جدلٌ في الجزائر لعدم تأبين الجيش "شهداء عزابة"

02 اغسطس 2018
حظيت عائلات الضحايا بتضامن شعبي واسع(بلال بن سالم/Getty)
+ الخط -


يثيرُ تحفظ الجيش الجزائري عن إصدار بيان تأبين سبعة عسكريين قضوا في اعتداء إرهابي وقع يوم الإثنين الماضي شرق البلاد، جدلاً ونقاشاً محلياً، إذ فيما يعتبر متابعون أن عدم إصدار بيان التأبين يمثل إخفاقاً في السياسة الاتصالية للجيش، يعرب آخرون عن اعتقادهم بأن الأمر يتعلق برغبة الجيش في عدم التأثير في معنويات العسكريين، ومنح فرصة للجماعات الإرهابية للانتشاء بهذه العملية.

وكانت وحدة من الجيش الجزائري قد تعرضت لكمين نفذته مجموعة إرهابية في منطقة بيسة قرب بلدة عزابة في ولاية سكيكدة، ما أدى إلى مقتل سبعة عسكريين، وإصابة 14 آخرين.

ولم تعلن السلطات الرسمية تفاصيل الحادثة، لكنها أعلنت في المقابل مقتل أربعة إرهابيين من المجموعة المهاجمة، وتواصل عملية ملاحقة باقي عناصرها.

وكانت مصادر أمنية محلية قد أوضحت في حديث سابق لـ"العربي الجديد"، أن المجموعة التي يحاصرها الجيش في منطقة تنفيذ الكمين، يفوق عدد عناصرها 17 مسلحاً، يرجح أن يكون من بينهم قائد تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، عبد المالك درودكال".

وفي ظلّ غياب بيانات رسمية، واكتفاء وسائل الإعلام الرسمية بالتعاطي مع الحادث في شقّه المتعلق بتضحيات الجيش، نشطت مواقع التواصل الاجتماعي والصفحات الإخبارية المحلية، في نشر صور العسكريين السبعة وتأبينهم ومتابعة مراسيم دفنهم والتواصل مع عائلاتهم، وحثّ الجزائريين على التضامن معها.

ورأى المحلل السياسي نصر الدين بن حديد، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "الجيش يمارس حالة من الانغلاق من دون معنى"، معتبراً كذلك أن هذا الانغلاق في الإدارة الاتصالية للجيش "لا معنى ولا مبرر له، بفعل وجود وسائل التواصل الاجتماعي".

وذهب الخبير في الشؤون الأمنية زهير بوعمامة في اتجاه قراءة مختلفة للموضوع، معرباً عن اعتقاده بأن الجيش الجزائري سيعلن تفاصيل العملية، لكن السؤال فقط هو عن تأخر الإعلان، مشيراً إلى أنه "لا يرغب في إلقاء بيان تأبيني، يبدو فيه في صورة الضحية وغير قادر على الفعل، لأن ذلك يمكن أن يضر بصورته وقدرته في الوعي الجزائري، بخاصة في هذه المرحلة الحرجة التي تسبق الاستحقاق الرئاسي".

وقال بوعمامة إن "القوات المسلحة ربما تفاجأت بهذه العملية الإرهابية في توقيتها، وفي مكان وقوعها، والجاري الآن هو عملية تمشيط واسعة في المنطقة بدأت تحقق فيها قوات الجيش بعض الإنجازات من خلال القضاء على مرتكبيها"، متوقعاً أن يصدر الجيش بياناً بعد إتمام العملية، بحيث يكون شاملاً، ويتضمن ما تكبدته القوات المسلحة وما حققته نظير ذلك".

وتضع بعض التحاليل مسألة حساسة تتعلق بمعنويات الجيش، ضمن الحسابات التي توختها القيادة العسكرية حين تجنبت إصدار بيان عن العملية، يتخطى الإعلان عن قتلى الإرهابيين.


وفي رأي أستاذ العلوم السياسية في جامعة ورقلة جنوب الجزائر، مبروك كاهي، فإن عدم إصدار الجيش أي بيان بشأن الشهداء السبعة، "قد يعود إلى محاولة تجنب التأثير في معنويات الجيش، والانتظار إلى غاية تحقيق منجز عسكري ضد المجموعة الإرهابية المهاجمة بالقضاء على جل عناصرها".

ورأى كاهي أنه "في الحقيقة، كان من المفروض أن يصدر البيان قبل أن يتم دفن الجنود احتراماً لأرواحهم الطاهرة وإعطاء عهد بالأخذ بثأرهم والاقتصاص من الجناة المجرمين، والتأبين في بيان رسمي يجب أن يكون مرتبطا برد فعل قوي من الجيش يحمل وعداً برد حازم"، معرباً عن اعتقاده بأن ذلك "قد يكون متعمداً، من أجل عدم بث روح اليأس في صفوف الجيش، ولعدم إعطاء فرصة لوسائل الاعلام، خصوصاً الأجنبية منها، للنبش في الموضوع أيضا".

وأقيمت للعسكريين السبعة الذين قضوا في كمين الإثنين الماضي، جنازات شعبية تكريماً لهم ولتضحياتهم، كما تلقى ذووهم وعائلاتهم كماً هائلاً من المواساة والتضامن الشعبي.