وطالبت كتلة من المحامين، في بيان، عُرف باسم "مجموعة المحامين من أجل الكرامة الإنسانية"، اليوم الخميس، السلطات بالتوقف عن استغلال أزمة انتشار فيروس كورونا الجديد للاستمرار في ملاحقة الناشطين والأصوات المعارضة.
وجاء في البيان الذي وصلت إلى "العربي الجديد" نسخة منه، أنّ "مجموعة المحامين من أجل الكرامة الإنسانية تعرب عن استيائها الشديد بسبب استمرار السلطة في التضييق على نشطاء الحراك الشعبي والمجتمع المدني ومطاردتهم بالاستدعاءات أمام الضبطية القضائية"، مشيراً إلى أن ذلك "يأتي ونحن في الجزائر، على غرار العالم أجمع، في وضع صحي كارثي استثنائي، كما يستمر التحرش السياسي الأمني بالنشطاء رغم التزامهم بقواعد الحجر الصحي من جهة ومساهمتهم الفاعلة في التوعية والوقاية والإغاثة".
وكان البيان الذي وقعه عدد من أبرز المحامين والناشطين الحقوقيين في الجزائر، بينهم مصطفى بوشاشي وعبد الغني بادي وزكريا بن لحرش وفريدة بلفراق، يشير إلى استمرار اعتقال السلطات للناشطين وإجراء محاكمات ضدهم، كانت آخرها اعتقال الناشط خليل رحال، أمس الأربعاء، وإدانة الناشط ابراهيم دواجي، اليوم الخميس.
وانتقدت كتلة محامي المعارضة والحراك الشعبي هذه الممارسات، وطالبت السلطة الحاكمة في الجزائر باحترام الدستور والامتثال لما تفرضه العهود والمواثيق الدولية التي صادقت عليها الجزائر في مجال حقوق الإنسان.
وأوضح البيان أن السلطات نفسها تقوم بخرق للمرسوم المحدد لتدابير للوقاية من انتشار وباء فيروس كورونا ومكافحته، مبيناً أن "هذه الوضعية التي يبدو واضحاً أن دوائر السلطة وأجهزتها تتوزع فيها الأدوار بين خطاب مهادن وواقعي قمعي، تجعل نشطاء الحراك في حيرة من أمرهم، ففي حالة الامتثال للاستدعاء الموجه لهم سيعرضون صحتهم وصحة الجزائريين والجزائريات للخطر، وفي حالة عدم الاستجابة للاستدعاء يحتمل أن تتخذ إجراءات ضدهم باسم القانون المسلط عليهم كسيف الحجاج".
في المقابل، سرعان ما رد محامون موالون للسلطة والذين يدعمون الحكومة وخططها السياسية، ببيان مواز نشر اليوم الخميس، ووقعه نقيب المحامين أحمد ساعي وعدد من المحامين، وحمل عنوان "محامون من أجل الدفاع عن استقلالية المهنة"، طالبوا فيه "بعدم الانجرار وراء دعوات ومحاولات إقحام المهنة في التجاذبات السياسية المغرضة مهما كان مصدرها، والتمسك بواجبات المهنة والتحلي بروح التضامن الوطني، والمحافظة على نبل المهنة وشرفها، واستقلاليتها واحترام قانونها وأخلاقياتها".
ووصف بيان هذه المجموعة، مواقف الكتلة السابقة من المحامين المعارضين بأنها "أصوات هنا وهناك تصر على إيجاد مبررات للإجرام والمجرمين تحت ذرائع شتى، في الوقت الذي تتصدى فيه الضبطية القضائية وجهاز القضاء لهذه الجرائم بصرامة القانون"، إزاء ما يعتبرونه "فئة من المنحرفين وهي قلة قليلة، استغلت الظرف لنشر الأخبار والإشاعات المغلوطة والكاذبة، ومحاولة المس بالنظام العام والأمن العام، والتلاعب بقوت المواطن، والسطو على بيوت من هم في الحجر الصحي وغيرها من الآفات التي لا يخلو منها مجتمع في مثل هذه الظروف"، حيث تجتاز الجزائر على غرار بلاد العالم محنة بفعل وباء كورونا.
ولم يفوت بيان كتلة المحامين الموالين تثمين جهود "السلطات العمومية بمختلف مكوناتها الصحية والأمنية والإدارية التي تعمل على التخفيف من حدة آثاره بجميع الوسائل المتوفرة والمتاحة، والشعب الجزائري الأبي الذي هب في عمل تضامني لتقديم التبرعات المالية والمساعدات المادية بمختلف أنواعها داخل الوطن وخارجه لمؤازرة المتضررين من هذا الوباء".
وعلى الرغم من وجود توافق بين المحامين في بداية الحراك الشعبي على دعم الحراك، إلا أن تطورات الأوضاع السياسية في الجزائر لاحقاً، خاصة مع دخول الجيش كعامل مركزي في المشهد وإجراء الانتخابات الرئاسية الأخيرة في ديسمبر/كانون الأول الماضي، انقسم المحامون بين كتلة تمسكت بموقفها الداعي إلى توسيع هامش الحريات ودعم الحراك المستمر، وبين كتلة ثانية أبدت مواقف مؤيدة للخيارات التي فرضها الجيش وللسلطة السياسية الجديدة.