفراد بقوات الحكومة التي يبدو أنها دخلت في مرحلة التشتت بين محاور طرابلس ومحاور سرت.

وكانت مصادر ليبية مطلعة من طرابلس، قد أكدت لـ"العربي الجديد"، أن رئيس حكومة الوفاق فائز السراج رفض لقاء حفتر في روما.

وأضافت المصادر أن السراج ألغى رحلته لإيطاليا مولياً وجهته لطرابلس، ما اعتبرته أوساط إيطالية صفعة جديدة وجهها السراج للأوروبيين بعدما طلب منهم سابقاً تأجيل زيارة وفد أوروبي رفيع مكون من وزراء خارجية ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وبريطانيا لطرابلس.

ويقرأ الأطرش مستجدات الساعات الماضية بأنها ستولد اصطفافات دولية جديدة يبدو أن الحكومة أخطأت في الركون لأحدها، موضحاً أن "الجانب الأوروبي يتجه لعقد مقاربة من الدول الداعمة لحفتر وتحديداً مصر، التي استضافت، أمس، اجتماعاً خماسياً ضم أربع دول أوروبية، يضغط باتجاه عودة الملف الليبي لبرلين وفق رؤية أوروبية".

والطرف الآخر، برأي الأطرش، هو التقارب التركي الروسي الذي يبدو أنه يضغط باتجاه تشكيل جبهة سياسية مناوئة مع دول مثل الجزائر تشكل ثقلاً حول طاولة التفاوض في برلين لموازنة نتائج أي تفاوض.

لكن الأطرش يلفت إلى عرقلة كل هذه المسارات إذا ما رفض حفتر الدعوة لوقف إطلاق النار ومضى في عملياته العسكرية، محذراً من اقتراب حفتر من مصراته الذي يرى أنه سينسف كل جهود السلام ويجر البلاد إلى حرب أوسع.

المساهمون