فيما تشتدّ المحاولات المتلاحقة التي تشنّها قوات اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر على دفاعات قوات الجيش، بقيادة حكومة الوفاق، في محيط طرابلس الجنوبي، يعود الصمت الدولي بعد أسابيع من الحديث عن قرب عقد قمة دولية في برلين لـ"وقف القتال وإعادة إحياء العملية السياسية كحل للأزمة في البلاد".
وأكد المتحدث الرسمي باسم مكتب الإعلام الحربي لعملية "بركان العضب" التابعة للجيش، عبد المالك المدني، صدّ محاولة تقدم لقوات حفتر في محور الزطارنة، جنوب شرق طرابلس، مساء أمس السبت.
وقال المدني لـ"العربي الجديد"، إن "قواتنا نجحت في صدّ هجوم مليشيات حفتر بمحور الزطارنة"، مؤكداً أن الهجوم أدى إلى تدمير آليتين مسلحتين.
وأشار إلى أن قوات الوفاق قتلت عدداً من عناصر قوات حفتر "أثناء محاولتهم الفرار من نيران أبطالنا".
وأكد المدني "جاهزية وحدات الجيش لصدّ أي تقدم في أيٍّ من محاور القتال جنوب العاصمة"، مشيراً إلى أن "قوات حفتر تحاول إحراز أي تقدم، ولو كان طفيفاً لتسجيل نصر عسكري جديد".
لكن مسؤولاً حكومياً رفيعاً بحكومة الوفاق أكد رجوع الصمت الدولي تجاه عدوان حفتر على طرابلس، معتبراً أن "الغموض الذي يلفّ مصير اللقاء الدولي في برلين على علاقة بضوء أخضر جديد لحفتر".
وقال المسؤول لـ"العربي الجديد"، إن "تخلياً جديداً عن الحكومة يلوح في الأفق، فمنذ اللحظات الأولى شعرنا بتكتم في كواليس برلين ومشاورات الإعداد له وإبعاد متقصد للحكومة وممثليها عن الاطلاع على تلك المشاورات التي لم تنتج أي شيء حتى الآن"، كاشفاً عن مطالب من الحكومة لإدانة أعمال حفتر العدوانية على المدنيين والمنشآت المدنية.
وتابع: "هذا أقلّ ما طلبته الحكومة، لكن دون استجابة"، معبّراً عن خشيته أن يكون داعمو حفتر الدوليون والإقليميون قد نجحوا مجدداً في إقناع الأطراف الدولية بضرورة إعطاء حفتر فرصة أخرى.
وقال: "هناك صمت دولي مريب مقابل اشتداد وتيرة حملات حفتر وارتفاعها جنوب طرابلس ليحقق أي تقدم"، مؤكداً أن الحكومة وقواتها تقف على محك وفترة حساسية، فـ"إما إفشال حفتر مجدداً وفضحه أمام المجتمع الدولي وإرغامه على الاعتراف بحق الحكومة وأنصارها، وإما أن يحقق حفتر وحلفاؤه هدفهم وينتهي مشروع الدولة المدنية".
ولفت المسؤول إلى أن لا يزال هناك أمل كبير في أن يشكل الدور الأميركي عاملاً لتغيرات وشيكة بعد انخراط واشنطن في الملف الليبي، خصوصاً بعد إعلانها حضورها داخل مشاورات الإعداد لقمة برلين.
وكان السفير الأميركي لدى ليبيا ريتشارد نورلاند، قد أعلن الأسبوع قبل الماضي مشاركة بلاده في مشاورات الإعداد لقمة برلين بشأن ليبيا، الذي سيشارك فيه عدد من الدول المتدخلة في الملف الليبي.
وأكد المسؤول أن واشنطن ودورها الجديد الفاعل هو ما أزعج موسكو التي بدت في الآونة الأخيرة أكثر ميلاً لدعم خيار حفتر العسكري، معتبراً أن تصريحات وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، التي اتهم فيها واشنطن أخيراً بخرق قوانين حظر توريد الأسلحة المفروض على ليبيا واستخدامها لقاعدة جوية ليبية، جاءت على خلفية سعي حقيقي أميركي للتشديد على تطبيق قرار حظر توريد الأسلحة لليبيا.
وبيّن المسؤول أن من بين المساعي الأميركية الجديدة لتحقيق توازن في الملف الليبي، فَسح المجال للدور الأفريقي المبعد عن الأزمة في ليبيا، ومحاولة شغل الكثير من الفراغات في الملف الليبي الذي تحاول دول أوروبية الاستفادة منه.
وكانت المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة، كيلي كرافت، قد أكدت، في تغريدة على حسابها على تويتر، أمس السبت، أن دعم دور للاتحاد الأفريقي في الأزمة الليبية "سيكون حاسماً لوقف التدفق غير المشروع للأسلحة في ليبيا".
وأثنت وزارة الخارجية الأميركية على دور حكومة الوفاق بليبيا في مكافحة الإرهاب، مؤكدة أنها "شريك وثيق للولايات المتحدة في جهود مكافحة الإرهاب بمشاركتها في التحالف العالمي لهزيمة تنظيم الدولة الإرهابي".
وبحسب تقرير صادر عن الخارجية الأميركية، الجمعة الماضي، أجرت حكومة الوفاق مشاورات لتطوير استراتيجية مكافحة الإرهاب.
واعتبر المسؤول الحكومي أن مخرجات برلين لن تنتهي إلى حلول عملية تمكّن للسلام في ليبيا، إلا إذا حُيِّد تأثير الدول التي لا تزال تقدم الدعم لحفتر، محذراً من أن "تنجرف الساحة الليبية إلى ساحة صراع دولي بعد تصريحات لافروف الغاضبة تجاه الدور الأميركي في البلاد".