وتجلّى الترحيب التونسي بفوز ماكرون من خلال تهنئة الرئيس التونسي، الباجى قائد السبسي، للرئيس الفرنسي المنتخب، مبينا أن انتصاره يعكس "وفاء فرنسا لقيمها التقليدية المتمثلة في الحرية والمساواة والإخاء".
وفي السياق، أكدّ القيادي في "التيار الديمقراطي"، محمد عبو، لـ"العربي الجديد"، أنّه بالنظر إلى الارتباطات الكثيرة التي تجمع فرنسا بتونس، فإن "نتائج الانتخابات الفرنسية لها تأثير على العلاقات الثنائية بين البلدين، خاصة أنها انحصرت بين يمين متطرف وتيار وسطي"، مبرزا أنّ "الكثير من التونسيين لن يكونوا سعداء لو فازت لوبان، لأنها تمثل اليمين المتطرف، وهي رمز للعنصرية".
وأشار عبو إلى أن "الأفكار المتطرفة يجب أن تتراجع من فرنسا ومن العالم أجمع"، معتبرا أن "مجرد صعود لوبان إلى الدور الثاني دليل على أن العنصرية بدأت تجد طريقا للانتشار في فرنسا، ما يعتبر مؤشرا خطيرا"، موضحا أن "والد لوبان سبق له أيضا أن وصل إلى الدور الثاني في العام 1998، لكن اليمين المتطرف لا يمثل فرنسا التي تبقى بلد الأنوار وحقوق الإنسان".
وأضاف أنّ "نجاح ماكرون في الوصول إلى الرئاسة سيمكّن من تمتين العلاقات التونسية الفرنسية، لتتجه أكثر نحو مزيد من تشجيع السياحة وتوثيق التعاون السياسي والاقتصادي".
وقال النائب عن "حركة النهضة" ووزير التكوين المهني والتشغيل سابقا، نوفل الجمالي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "هناك ارتياحا كبيرا لفوز ماكرون، والذي يمثل انتصارا للتيارات الوسطية وللتيار المعتدل المنفتح على الآخر"، معتبرا أن "السياسة الناجحة هي للتيارات الوسطية، أما التيارات المتطرفة فلا يمكن أن تكون الحل، أو تجيب على تطلعات الشعوب".
وبيّن الجمالي أن "انتخاب ماكرون سيكون فاتحة خير على العلاقات التونسية الفرنسية، فقد زار الرئيس المنتخب تونس، ويبدو أن لديه رؤية إيجابية للعلاقات الثنائية، وسبق له أن عبّر عن ذلك من خلال العديد من التصريحات".
واعتبر النائب عن حركة "مشروع تونس"، الصحبي بن فرج، أنّ "تأثير اليمين المتطرف كان سيكون له تأثير على واقع التونسيين المقيمين في فرنسا، أما على مستوى العلاقات الخارجية ففوز اليمين أو اليسار لن يؤثر كثيرا، لأن العلاقات التونسية الفرنسية علاقات قديمة وتاريخية".
وذكر بن فرج لـ"العربي الجديد" أن "اليوم أكثر طمأنينة وأمانا بعد فوز ماكرون، الذي ينتمي للعائلة السياسية المعتدلة، وفاتحة خير على استمرارية العلاقات التونسية الفرنسية"، معتبرا أن "ما لوحظ هو نهاية الأحزاب التقليدية والشخصيات التقليدية، وبداية تجديد الفكر السياسي وطريقة الوصول إلى السلطة".
وأشار المتحدث ذاته إلى أنّ "تونس يمكن أن تستلهم من التجربة الفرنسية، وقد تكون النتيجة مثالا يحتذى لأخذ العبرة، خاصة أن البلاد تعيش مرارة أيضا في فشل الأحزاب التقليدية في ممارسة السلطة".
وأكد الأمين العام لـ"الحزب الجمهوري"، عصام الشابي، أنه لم تكن لديه مخاوف من نتائج الانتخابات الفرنسية وتداعياتها على تونس، مبينا أنه كان شبه واثق من تصويت الشعب الفرنسي بمختلف انتماءاته لماكرون، وعدم المساس بالعلاقات الاستراتيجية لفرنسا.
وأوضح الشابي، لـ"العربي الجديد"، أنه "لو فازت لوبان كانت ستحصل ثورة في الخيارات الفرنسية"، معتبرا أن "المفاجأة ليست في نتائج الانتخابات الفرنسية، بل في حصول لوبان على حوالي 34 في المائة من الأصوات، وهي ضعف النتائج التي كان حصل عليها والدها سابقا في مواجهة جاك شيراك، ما يدل على أن اليمين الفرنسي تقدم وأصبحت له شعبية".
واعتبر الأمين العام لـ"حركة الشعب"، زهير المغزاوي، أنّه "لا توجد مخاوف بعد فوز ماكرون على العلاقات التونسية الفرنسية"، مؤكدا أن "سياسة ماكرون لا تختلف كثيرا عن سياسة سلفه فرانسوا هولاند والرؤساء الذين سبقوه، وبالتالي سيتم المحافظة على الطريقة نفسها في التعاملات وفي السياسة الفرنسية".
وأوضح المغزاوي لـ"العربي الجديد" أنّ الرئيس الفرنسي المنتخب لن يخرج عن الخطوط العريضة لطبيعة السياسة الفرنسية، معتبرا أن "الفرق ربما كان ليحصل لو فازت لوبان بالرئاسة، ويبدو أن فرنسا اختارت المرشح الأقل سوءا، والبعيد عن العنصرية وعن إثارة النعرات والتطرف".
وأضاف الأمين العام لـ"حركة الشعب" أنّ "فوز لوبان كان سيشكل صدمة وكارثة على العديد من الدول وعلى المهاجرين، ومنهم التونسيون، لأن سياستها قائمة على العنصرية"، معتبرا أن "التعهدات التي قدمها ماكرون تجاه محاربة الإرهاب يجب أن تكون واضحة، وأن تتجلى سياسة فرنسا في إعلان محاربة "داعش"".