المعارضة تحاول فك حصار داريا... والنظام ينتقم من المدينة

21 يونيو 2016
أُدخلت مساعدات أممية إلى المدينة هذا الشهر(فادي ديراني/فرانس برس)
+ الخط -
تحاول فصائل في المعارضة السورية المسلحة كسر الحصار المضروب على مدينة داريا (جنوب غرب العاصمة السورية دمشق)، إذ شنّت هجوماً على حواجز قوات النظام والمليشيات في المنطقة، التي تفصل المدينة عن جارتها الأقرب، مدينة معضمية الشام، ما تسبّب بحالة من "الجنون" لدى قوات النظام فأمطرت داريا بالقذائف والصواريخ، بالتزامن مع قيام مروحيات النظام بإلقاء عشرات البراميل المتفجرة. وبدأ لواء "شهداء الإسلام"، و"الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام" عملية مشتركة، مساء الأحد، أفضت، حتى ظهر أمس الإثنين، إلى مقتل عدد من قوات النظام والمليشيات التي تقاتل معها، فاضطرت إلى الانسحاب من بعض مواقعها.
وأكد عضو المجلس المحلي في مدينة داريا، إبراهيم خولاني، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن قوات المعارضة السورية تمكنت بالفعل من فتح طريق من داريا إلى معضمية الشام، إلا أن الاشتباكات كانت لا تزال مندلعة، حتى ساعة متأخرة من عصر أمس، مع محاولة قوات النظام استرجاع ما خسرته، ولكنها تواجه مقاومة وصفها بـ"الباسلة" من مقاتلي المعارضة. وأكد خولاني أن النظام "صبّ جام هزيمته على المدينة، إذ استهدفها بعشرات البراميل، والقذائف الصاروخية، بشكل هيستيري، في مسعى منه لثني مقاتلي المعارضة عن التقدّم"، وفق خولاني والموجود داخل داريا.
فيما أفاد المجلس المحلي في مدينة داريا، أن مروحيات النظام ألقت أكثر من ثلاثين برميلاً متفجراً على المدينة، منذ منتصف ليل الأحد حتى ظهيرة أمس الإثنين، إضافة إلى صواريخ أرض-أرض، مشيراً إلى أن طيران النظام ألقى 44 برميلاً متفجراً على داريا الأحد، في الوقت الذي قصفت فيه قوات النظام المدينة بنحو 22 صاروخ أرض-أرض، ومئات القذائف الأخرى.
وأكد المركز الإعلامي في مدينة معضمية الشام أن طيران النظام ألقى "عشرات البراميل المتفجرة" على منطقة البساتين التي تفصل بين المدينتين، كما قصفت قوات النظام الأحياء الجنوبية من معضمية الشام بعشرات الصواريخ، ما أدى إلى نزوح سكانها إلى داخل المدينة. وكانت قوات النظام والمليشيات سيطرت على المنطقة في بداية العام الحالي إثر حملة عسكرية تحت غطاء ناري جوي كثيف، شاركت فيها الفرقة الرابعة التي تعد من أشرس فرق قوات النظام، وأكثرها دموية، ويقودها ماهر الأسد، شقيق رئيس النظام، بشار الأسد، في مسعى منها لاقتحام المدينتين اللتين صعبتا عليها على مدى أكثر من ثلاث سنوات.


ومدينة داريا، وهي من أولى المدن التي تتعرض للحصار من قوات النظام، تعد من كبرى مدن غوطة دمشق الغربية، وأهم المدن المحيطة بالعاصمة دمشق، وارتكب النظام العديد من المجازر بحق أهلها الذين أجبر أغلبهم على تركها واتجهوا خصوصاً باتجاه مدينة معضمية الشام، ولم يبق إلا بضعة آلاف فيها، عدد كبير منهم أطفال ونساء، عانوا ولا يزالون مآسي الحصار والقصف المتواصل بكل أنواع الأسلحة بما فيها تلك المحرمة دولياً.
كما تأتي داريا في مقدمة المدن السورية التي ألقى عليها طيران النظام براميل متفجرة أدت إلى دمار معظم أحياء المدينة، وتغيير معالمها. وحاولت قوات النظام مدعومة بالمليشيات خلال أكثر من ثلاث سنوات اقتحام المدينة، إلا أن محاولاتها باءت بالفشل، وتكبّدت خسائر فادحة بالأرواح والمعدات، إذ قُتل ضباط بارزون في قوات النظام، قادوا عمليات الاقتحام الفاشلة، وتحوّلت داريا إلى "أسطورة صمود" أمام الآلة العسكرية للنظام الذي يحاول جاهداً "الانتقام" منها، وفق ناشطين، من خلال إحاطتها بسور من نار، وإعاقة وصول المساعدات الإنسانية إليها، ضارباً بعرض الحائط قرارات دولية تدعوه إلى تسهيل دخولها.
ودخلت مساعدات إنسانية أممية إلى درايا، لأول مرة، في التاسع من الشهر الحالي، بعد تأخير لعدة أيام بسبب القصف المتعمّد من قوات النظام، كي تعيق وصولها. كما أمطر النظام المدينة بمئات البراميل والصواريخ كي يمنع المجلس المحلي في المدينة من توزيع المساعدات، وهي وفق المجلس، تغطي حاجة ثلث المحاصرين في المدينة ولمدة شهر واحد، فاضطر المجلس إلى "تقسيم، وإعادة توزيع الكميات بحيث تشمل جميع الأسر المحاصرة". وأشار المجلس في بيان إلى أن "كمية المتفجرات القاتلة التي ألقيت على المدينة، خلال أسبوع واحد، تفوق بأضعاف كثيرة كمية المساعدات التي دخلت إلى المدينة بعد انتظار ثلاث سنوات ونصف من الحصار الخانق".
وتقع داريا على أطراف دمشق الجنوبية الغربية وهي على تماس مباشر مع حي المزة الدمشقي، لذا يعمل النظام جاهداً على إحكام الحصار عليها، في محاولة لـ"خنق" المعارضة المسلحة داخلها لـ"تأمين العاصمة". كما لا تبتعد داريا كثيراً عن أهم مطارات النظام في محيط دمشق، وهو مطار المزة العسكري، الذي تحوّل إلى أهم القواعد العسكرية لقوات النظام والمليشيات الموالية له في غرب دمشق، منذ بدء الثورة، ومركز اعتقال قضى فيه المئات من المعتقلين تحت التعذيب.