عقوبات أميركية "من الجحيم" على روسيا... وواشنطن تخشى تدخلاً جديداً بالانتخابات

03 اغسطس 2018
بولتون، كوتس وراي أثناء الإفادة بالبيت الأبيض (مارك ويلسون/Getty)
+ الخط -
قدّم أعضاء بمجلس الشيوخ الأميركي، من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، مشروع قانون، الخميس، لفرض عقوبات جديدة قاسية على روسيا، ولمحاربة الجرائم الإلكترونية، في وقت اتهمت فيه واشنطن موسكو بمواصلة سعيها للتدخل في انتخابات الكونغرس المقررة في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

وفي أحدث مسعى من جانب الكونغرس لمعاقبة موسكو بشأن تدخلها في الانتخابات الأميركية، وأفعالها في سورية وأوكرانيا، ضمّت العقوبات قيوداً مالية على صفقات الدين السيادي الجديدة، ومشروعات الطاقة والنفط، وواردات اليورانيوم، إضافة إلى شخصيات سياسية ورجال أعمال.

كما عبّر مشروع القانون عن دعم قوي لحلف شمال الأطلسي، واشترط موافقة ثلثي أعضاء مجلس الشيوخ أولاً على أي إجراءات تهدف للانفصال عن الحلف.

وتفاعلت الأسواق الروسية مع الإجراء الجديد سريعاً، وانخفض الروبل لأقل مستوى في أسبوعين.

وقال السناتور الجمهوري ليندساي غراهام، وفق ما أوردت "رويترز"، إنّ "نظام العقوبات الحالي فشل في ردع روسيا عن التدخل في انتخابات التجديد النصفي (المقررة في وقت لاحق من) العام الجاري".

وكان غراهام قد ذكر للصحافيين، في وقت سابق، إنّه يخطط لعقوبات "من الجحيم" لمعاقبة روسيا.

غراهام: عقوبات "من الجحيم" لمعاقبة روسيا (أندرو كاباليرو-راينولدز/فرانس برس) 


وأقرّ الكونغرس الأميركي، في الصيف الماضي، مشروع قانون لفرض عقوبات على روسيا، لكن بعض المشرعين عبّروا عن غضبهم إزاء ما يرونه عزوفاً عن تنفيذ العقوبات من جانب إدارة ترامب.

ولم يوقّع الرئيس على مشروع القانون، إلا بعد أن أقرّه الكونغرس وبأغلبية واسعة.

وسعت كثير من بنود الإجراء المقدم، الخميس، إلى تشديد هذا القانون، لكن لم تتضح بعد ملامح العقوبات الجديدة. ويحتاج المشروع لموافقة مجلسي الشيوخ والنواب، ثم يوقعه الرئيس ليصبح قانوناً.


تدخل جديد بالانتخابات

إلى ذلك، قال مساعدون للرئيس الأميركي دونالد ترامب، الخميس، إنّ روسيا تسعى "لاختراق" الانتخابات الأميركية المقبلة، وذلك رغم تأكيد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عدم وقوع أي تدخل.

وشارك أعضاء من فريق ترامب للأمن القومي، في إفادة بالبيت الأبيض، لتأكيد وجود جهود ضخمة في الوقت الراهن لحماية انتخابات الكونغرس المقررة في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، وكذلك الانتخابات الرئاسية المقررة عام 2020.

وضمّ الفريق دان كوتس مدير المخابرات الوطنية، وجون بولتون مستشار الأمن القومي، وكريستوفر راي مدير مكتب التحقيقات الفدرالي "إف بي آي".

وقال كوتس "نحن نقر بوجود تهديد. إنّه حقيقي ومتواصل ونقوم بكل جهد ممكن لتنظيم انتخابات شرعية. إنّه (التهديد) يسعى للاختراق ومستمر بنية... دق إسفين وتقويض قيمنا الديمقراطية".

وكان ترامب عبّر علناً عن شكّه في وجود دور روسي في الانتخابات الأميركية، ليواجه اتهامات من الديمقراطيين والجمهوريين على السواء بأنّه يتجاهل التهديد المحدق بالمجتمع الأميركي.

