اليسار الدانماركي يحذّر من "هيستيريا" المقترحات الأمنيّة لأحزاب اليمين

11 يناير 2015
اليسار يطالب بوقف التحريض ضد المسلمين (فرانس برس/Getty)
+ الخط -
حذّر اليسار الدانماركي، ممثلاً بحزب "اللائحة الموحدة"، اليوم الأحد، من "هيستيريا" التشديدات والقوانين التي يقترحها اليمين ويمين الوسط على خلفية الحدث الباريسي، داعياً إلى عملية "تبريد الرؤوس"، ومطالباً بوقف التحريض على قوانين تمس المسلمين الدانماركيين و"الاستعجال باستغلال ما حدث في فرنسا استناداً إلى رهاب من المسلمين".

وقالت المقررة السياسية لكتلة اليسار في البرلمان، يوهنا شميت نيلسن، إن السياسيين الآن يحتاجون إلى "المحافظة على صفاء الذهن وليس الانجرار بقرارات هامة خلف الأحداث الرهيبة التي يمكن أن تجعل البعض يتخذ قرارات تتعارض مع الخصوصية والقوانين والالتزامات الدولية".

ويذكّر اليسار أنه "بعد هجمات 11 سبتمبر، تم اتخاذ مواقف وقرارات أثبتت الأيام خطئها بدون مناقشة جدية لتأثيراتها السلبية".

ومن تلك القرارات التي ينتقدها اليسار في البرلمان الدانماركي، محاولة منح صلاحيات أمنية واسعة لجهاز الاستخبارات المحلي بما يصفه "تسلّط يشبه تسلط الأجهزة الأمنية الأميركية".

وأوضحت نيلسن أنه "تم في السابق الدفع بعمليات سرية وضعت الدانماركيين جميعاً تقريباً تحت سلطة المراقبة الأمنية في مراسلاتهم الرقمية". وهي بذلك تشير إلى تسابق سياسي لمنح الاستخبارات المزيد من الأموال للقيام بعمليات "سرية وخاصة"، يخشى اليسار والمسلمون أن تحول هؤلاء إلى مشبوهين بالجملة وتحت رقابة أمنية متشددة.

وتستند بعض الأحزاب في اندفاعها لدعم أجهزة الأمن على ذرائع وجود تهديدات "أمنية خطيرة تطال الدانمارك"، ويتزعم حملة التشدد ودعم الأجهزة الأمنية حزب "الشعب الدانماركي"، اليميني المتشدد، الذي تعطيه استطلاعات الرأي خلال الأيام الماضية تقدماً على كل الأحزاب في الانتخابات العامة هذا العام.

واللافت في قلق اليسار، ممثلاً بحزب "اللائحة الموحدة"، أن النقاش السياسي والقانوني هذه الأيام "يعتمد على إشاعة الذعر والتخويف وتنافس في التطرف والتشدد بين قوى سياسية يفترض بها أن تتروّى وتفكر بما تقدم عليه"، هذا إلى جانب توافق "الاشتراكي الديمقراطي"، الحاكم، مع يمين الوسط واليمين المتشدد في اللغة السياسية والإعلامية والاندفاع نحو إسقاط التعميم على المسلمين.

ويذهب منتقدون للتسرع الدنماركي في مجاراة المواقف الأميركية، إلى التحذير من عواقب تلك السياسات المهيّجة والمشرعنة لليمين المتطرف.

وقال أحد أئمة المساجد، عبد الله إسماعيل، لـ"العربي الجديد": "من المفترض أن يتحاور جميع العقلاء، مفكرين وسياسيين وإعلاميين، تحت سقف الحريات لتهدئة خطاب التشنج والتحريض، لأن العواقب ليست في مصلحة أحد".

ويخشى كثير من المراقبين والمحللين من أن يستطيع "جو الرعب والذعر من أحداث باريس التحكم بتوجهات الحكومة ومسانديها إلى حد منافسة المتطرفين في التشدد اللفظي وفي القرارات".

وحسب مصادر خاصة لـ"العربي الجديد"، في كوبنهاغن، فإن ما يقلق اليسار الدانماركي وغيره من الأوروبيين هو "استغلال الأحزاب الحاكمة للوضع الحالي من أجل تمرير نهائي لفكرة القلعة الأوروبية بالتعاون مع أميركا وكندا بحجة منع الإرهابيين من عبور الحدود، بينما في الواقع تثبت الأحداث بأن هؤلاء الذين ينفذون هجمات هم مواطنون وبعضهم ولدوا داخل الحدود الأوروبية".

وأشارت تلك المصادر إلى "لعبة خبيثة تلعبها الآن بعض القوى لتمرير قوانين داخل البرلمان الأوروبي طالب بها وزراء العدل في السابق ولم ينجحوا بتبنيها في البرلمان الأوروبي، وهم يستغلون الحدث للضغط من أجل فرض رقابة صارمة تجعل من الدول دول بوليسية والتدخل حتى في الشؤون الخاصة جداً للمواطنين، وهو ما كان البرلمان الأوروبي يعارضه، لكن في ظل الهيستيريا المختلقة الآن فهم يريدون تمرير سياسات أميركية سابقة في عهد الرئيس السابق جورج بوش بعد 11 سبتمبر/ أيلول، لكنهم يتغافلون عن أن أوروبا ليست الولايات المتحدة، وحدودها الجنوبية ليست المكسيك، ولا تركيبتها السكانية هي نفسها كما كانت قبل 40 سنة".
المساهمون