مغربيات سبتة وموسم الهجرة إلى سورية

03 فبراير 2015
فتيات سبتة القاصرات يقصدن سورية أيضاً (راكيل ماريا كاربونيل/getty)
+ الخط -
رحمة، شابة مغربية، لا يتجاوز عمرها ثمانية عشر عاماً، تنحدر من مدينة سبتة في شمال المملكة المغربية، والتي تقع تحت سيادة السلطات الإسبانية. غادرت رحمة أسرتها الصغيرة في اتجاه سورية، من أجل الالتحاق بصفوف تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش).

رصدت جريدة "إلفارو" الإسبانية خيوط هجرة رحمة من سبتة المحتلة إلى سورية. وتنقل رواية لأمها المريضة، تقول إنّ ابنتها لم تكن تظهر عليها أية مؤشرات بالتطرّف، قبل أن تقرّر مغادرة مدينتها إلى "التراب المغربي" بقصد جلب بعض الحاجيات.

تضيف الأم أنّ أياماً مرّت على اختفاء رحمة قبل أن تصلها أخبار بأن ابنتها توجد الآن في سورية للقتال مع تنظيم "داعش"، مشيرة إلى أن "أخ رحمة الأكبر كان قد غادر بدوره مدينة سبتة، بهدف القتال بصفوف الجماعات المسلّحة، قبل أن يلقى حتفه على الأراضي السورية".
تشير تحريات السلطات الإسبانية إلى أنّ رحمة مهدت لانتقالها من سبتة إلى سورية للانضمام إلى "داعش"، عبر اتصالات أجرتها مع خلايا توجد في شمال المغرب، وتنشط في تهجير عدد من الشباب، ومنهم العنصر النسائي، إلى جبهات القتال بالعراق وسورية، ضمن صفوف "داعش".


وتورد صحف مغربية بين الفينة والأخرى حكايات مغربيات أو إسبانيات من أصل مغربي، غادرن منازلهن في سبتة إلى سورية. لبنى محمد (21 عاماً) هي واحدة منهن. قرّرت لبنى الالتحاق بالتنظيم بعدما كانت فتاة نشيطة ومحبة للحياة، قبل أن تتحول إلى فتاة منطوية ومتطرفة.
فتيات سبتة القاصرات يقصدن، بدورهن، سورية للانضمام إلى "داعش". الطفلة نوال ديلال (14 عاماً) قررت في آب/أغسطس الماضي، الالتحاق بالتنظيم، برفقة صديقتها فوزية علال (19 عاماً) قبل أن يُحبط الأمن الإسباني محاولة نوال، ويودعها بمركز إيواء الأطفال القاصرين في مدريد.
وتعتمد السلطات الأمنية الإسبانية على التعاون مع المغرب في مجال إحباط محاولات خلايا إرهابية لتجنيد وتهجير العديد من الشباب، خاصة في سبتة ومليلة، إلى بؤر التوتر للقتال في صفوف الجماعات "الجهادية"، وهو ما يفسر الاتفاقيات الأمنية الكثيفة التي تجمع بين الرباط ومدريد.
وأشاد وزير الداخلية الإسباني، فيرنانديز دياث، أكثر من مرّة، بالتنسيق الأمني مع المغرب في مجال تفكيك الخلايا "الإرهابية"، كاشفاً أنّه تم القبض على العديد منهم بمساعدة الأجهزة الأمنية للمملكة.
ويفسر مدير مجموعة الأبحاث والدراسات الدولية حول إدارة الأزمات بجامعة مراكش، إدريس لكريني، لـ "العربي الجديد"، تنامي ظاهرة توجه فتيات من سبتة الواقعة تحت السيادة الإسبانية للقتال مع "داعش"، بأمرين. الأمر الأول يعود إلى أنّ التطرف والإرهاب ظاهرتان عابرتان للحدود، ولا يمكن محاصرتهما بتدابير داخلية فقط، والأمر يستدعي إجراءات وتدابير وتنسيق إقليمي ودولي.
ويوضح أنّ "الجماعات المسلّحة توظف بصورة مكثفة تقنيات الاتصال الحديثة لنشر أفكارها، وتجنيد المقاتلين في صفوفها من مختلف أنحاء العالم؛ كما تستفيد من وجود أصوات متطرفة تروّج لطروحاتها، ولو بشكل أقل حدّة، عبر شبكات التواصل الاجتماعي".
أما الأمر الثاني الذي يفسر تنامي هذه الظاهر فهو فشل الدول الغربية، رغم هامش الانفتاح والرفاه الذي تعيشه، في إدماج مختلف المكونات الاجتماعية بداخلها في إطار مواطنة تحتمل الجميع، إذ إنّ العديد من الملتحقين بهذا التنظيم ولدوا داخل عدد من الدول الأوروبية وتشبعوا من مظاهر ثقافته، بحسب لكريني.
ويلفت الخبير السياسي إلى أن "هناك عدداً من الأشخاص ذوي الأصول الأوروبية التحقوا بهذا التنظيم، وغيره من التنظيمات المتطرفة والجماعات المسلحة، لكن الإعلام  يركز على ديانتهم فقط، دون التطرق لأصولهم أو للبيئة التي ترعرعوا فيها".
ويخلص إلى أن "الإرهاب والتطرف لا رسالة لهما، كما لا دين لهما، وتنامي تجنيد شباب من أوروبا في صفوف الجماعات الإرهابية يطرح تساؤلات حول قنوات التنشئة التقليدية والحديثة في ترسيخ قيم التسامح والحوار داخل المجتمع".
دلالات
المساهمون