وقال ترامب، عقب محادثات مع بوتين في هلسنكي يوم 16 يوليو/تموز، "لدي ثقة كبيرة في مخابراتنا لكنني أقول لكم إنّ الرئيس بوتين كان قوياً للغاية في نفيه اليوم".

لكن دان، وبولتون، وراي، وكيرستشن نيلسن وزيرة الأمن الداخلي، قالوا إنّ روسيا تستحق اللوم وكذلك جهات أجنبية أخرى.



وقال راي "هذا ليس تهديداً لدورة انتخابية فحسب"، مضيفاً "أعداؤنا يحاولون تقويض بلادنا بطريقة مستمرة ومنتظمة، سواء كان ذلك في موسم للانتخابات أم غيره". ورفض الرجلان ادعاءات بأنّ ترامب الذي نفى بشكل متكرر أنّ روسيا قد ساعدته على الفوز بالانتخابات، لا يأخذ الأمور على محمل الجد.

وقال مستشار الأمن القومي جون بولتون، في رسالة إلى الكونغرس، إنّ الإدارة الأميركية أخذت "إجراءات تاريخية مكثّفة" لوقف هذا التهديد.


ويقول مسؤولون أميركيون إنّ الأنشطة غير القانونية تشمل جهوداً إجرامية لإعاقة التصويت، وتوفير تمويل غير قانوني للحملة، وهجمات إلكترونية ضد بنى تحتية خاصة بالتصويت، فضلاً عن تسلل إلى أجهزة كمبيوتر كلها تستهدف مسؤولين منتخبين وغيرهم.

وقال مسؤول أميركي كبير، لـ"رويترز"، إنّ حملة التدخل الروسي تسارعت وباتت أكثر تعقيداً منذ انتخابات 2016، وإنّها غير موجهة لترجيح كفة حزب على آخر.

وأوضح المسؤول "أنها تسعى لاستغلال خطوط صدع موجودة في المجتمع والبناء على ما حدث في عام 2016، وليس الأمر مقتصراً على الإنترنت بل يشمل (وسائل الإعلام) المطبوعة والتلفزيون أيضاً وفي بعض الأحيان استخدام منصات قائمة سبقت انتخابات 2016".

وقال كريستوفر راي، خلال الإفادة، إنّ "إف بي آي" فتح تحقيقاً في القضية. وأضاف "نعرف أيضاً أنّ الروس حاولوا اختراق وسرقة معلومات من مرشحين ومسؤولين بالحكومة"، موضحاً أنّ روسيا ليست البلد الوحيد الذي يسعى لتقويض الانتخابات الأميركية، لكنه لم يذكر مزيداً من التفاصيل.

جاسوسة في السفارة

وسط هذه الأجواء، ذكرت وسائل إعلام عدة، الخميس، أنّ "الإدارة الأميركية تشتبه في أنّ موظفة روسية عملت لأكثر من عشر سنوات في السفارة الأميركية في موسكو، كانت تقوم بالتجسس لصالح بلادها".

ونقلت شبكة "سي إن إن" عن مسؤول في الإدارة قوله، إنّ المرأة تم توظيفها من قبل الجهاز السري (سيكرت سيرفس) وهي وكالة مسؤولة عن مهمات الحماية والتحقيقات على الأراضي الأميركية وفي الخارج، من دون أن تُثير الشكوك حتى عام 2016.


وخلال عملية تفتيش روتينية، اكتشفت السلطات الأميركية، أنّ المرأة أجرت محادثات منتظمة غير مصرّح بها مع أجهزة الاستخبارات الروسية "إف إس بي".

وقد تكون هذه المرأة استطاعت الحصول على معلومات سرية، بحسب ما أفادت صحيفة "ذا غارديان" البريطانية التي كانت أول من كشف القضية.

وقال مسؤول كبير في الإدارة الأميركية لـ"سي إن إن"، وفق ما أوردت "فرانس برس"، إنّ المرأة "لم يكن لديها إمكانية الوصول إلى معلومات سرية للغاية". وأضاف "لكنها زوّدتهم بمعلومات أكثر مما ينبغي".

وقد تمت إقالة المرأة، خلال الصيف الماضي، بعد أن سحبت وزارة الخارجية الأميركية تصريحها الأمني.